يامن طوبر يامن طوبر

الحُجَّاج وقطاع الطرق

 قطيع من الذئاب يحاصر فريسة.. تلك هي الصورة الناشزة التي يبصرها المواطن السوري بعينه وقلبه وهو يدخل إلى الوطن من جهة الجنوب.. وهذا رسم بالكلمات، وصورة التقطتها عيون الحجاج والمعتمرين في منفذ درعا الحدودي.

 ثمة إذلال يعامل به المواطن السوري عند دخوله البلاد، وكأنه مجرم أو أسير حرب، بينما الأجانب (وهذا شيء جميل)، يمرون على الرحب والسعة وابتسامة صفراء تلاحقهم (دبابير لا يحملون العسل)، وهذا ليس نبل أخلاق، إنما هي محاولة لتحسين الصورة في عين الآخر، أما المواطن السوري فلا تستقيم معاملته باحترام، وبالتالي سيكون هو لا سواه، الضحية.
وهو لا غيره، سيكون صاحب الحظ التعس الذي سيدب في قلبه الرعب وتعرقل مسيرة دخوله إلى البلد؟ وإلا من غيره سيقع ضحية الابتزاز؟؟ وبهذا السلوك الفج والفاجر هناك من سيكون يوم عمله يساوي 100000 ألف ليرة سورية، (وإلا كيف ستظهر الواسطة والمحسوبية)؟ ومن سيقبض الأربعمائة ألف ليرة لقاء وظيفة جمركي.. إنه الترابط والمنفعة المتبادلة.. إنها سلسلة الفساد التي تكبل الأيادي البيضاء لترتفع مشنقة الوطن.   
في ثاني زيارة له إلى الأماكن المقدسة في الحجاز، ونزولا عند رغبة زوجته وقناعة منه بالمساواة بين الرجل والمرأة، كان لابد له من المضي مع قناعاته وشد الرحال قاصدا الكعبة المكرمة.
رفيقنا (فهد) المؤمن بالله والوطن، صار يلزمه حجا بمناسكه التامة إضافة إلى قربان يتوجه به لله تعالى طالبا الرحمة والغفران، لأنه أجبر على ارتكاب معصية عند الحدود السورية، وكما يقول الرسول الكريم (ص): لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما.
(أهلا وسهلا بكم في سورية.. سورية ترحب بأبنائها العائدين إلى الوطن.. «باسم العاملين على الحدود السورية، نرحب بكم.. أهلا وسهلا بكم مرة ثانية في سورية بلد الجميع. أهلاً وسهلاً بالقادمين الكرام.. إلخ..)
بدلا من هذه العبارات المرحبة، كانت الكلمة الأولى: «تفتيش أو بدون تفتيش»؟؟ هذه الرسالة التي نقلها إلينا سائق البولمان. كان ردنا عليها: «بدون تفتيش طبعا»! فضحك السائق وقال: إذاً كل واحد يعطيني 500 ل.س. في بداية الأمر رفضت, إلا أنني تراجعت عن موقفي بعد أن علمت أن التفتيش الكيدي سيستغرق 5-7 ساعات تحت الشمس الحارقة.
وقبل أن يتم الأمر، وفي ظل التردد والتشويش، بدأ التفتيش  لنكون عبرة لمن يرفض النزول عند  رغبة أصحاب المنافذ الحدودية, أنزلوا الحقائب: (شو معك ولاك)؟؟ ما أروع هذه الكلمة لو قصد بها عميل أو مخرب.. لو وجهت إلى الفاسدين.. (شو معك ولاك)، تعني: من أين لك هذا؟؟
عند هذه الكلمة حسمنا أمرنا، وقررنا دون تفتيش، فتدخل سائق البولمان وأعطى الحاجز الأول 8500 ل.س، والحاجز الثاني 3500 ل.س، أما الحاجز الثالث فـ 2500 ل.س عدا عن بعض (الحواجز الطيارة) المتنقلة داخل الأراضي السورية 4500 ل.س.
شو معك؟؟ (يا سيدنا وصاحب نعمتنا) معي بعض الهدايا من سبحات وألبسة, علمت بعد شرائها بأضعاف سعرها الحقيقي أنها صناعة سورية، معي بعض الكحل كي استطيع رؤية أمثالك يكبرون ليصغر الوطن. معي ماء زمزم.. فمتى تزمزم محكمة الشعب عقدة حبلها حول رقبتك, معي مسواك ليته يكبر ويطول، ليت طرفه يستدق لأدق عنقك.
فدخل المنفذ الحدودي المذكور هو من الابتزاز فقط. هو 2 مليون ليرة سورية خلال 24 ساعة (إذا علمنا أنه في كل ساعة يعبر 4 بولمانات)، كلها تذهب إلى جيوب اللصوص، بل القراصنة وقطاع الطرق، لأنها تأخذ شكل السرقة بالغصب والإكراه. فما عقوبة هذه الجريمة أيها القائمون على أمن البلاد.