قيس مصطفى قيس مصطفى

موسم الهجرة إلى الشمال.. مسرحية اسمها: كراج السومرية

الفصل الأول: سباق الزمن
 إذا كنا قادمين من الجنوب، فنحن ذاهبون إلى الشمال لذلك يستلزم علينا نحن القادمون من أقصى أو أدنى الجنوب لا فرق، أن نحط الرحال في كراج السومرية، إذ أننا ذاهبون إلى عاصمتنا البعيدة دمشق، نحن ذاهبون إلى الشمال، والشمال بالنسبة للجنوبيين بعيد، بل وأبعد مما نتصور، لذلك فماذا يعني إن أضعنا وقتاً بالأصل هو ضائع، من وجهة نظر حكومية.

وقتنا ضائع، فنحن الجنوبيون مبذرو وقت، فماذا يعني أن تقضي أمهاتنا العجائز، وأباؤنا المتقاعدون ساعتين على طريق أقصاه ثلاثين كيلوا مترا، جله مفتوح ولم يعانِ في يوم من الأيام ازدحاما، ماذا يعني أن يستيقظ طلابنا قبل ثلاث ساعات مما كانوا يفعلون ليلحقوا محاضرة الساعة الثامنة، أو أن لا يصلوا أبدا.
أيها السادة: إن الفرق بين الجنوب والشمال لا يتجاوز أربعين كيلو مترا فهل يستأهل ثلاثة مركبات لنصل إليه. وثلاثة مركبات لنعود منه؟
يا أيها الجنوبيون: لا تصدقوا أن دمشق صارت بعيدة!… هي قريبة
 
الفصل الثاني: الإشاعات
نفذ السائقون في بعض مناطق ريف دمشق إضرابا احتجاجا على تخفيض الأجرة، وتوقفوا عن العمل، فمثلا في خان الشيح قام السائقون بركن سياراتهم على جانب الشارع وتجمهروا وهذا حق لهم، وقد استجاب المعنيون لهم وأعادوا الأجرة كما كانت بعد أن كانت قد خفضت إلى النصف، بعد أن اختصرت المسافة إلى النصف في حادثة غير مسبوقة تسجل تراجع مسؤول عن قراره تحت الضغط الشعبي، وهذا شيء إيجابي، ويعكس انفتاحا من قبل المسؤولين، الغريب أن المشكلة حسمت لصالح السائقين على حساب بقية المواطنين، فقد أصبحت أجرة الوصول إلى دمشق خمسة عشر ليرة بدل عشر ليرات، أما الإشاعة فتتمحور حول مايلي: أن لجنة شكلت، لقياس المسافة بين كراج السومرية، وخان الشيح وقد وجدت هذه اللجنة أن المسافة تبلغ 30 كم، في حين وضعت في خان الشيح شاخصة معدنية تقول: إن المسافة بين خان الشيح ومركز مدينة دمشق هي 25 كم. وبالتالي فإن المسافة حتى كراج السومرية لاتتجاوز 15 كم. والإشاعة تقول: إن رشوة قد دفعت، أو أن اللجنة قد خدعت، وقامت بضم مسافات طويلة على أساس أنها تابعة لخان الشيح، في حين أن هذه المناطق التي زارتها اللجنة لا تمت لها بأية صلة. فهل من موضح؟
 
الفصل الثالث: قطاع الطرق
في كل مرة أصعد فيها باص النقل الداخلي، يصعد الباص أشخاص غريبو الأطوار ممن اسمهم مفتشون أو مراقبون،وهؤلاء مهمتهم التفتيش على بطاقات المسافرين إلى الشمال، يصعد هؤلاء الأشخاص، ولا يقومون بالتفتيش إلا على الشباب صغار السن، فيخترعون مخالفات لا يعلم بها إلا الله، مستغلين الحياء من الاتهام باللصوصية، فيضطر هؤلاء الشباب إلى دفع الغرامة وقدرها 25 ليرة، دون تحرير إيصالات بالغرامات، وقد قام هؤلاء بالتعرض لي وطلبوا مني دفع الغرامة، مع أني أبرزت لهم بطاقتي، ولما رفضت أن أدفع طلبوا مني النزول من الباص، ليقولوا لي ما هي مخالفتي على حد زعم أحدهم ويدعى (هـ. ز) كما قال لي بعد أن طلب هويتي الشخصية، واحتجزها، ولأن الأمر يتعدى دفع 25 ليرة إلى اتهام بالسرقة أمام الركاب غير محصوري العدد، رفضت الدفع، وطلبت منهم تحرير ايصال بأنهم احتجزوا هويتين فرفضوا، وقاموا بإرجاع الهوية لي واعتذروا وأصعدوني الباص.. فهل من يضع حدا لهؤلاء الذين يجعلون أجرة الطلاب للوصول إلى دمشق ذهابا وإيابا تصل حد ال90 ليرة؟؟
 
الفصل الرابع: مقعد راكب غادر الباص
مقعد راكب غادر الباص هو عنوان قصيدة جميلة للشاعر وديع سعادة: هذا المقعد يقول: الله يسامح من كان السبب، ويقول أشياء لا يحبذ نشرها في الصحافة…