كيف أصبحت شيوعياً

- ضيفنا اليوم الرفيق معروف أبو دهن.. رفيقنا المحترم أبو محمد كيف أصبحت شيوعياً؟

- بداية لا بد من توجيه الشكر لجريدتنا قاسيون على هذه الزاوية، التي لا تبحث عن مناصب الشيوعيين، بل عن تاريخهم وانتمائهم للحزب منذ عشرات السنين يوم لم تكن هناك أية مكاسب على الإطلاق، بل كان الانتماء مرجلة حقيقة وشرفاً كبيراً أن تدافع عن العمال والفلاحين، وبالتالي الدفاع عن الوطن.

تعود بي الذاكرة إلى عام 1950 حيث كنت أشاهد المظاهرات في شوارع السويداء، وكانت في أغلبها من الطلاب. ولفت نظري أحد الطلاب مرفوعاً على أكتاف زملائه وهو يهتف: «خبز وسلم وحرية»، ودخل هذا الشعار إلى عقلي، وازددت اقتناعاً بهذا الشعار عندما جرى الهجوم على الشاب من عناصر أحزاب سياسية أخرى، ومن الدرك، ورموه أرضاً، فوجدت نفسي مدافعاً عنه ومشتركاً في المواجهة. ومنذ ذلك الحين أصبحت من عداد هؤلاء المشتركين في المظاهرات، وأحد الذين يرفعون على الأكتاف للهتاف في جماهير المظاهرات. واعتقلت في إحدى المظاهرات من الدرك مع عدد من الطلاب، تبين لي أنهم أعضاء في الحزب الشيوعي السوري. وهكذا تعرفت على الحزب من خلال المظاهرات في الشارع، وقد أشرف على تنظيمي الأستاذ فوزي الجابر، وقد حملت شرف الانتماء للحزب منذ عام 1951 ولا أزال على هذا الطريق.

أنا وأمثالي من فقراء شعبنا لم ندخل الحزب نتيجة تطوير ثقافي ذاتي، بل شدنا الواقع الطبقي الذي كنا نعيشه، والشعارات التي كان يرفعها الحزب دفاعاً عن العمال والفلاحين، والسلوك المميز لشباب الحزب في المجتمع وروح الإقدام لديهم في مساعدة الناس واحترام العادات والتقاليد الإيجابية، وخاصة الدفاع عن الوطن، وهي تقاليد موروثة من أيام الثورة السوري الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش، وهناك شعارات شعبية وطنية فرضت نفسها في المجتمع وأهمها: «تربة وطنا ما نبيعا بالذهب» «دم الأعادي نجبلو بترابها»، و«لو دعانا الواجب مشينا» الخ.. وقد جاءت الأفكار الشيوعية الداعية إلى مقاومة الاستغلال والقهر منسجمة مع تراثنا، وجاءت بطولات الشعب السوفييتي ضد النازية وملاحم ستالينغراد وموسكو لتؤكد أن أولى واجبات الشيوعي الدفاع عن الوطن حتى الاستشهاد، وبالوقت نفسه الدفاع عن حق المواطن في الخبز والحرية. وهنا أذكر الاحتفال الجماهيري في داري الذي أقامته المنظمة في السويداء بمناسبة عيد الأول من أيار عام 1954. ومنذ ذلك الحين تحولت هذه الدار إلى بيت الشيوعيين في السويداء أقيمت فيها عشرات المعارض والندوات والحوارات من أجل رفع راية الحزب وعودة دوره الحقيقي بين الجماهير. ويذكر العديد من الرفاق الندوة المركزية التي أقيمت في بيتي عام 2003 بعد توقيع ميثاق شرف الشيوعيين السوريين التي حضرها أكثر من مائتي رفيق وصديق «حول سبل الخروج من الأزمة».

كنت و لاأزال وأنا الآن في بداية العقد الثامن من العمر، أنظر إلى المهمة الحزبية، كتكليف وليس كتشريف، لأن الرفيق لا يمثل نفسه بل يمثل الحزب ويستمد قوته منه. شغلت العديد من المهام: عضو منطقية، عضو مكتب نقابة عمال النقل، وعضو مكتب تنفيذي في اتحاد عمال السويداء، عضو مجلس مدينة، اعتقلت عدة مرات أبرزها عام 1970 إثر الاحتفال الجماهيري في منزلي بمناسبة ذكرى ميلاد لينين. أنا شيوعي متفائل دوماً بالمستقبل ومؤمن بشرف الانتماء للفكر الشيوعي ومؤمن أكثر بضرورة وحدة الشيوعيين السوريين، وهنا أوجه تحية خاصة للدور الذي تلعبه صحيفة قاسيون بهذا الصدد منذ توقيع ميثاق شرف الشيوعيين السوريين في 15/3/2002 فإلى الأمام تحت شعار: كرامة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.

آخر تعديل على الإثنين, 14 تشرين2/نوفمبر 2016 11:08