الأحكام النورانية، في الفلسفة الكهربائية
نشرت قاسيون، في عدد سابق، ما حدث لأحد المواطنين، حين أراد الحصول على عداد للمياه، فطلب منه تبرئة ذمة شقة أخرى في نفس العمارة، لا علاقة له بها من قريب، أو بعيد.
قد يبدو الحدث غريباً بعض الشيء، للوهلة الأولى، لكن من يتابع التجاوزات على القوانين والمراسيم، وحتى بعض الأحكام القضائية، من أعلى المستويات إلى أدناها، وكذلك تجاوزات أملاك الشعب والوطن، سيجد أنها جزء من سلسلة مترابطة من الفساد والفوضى والهدر، وهذا ينسحب على كثير من القطاعات الإنتاجية والخدمية، في كافة أنحاء الوطن، ومنها الأحكام النورانية في الفلسفة الكهربائية، فارتفاع الفواتير أصبح واقعاً، والتقنين أصبح ضرورة حياتية، رغم الوعود بإنهائه. لكن الحديث هو عمّا «بعد التقنين» وعمّا «بعد.. بعد التقنين».
ففي ما بعد التقنين، هو ما يحدث بعد إصدار شركة كهرباء دير الزور «جدول التقنين»، ثم «تعديلاته»، حيث لا يتم التقيد بالجدول، لا زماناً ولا مكاناً، فما يقطع في الصباح، يصبح في الصباح والمساء، وما في الظهيرة، يصبح معها المساء والصباح، بل وصل أمر الانقطاع في بعض المناطق إلى ست مرات في اليوم، ولا نعرف هذا الانقطاع هل هو بسبب التقنين، أو نتيجة عطل مفاجئ، حتى نجد لهم عذراً على الأقل، ولو أنهم لم يعلنوا عن حدوث عطل أو صيانة كما تقتضي الأصول. والأخطر من ذلك أن التيار عندما يعود، يسبب تلفاً للأجهزة الكهربائية، فمرة شديداً ومرة منخفضاً، مما دفع الكثيرين لشراء أجهزة حماية. أما من حيث المكان، فالفوضى حدث ولا حرج، حيث ستجد في نفس الشارع مناطق فيها كهرباء، ومناطق لا، فكيف على مستوى المدينة، أوالريف؟!
أما فيما «بعد.. بعد التقنين»، إن المواطن أراد الحصول على عداد كهرباء لشقته في العقار المؤلف من ثلاثة طوابق، فإن الشركة وضعت شرطاً عليه أن يبرئ ذمة شقة أخرى، وهذا لا يقل غرابة عن مؤسسة مياه طرطوس، إذ اشترطت على المواطن أن يتبرع بغرفة في شقته لوضع محولة كهربائية، وقد مضى على هذا الشرط أكثر من سنة، والمدير السابق خالد العساف كان يعسف به، والمدير اللاحق خالد لطفي لم يلطف به، رغم مراجعته حتى لعضو مجلس المحافظة المختص.
والأمر الأكثر نكاية، أن هناك حي آخر «حي الصناعة» بدير الزور، يوجد فيه بناء لمحولة، لتخدّم مجمعاً لجمعيات سكنية، وسارعت الإدارة في الجمعية «لاستعارة» خط إنارة من مكاتب السيارات، فما سر هذا التناقض؟
ومن الأحكام النورانية أيضاً، أن أهالي مدينة موحسن الريفية، تبرعوا بقطعة أرض على نهر الفرات، وأقيمت محطة لتنقية المياه ولم تزود بالكهرباء، رغم أن قيمة الخط مسددة لدى مؤسسة مياه دير الزور منذ فترة طويلة.
فما رأي السيد المحافظ والسيد وزير الكهرباء، «بالساونا» التي يمارسها الأهالي؟! للتخسيس من أجسامهم النحيلة أصلاً، وكذلك بما يجري وبالأحكام النورانية؟ وخاصة أن المواطنين يطالبون عبر وسائل الإعلام بـ«شد الأحزمة الكهربائية» والرقص على «النص» بدون الوحدة لنجاح صناعة «السياحة» ومهرجاناتها؟