دير الزور.. المهجرون والعاملون بين مِطرقتين وسندان.!

دير الزور.. المهجرون والعاملون بين مِطرقتين وسندان.!

قبل الأزمة ومنذ انفجار الأحداث في سورية وفي دير الزور خصوصاً، تضاعف عدد المهاجرين والمهجرين من أهالي دير الزور، ريفاً ومدينةً عموماً مرات عدة، والعاملين في الدولة خصوصاً وفي كلّ مرة تتضاعف معاناتهم من مطرقة التهجير والحصار التكفيري الفاشي، ومطرقة الغلاء المتوحش، ثُمّ يأتي سندان القرارات الحكومية من أعلى المستويات إلى أدناها ليصب بِلاّت فوق طينِ المعاناة.!

سبق أن تناولنا في قاسيون العديد من القضايا المتعلقة بمعاناة أهالي دير الزور المهجرين والمحاصرين من ظروف التهجير كالسكن ودراسة الأبناء وغيرها، ومن الغلاء وارتفاع الأسعار الذي التهم الأخضر واليابس، وجاءت العديد من القرارات الحكومية من رئاسة مجلس الوزراء والوزراء والمحافظ وغيرهم من المدراء، لتضعهم أمام خيارات غير واقعية، بدل أن تُقدم لهم التسهيلات والمساعدات، مما يدفعهم لمزيدٍ من المآسي والكُفر بكل شيء وخاصةً العاملون في دوائر الدولة، الذين حرموا من عملهم ومن رواتبهم وتعويضاتهم.!

العاملون في صحة دير الزور..

قُدمت لقاسيون شكوى عديد من العاملين في مديرية صحة دير الزور، وهم يمثلون حوالي 150 ممرضاً وممرضة ممن حددوا مكان عملهم في مختلف المحافظات منذ بداية الأزمة وإلى الآن، بالإضافة لآخرين لم تجر الموافقة على تحديد مكان عملهم بعد تهجيرهم هم وأسرهم، لعدم موافقة محافظ دير الزور، وكان استقرارهم المؤقت في هذه المحافظات ودوام أبنائهم في المدارس والجامعات، حيث جاءت قرارات رئيس الحكومة ووزير الصحة لتلزمهم بالعودة إلى دير الزور والتحاقهم بعملهم في مديرية الصحة، رغم أن البعض منهم حصل على موافقة مدير صحة ومحافظ المحافظة التي تهجر إليها بالبقاء في أماكن عملهم التي حددت لهم، وقدموا طلبات لرئيس الوزراء الذي أحالها إلى وزير الصحة والذي أحالها بدوره إلى محافظ دير الزور لبيان الرأي الذي هو معروفٌ مسبقاً، وقد توقفت رواتبهم منذ شهرين أي منذ إنهاء تكليفهم، بينما هناك آخرون جرى إبقاء تكليفهم بوساطة وغيرها من الأساليب، ويؤكد العاملون: أنه ليس هناك نقص في الكادر التمريضي، وإنما النقص في الأطباء في أحياء دير الزور المحاصرة، كما يؤكدون استعدادهم للعودة إلى دير الزور، لكن هذا يتطلب توفير النقل لهم، وتوفير الحد الأدنى من السكن والمعيشة، فلا قدرةً لهم على الاستئجار في دير الزور، ولا قدرة لهم على المعيشة في ظِل الغلاء الخيالي لأسعار المواد الغذائية فيها، والذي يصل إلى عشرة أضعاف المحافظات الأخرى على الأقل، كما يتساءلون : لماذا هذا القرار المجحف بحقنا وحقّ أسرنا، ولماذا يجري التعامل معنا بمكيالين وخاصةً نحن من الفقراء ولا وساطة لنا.؟!

وكذلك مالية دير الزور.!

وهذا ينطبق على الكثير من العاملين في دوائر الدولة من أبناء محافظة دير الزور المهجرين في المحافظات، كالعاملين في مالية دير الزور الذين حددوا أماكن عملهم، والذين ينتظرون قرارات صرف رواتبهم من وزير المالية منذ أشهر، الذين يقولون: اللي أرجله بالماء ليس كالذي أرجله بالنار، نار الغلاء والتهجير، أو كما يقول المثل الشعبي : لقمة الشبعان عالجوعان بطية..!؟

المعلمون والعاملون في التربية.!

منذ بداية العام الحالي كان يجب أن يصدر قرار علاوة عام 2016 وللآن لم تصدر علماً أننا في الشهر التاسع والعام الدراسي على الأبواب والتأخير من محافظ دير الزور الذي للآن لم يوقع القرار رغم أنه قُدم له منذ أكثر من شهرين، كما يترتب على هذا القرار العديد من المعاملات كالنقل والاستقالة والتقاعد وغيرها. 

كذلك حرم المعلمون والمدرسون الذين حددوا مكان عملهم في محافظة مدينة دمشق ومحافظة ريف دمشق والمحافظات الأخرى، من طبيعة العمل منذ بداية العام، بسبب عدم إرسال مديرية دير التربية في دير الزور الجداول المالية لذلك، علماً كان من السهل إضافتها إلى جداول الرواتب التي نقلت إلى المحافظتين المذكورتين وتخصيص محاسبين لها، وبعد مطالبات عديدة أرسلت تربية دير الزور منذ شهرين جداول طبيعة العمل، وللآن لم تُصرف.. والمحاسبون لدى سؤالهم يقولون: لم يأتنا قرار من وزير التربية، والوزارة تقول: أنها تحتاج لموافقة رئيس الوزراء، ويقول المعلمون والعاملون: نحن بانتظار موافقته الكريمة، إنها حقنا الدستوري والقانوني وليس مِنّةً أو كرماً، ويتساءلون: هل ما يقوله أن حكومته حكومة العمال والفلاحين صحيح.. أم كلام لذر الرماد في العيون..!؟

من جهةٍ ثانية تعرقل مديرية تربية دير الزور إجراءات التقاعد لمن بلغوا السن القانوني للتقاعد (سن الستين) علماً أنّ قرار رئاسة مجلس الوزراء في الحكومة السابقة، ومنذ بداية العام بوجوب انجاز إجراءات التقاعد لهم حتى ولو كانوا في المناطق التي خارج سيطرة الدولة، وأخذ موافقة أمنية بذلك، وهناك قرار تأكيد من وزير التربية في ذلك منذ بداية الشهر السادس، لكن الفوضى والعرقلة من مديرية تربية دير الزور، ويتساءل المعلمون الذين بلغوا سنّ الستين: أهذه مكافأتنا على جهودنا وتضحياتنا وانتهاء خدماتنا، بدل تكريمنا، وخاصةً في هذه الظروف التي نحن بحاجة لكل شيء، وللسن أحكامها فنحن بحاجة للدواء قبل الغذاء..!؟ 

كما يتساءل آخرون منهم: لماذا نحن بحاجة لموافقة أمنية وهذا حقنا القانوني والدستوري أيضاً.. وخاصةً نحن الذين نقيم في مناطق سيطرة الدولة.. أم أن كل مواطن أصبح متهماً وعليه أن يثبت براءته.. ألا تكفينا ظروف التهجير والغلاء الفاحش، وأننا فقدنا بيوتنا وممتلكاتنا وشقاء العمر كله..!؟

تؤكد قاسيون أن الوثائق التي تبين ذلك موجودة لديها، وأننا إذا ننشر شكاوى ومعاناة أهالي دير الزور المهجرين والعاملين في الدولة وأسرهم ومطالبهم، وتقف إلى جانبهم في حقوقهم التي يكفلها لهم الدستور والقانون، وخاصة مع اقتراب بدء العام الدراسي بمراحله كلها، ومتطلباته من مستلزمات الدراسة، ناهيك عن ظروف الغلاء والمعيشة والسكن الغالية، علماً أن هذه الرواتب والأجور باتت اليوم لا تسمن ولا تغني من جوع، فإلى متى يستمر ذلك أيتها الحكومة؟