الفساد يتخذ منحىً جديداً وخطيراً في مديرية حقول الحسكة

لقد أصبح الفساد (النهب, السرقات, والتسويف والإهمال) أشياءً مألوفة ومكشوفة، غير مقنعة، ومقنعة أحياناً بأغلفة مقوننة تحت يافطات مختلفة لإعطاء الشرعية اللازمة لعمليات النهب الجارية في جميع دوائر الحقول، ولو بدرجات متباينة فيما بينها، وأكثر وأكبر الفاسدين هم المسؤولون من الخط الأمامي في إدارة الحقول ودوائرها (مع استثناء البعض بالطبع).

وهؤلاء لا يردعهم عن فسادهم وازع من ضمير أو أخلاق أو قانون أو محاسبة، بينما نجد الذي يسرق رغيفاً من الخبز تقوم القيامة عليه، يعاقب، يبهدل ... مع إننا لا نبرر سرقة أصغر الأشياء ولو كانت حبة من خردل.

لا نستطيع أن ندخل في تفاصيل النهب الذي يجري فالبعض منه مكشوف أما البعض الآخر مستور وهو الأعظم، وأيضاً ليس بخاف على أحد حالات السرقة والصفقات المشبوهة والاختلاسات التي حصلت في المديرية وكشفها العامل (محمد كوري) بالأدلة والوثائق الدامغة ونشرت قاسيون قسماً من هذه التحقيقات في أعداد متوالية، وجراء كشفه لرموز الفساد نقل العامل المذكور وطرد من منزله..

إلى هنا قد يكون الموضوع عادياً، لأنه يحدث في أرقى الوزارات والإدارات: القضاء مثلاً، التعليم، التربية.. ولكن أن يأخذ الفساد طابعاً آخر واتجاهاً جديداً مثيراً التوترات والاستفزازات والنعرات الداخلية، فهذا أمر لا يمكن السكوت عنه، بل يجب محاسبة رموزه، فأنه يسمع هنا وهناك نغمة جديدة أكثر نشازاً وشوازاً من غيرها، حيث يتم تأليب الجهات المسؤولة المدنية والأمنية ضد أبناء المنطقة (منطقة حقول النفط خصوصاً وأبناء الجزيرة عموماً) وتلفيق التهم الباطلة بهم مثل الإهمال والسرقة والتسيب في العمل والتستر على الأخطاء والسرقات.

هذا ما كشف عنه تقرير سري صدر عن معاون مدير حقول الحسكة لشؤون النفط الجيولوجي ورئيس دائرة الكهرباء، ورفع إلى الجهات العليا في العاصمة (لقد تم الحصول على معلومات التقرير من مصادر مطلعة ومؤكدة شفوياً لأن التقرير بنصه ظل طي الكتمان وسري) والتقرير بمثابة رد على أسئلة واستفسارات الجهات المعنية حول موضوع التغذية الكهربائية للمنشآت النفطية والسرقات التي جرت للكابلات الكهربائية في مناطق متفرقة، فكان الرد تقريراً سياسياً وليس تقريراً فنياً تقنياً، إذ جاء فيه بند خاص حول تفشي ظاهرة التحدث باللغة الكردية في مديرية حقول الحسكة، وتأثيرها على الخلل الحاصل في التغذية الكهربائية للمنشآت النفطية وسرقة الكابلات! وكان التقرير بهذا المعنى:

إن معظم أبناء المنطقة من الأكراد ويتكلمون باللغة الكردية في مواقع العمل ويتستر الكوادر الفنية الكردية على هذه السرقات مما يؤدي إلى انقطاع الكهرباء وانخفاض مستوى الإنتاج!!

وأشار التقرير أيضاً إلى تعاطف أو تواطؤ أبناء المنطقة من العرب معهم كونهم من منطقة واحدة ومتداخلة ويفهمون أو يتقنون اللغة الكردية، لذلك اقترح التقرير بإغلاق مكتب التشغيل في محافظة الحسكة وجلب العمالة من خارجها لحصول توازن طبيعي في المديرية!!

للعلم والحقيقة والتاريخ نقول: إن الجميع يعلم، ومنذ تأسيس المديرية من يعمل ويجهد ومن يسرق وينهب ويهمل، وعلى أكتاف من أسست هذه المديرية من البدايات الصعبة من النصف الثاني من القرن العشرين وحتى الآن. ورغم ذلك لا ندعي أن كل أبناء المنطقة ملائكة كما أنه ليس كل من هو خارج المحافظة شياطين ولصوص، والمسألة تظل نسبية. إن سورية بلد للجميع وليست مزرعة لأحد، وبنيت وتبنى على أكتاف الخيرين والشرفاء من هذا البلد وليس على أكتاف اللصوص وأبو (رغالات) من الذين يتقدمون الشركات الأجنبية ويتعاملون معها لاستنزاف خيرا بلادنا وشفطها إلى البنوك الأجنبية.

إن مقدم التقرير من الشخصيات الحاقدة والمتعجرفة، والعمال يحملون في صدورهم الكثير من الأمثلة على حقده الدفين، وهو بالإضافة إلى ذلك يستغل مناصبه الكثيرة والخاصة (فهو معاون المدير لشؤون النفط ومدير لمعهد النفط ورئيس لجنة بكتن)، رغم أنه لا يملك خبرة في العمل الفني الإنتاجي، وأشرنا في دراسة سابقة نشرت في جريدة قاسيون إلى دوره في التسريبات النفطية وبكميات كبيرة في الشتاء الماضي من محطات التجميع في عودة وسعيدة وعليان لصالح شركة دبلن، وذلك نتيجة علاقاته المشبوهة مع هذه الشركة المستثمرة لحقل عودة وعدم اهتمامه ولامبالاته بالاقتراحات والحلول التي قدمت من قبل الكوادر الفنية لتسهيل عمليات الضخ إلى محطة نقل الخام ولمنع التسريب والطوفان من تنكات التجميع.

هنا في الحقول تذمر وغضب من هذه الشخصية بسبب تصرفاته العنجهية وأوامره الشخصية وقراراته المزاجية الانتهازية التي تأتي بعكس مصلحة معظم العاملين في الحقول، لذلك فمن حقنا أن نهمس في آذان المسؤولين في الجهات المعنية: إذا كان هذا الشخص لا يعمل لصالح العمل والعمال فلصالح من يعمل لأنه هو المدير الفعلي للحقول؟.

أخيراً وهو الأخطر: إن التقرير في مضمونه يسيء إلى الوحدة الوطنية الني نحن بأشد الحاجة إليها في هذا الوقت بالذات حيث أن الظروف الإقليمية والدولية لا تعمل لصالح بلدنا، لذلك إن إثارة النعرات القومية الطائفية والمناطقية لن تكون إلا لصالح الأعداء وإن أي توتر في حقول النفط لن يكون لصالح الوطن عموماً.

■ لجنة موسعة من العمال في مديرية حقول الحسكة ومن مختلف الفئات

آخر تعديل على الأحد, 20 تشرين2/نوفمبر 2016 21:47