كيف أصبحت شيوعياً
تم هذا اللقاء مع الرفيق سعيد دوكو قبل رحيله بأيام قليلة!!
الرفيق العزيز سعيد دوكو . كيف أصبحت شيوعيا؟
أنا من مواليد عام 1941م في قرية «الحسنوك» التابعة لريف القامشلي.
انتقلت مع عائلتي إلى عدة قرى حتى استقرت بنا الإقامة في قرية كرمسين التابعة لناحية تل براك، درست الابتدائية في قرية طفلة وكريزيل الكبير جرنه:حتى الحصول على السرتفيكا عام 1954م لم أستطع متابعة الدراسة لكون المدارس الإعدادية كانت في مراكز المدن في القامشلي والحسكة تعرفت على أفكار الاشتراكية عن طريق المعلمين التقدميين أمثال حنا أصلان وخالد غزال من السلمية وكانت الاحتفالات المدرسية من مجموعة قرى إحداها كانت في قرية بلة وكنا نحضرها، وكان يتردد إلى دار الوالد شخصيات تقدمية معروفة أمثال الشاعر جكرخوين وملا شيخموس قرقاتي انتسبت إلى صفوف الحزب في أواسط الخمسينات من القرن الماضي عن طريق عمي علي دوكو وتشكلت فرقة حزبية من فلاحي القرية وكلفت بمهام وعمري ستة عشر عاماً.
وتم إقامة أول مهرجان خطابي جماهيري للتحضير لمؤتمر الشباب العالمي عام 1957 وكان مندوبنا لهذا اللقاء العالمي هو الرفيق عثمان إبراهيم، وألقيت عدة الكلمات منها كلمة الرفيق المحامي عبد الباقي صالح وكان شيوعيا صلبا تعرض للاعتقال في المزة أيام الوحدة
وفي عام 1958 دخل الحزب العهد السري بعد الوحدة بين سورية ومصر، تعرض الرفاق للملاحقة والتعذيب ... تمت مداهمة قريتنا من قبل الأجهزة الأمنية بقوة عسكرية ومصفحات للقبض على الشيوعيين واعتقل عمي ووالدي لفترة قصيرة وعذب عمي علي دوكو، ولم أكن موجودا في المنزل اثناء المداهمة .... بعد عام 1963 تمت متابعة تنفيذ قوانين الإصلاح الزراعي، وسحبت من الفلاحين سندات التمليك التي منحت لهم أيام الانفصال وتم تشكيل لجان توزيع الأراضي بعقود إيجار وحدثت معارك طبقية على ساحة الجزيرة وكانت المنظمات الحزبية الشيوعية رائدة في هذا المجال وقد خاضت الكثير من النضالات في كثير من قرى الجزيرة، وتم تشكيل الجمعيات الفلاحية وكنت من المؤسسين لجمعية كريزيل الكبير
وجرى اندفاع كبير نحو الأمام بعد أن تم تطبيق قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي على الفلاحين في قريتنا، كان بحوزة الملاك حوالي 1500 دونم في قرى كرمسين وأم عظام وفايج.
في خريف 1976 تم إيقاف جراري المالك، وحدث صدامات بين الفلاحين والشرطة التي تدعم المالك، وشارك بالإضافة إلى فلاحي كرمسين، فلاحو قرى كريزيل الكبير وسيحة وبوير تضامنا مع الفلاحين المحرومين من الأرض، وذلك بتضامن رفاقي بين الشيوعيين والبعثيين في القرى المذكورة، بالإضافة إلى مساعدة الجمعية الفلاحية واتحاد فلاحي المحافظة.
وتلقينا الدعم والمساندة من شعبتي البعث في القامشلي وريف الحسكة، واجتمع نحو ثمانين فلاحا في قرية كرمسين، لمواجهة الإقطاعي المدعوم من الشرطة ومدير منطقة الحسكة آنذاك نور الدين فتال، وكان يهددني شخصيا بأنني سبب المشكلة وأتحمل المسؤولية، وكان رد الفلاحين واضحا بأن أي مساس بسعيد دوكو هو اعتداء علينا جميعاً، واضطر مرغما على إجراء بحث اجتماعي، وتم توزيع الأرض على الفلاحين المحرومين، ومنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا، يوجد تآلف وتضامن بين فلاحي هذه القرى.
وللأسف الشديد، صدر مؤخرا قانون العلاقات الزراعية الجديد عام 2004، وخاصة المادة 106 القاضي بإعطاء الإقطاعي أو المالك 60% وللفلاح 40%.
وخضنا معارك من أجل زيادة أجور العمال الزراعيين وتحسين أوضاعهم المعاشية.
- حضرت المؤتمرات الحزبية من الثالث إلى الثامن.
- في عام 1969 حضرت المؤتمر الثالث للحزب مندوبا عن منظمة الجزيرة، وبعد المؤتمر سافرت إلى بلغاريا لدورة كادر حزبي مدة عامين، وبعد العودة كلفت بالعمل في منظمة المالكية وريفها، وكانت أكثر فترات حياتي الحزبية خصوبة حيث وقفنا إلى جانب الفلاحين في الكثير من المعارك الطبقية، مما كان له الأثر الكبير في انتساب أعداد كبيرة من الفلاحين إلى الحزب ومن مختلف الأعمار، وكانت إضاءة مشرقة انعكست على تقدم العمل في عموم منظمة الجزيرة، وأصبحنا مرجعا لحل الكثير من القضايا الاجتماعية، وتوطيد العلاقات الرفاقية الأخوية مع الرفاق في الحزب الشيوعي العراقي، باعتبار إن المنظمة متاخمة جغرافيا للحدود العراقية، وقدمنا لهم مساعدة في أكثر من مجال في فترة الثمانينات، - سأتحدث عنها بالتفصيل لاحقا – بقيت أعمل في منظمة المالكية لمدة أحد عشر عاما ولفترات متقطعة.
- وفي عام 1989 تعرضت للاعتقال لأكثر من عامين بعد عودتي من الاتحاد السوفيتي بحجج واهية لا أساس لها من الصحة، وكان الاعتقال بتقديري هدفه الحد من نشاط منظمة المالكية حيث لم يرق للأجهزة الأمنية هذا النشاط.
- في عام 1991 وأنا في السجن تم انتخابي مندوباً إلى المؤتمر السابع للحزب، وانتخبت عضوا في اللجنة المركزية حتى المؤتمر الثامن، بعد أن كنت لفترات طويلة عضوا في اللجنة المنطقية.
- إن خمسة عقود من عمري قضيتها في صفوف الشيوعيين السوريين، هي موضع شرف لي، وعملت بما أملك على إعلاء راية الحزب، وهنا أوجه التحية لجميع الرفاق الذين تقاسموا معنا الحزن والفرح، والتعب، واسمحوا لي أن أذكر هنا الدور الكبير لشريكة العمر أم ماجد وتحملها الكثير الكثير من المتاعب لأتمكن من الاستمرار في النضال والعمل الحزبي، وأنفذ المهام التي كلفت بها.
- إن مسلسل الانقسامات التي يدفع حزبنا ثمنه منذ عقود من الزمن، يجب ان يتوقف، وهذا مسؤولية كل الشيوعيين المخلصين في طول البلاد وعرضها فهذه الأزمات التي كان بالإمكان تجاوز الكثير منها أوصلت الحركة الشيوعية السورية إلى واقع غير مرغوب به، والجدير بالذكر إنني كنت أول الموقعين على ميثاق شرف وحدة الشيوعيين السوريين ومن هنا فإنني أدعو كل الرفاق إلى الانخراط في العمل من اجل توحيد الشيوعيين السوريين في حزب قادر على القيام بدوره الكفاحي والنضالي، حزب يكون على مستوى المسؤوليات المنتصبة أمام بلادنا وشعبنا.