التأمينات الاجتماعية، أضاعت الإضبارة
كنت دائماً مع القطاع العام إنتاجياً وخدمياً، ومازلت مدافعاً عن هذا القطاع لأنه الضمانة ولأنه عنوان الوطنية، عندما يقوم بدوره على الأصعدة كافة. ولكن عندما يسمح بإنشاء مؤسسات تأمينية للقطاع الخاص، وعندما أعطيت تراخيص لاستثمارات في المرافئ السورية، في طرطوس واللاذقية، اعتبرنا ذلك تآمراً على المال العام وعلى مؤسسات استراتيجية هامة.
وأن تتحول مؤسسات القطاع العام، والخدمية تحديداً، إلى عبء على المواطن، وإلى كابوس، من خلال الروتين والبيروقراطية، وإلى أهداف غير الأهداف التي أنشئت من أجلها، وفي الوقت نفسه نسمع ونقرأ تصريحات يومية لمدراء هذه المؤسسات، وهم يتحدثون عن بطولات كبيرة لخدمة المواطن، وتحديداً أقصد مؤسسة التأمينات الاجتماعية، هنا علينا أن نقف بصمت ونفكر. لا يوجد عامل أو موظف أو مواطن إلا وقرأ عن إنجازات هذه المؤسسة، من خلال استثماراتها الكبيرة والتي تهدف إلى رفاه المواطن وضمانته، وأن الإصلاح قد بدأ وانتهى بشبكة حاسوبية تريح المواطن. ولكن ماذا نجد على أرض الواقع؟
تقاعدتُ بعد خدمة 35 عاماً، وحملت أوراقي بيميني وذهبت ورجعت ووقعت واعترفت ووضعت طوابع وراجعت وكانت المحصلة إن إضبارتي ضاعت، وغير موجودة في مستودعات التأمينات الاجتماعية، وعندما سألنا عن دور الحاسوب، قيل لي: رغم ذلك، الإضبارة ضرورية لأننا لا نثق بالحاسوب.
وحتى الآن ورغم المراجعات العديدة، وبعد مرور شهرين على التقاعد مازالت أوراقي في يدي بانتظار رحمة المؤسسة العتيدة التي كنا ومازلنا ندافع عن إنجازاتها العظيمة.