فائق اليوسف فائق اليوسف

حديقة القامشلي برسم المجلس البلدي الجديد.. الحدائق عرائس المدن

باتساع رقعة المدن المتزامن مع تزايد عدد السكان في كل أنحاء العالم، اتسعت رقعة الصحراء والأرض البوار إلى جوار المدن، وهذا يلزم الجهات المعنية بشؤون المدن في العالم، بإنشاء حدائق، يلتجئ إليها المواطنون ليفرّجوا عن همومهم، ومدينة القامشلي، عروس الجزيرة، وباريس الصغرى كما يطلق عليها، هي أيضاً تمتلك حديقة رئيسية، تعد أقدم وأعرق حديقة في هذه المدينة، إلى جانب حدائق صغيرة متنوعة، منتشرة في أكثر أحيائها، وإن كان يراد لها أن تكون من طراز مختلف!

لكن في القامشلي الأمر مختلف، فثمّة إجراءات استثنائية من مجلس المدينة، وهي الالتزام بتحديد مواعيد معينة لفتح باب الحديقة، وتعليق لوحة على بابها تبين للمواطنين أن «باب الحديقة يغلق في الساعة العاشرة». وما أكثر ما جاء هذا التوقيت كصفعة على وجوهنا حين تطفأ أنوارها، ويأتي الحارس،معلناً سجن الأشجار حتى الصباح دون أي ذنب لها، ولمحبيها!

حديقة القامشلي تعاني العطش

الحديقة التي طالما لجأ إليها العشاق، يرسمون أحلامهم، والشعراء يكتبون قصائدهم، والفنانون يرسمون لوحاتهم، أو يخططون لعرض مسرحي، لتكون مهرجانا، لاسيما في الربيع، يلتقي فيها الأحبة والأصدقاء والأهل، وكانت الملاذ للمسافر، ومحطة يلوذ بها العامل بعد ساعات التعب، يتفيأ تحت أشجارها.

باتت أشجار هذه الحديقة العامة، شبه جافة، وهذا خلق لدينا الفضول لسؤال العامل حول عدم ري الأشجار وما آلت إليها الأحوال، فلم نتوقع رده التالي: لا يوجد ماء!

وذلك رغم تمركز موقع الحديقة الاستراتيجي في منتصف المدينة، فهل يعقل ألا تتوفر مياه لريّ أشجارٍ تابعةٍ لمجلس مدينة القامشلي؟ ترى: أين هي المياه؟ في منطقة تقع ضمن منطقة الجزيرة، المعروفة بأنها مصدر الغنى للثروة المائية في سورية. ترى أيريدون القول: إن حدائق هذه المدينة بعلية؟!

- مدينة تفتقر للاخضرار:

معروف أن أراضي منطقة الجزيرة، وتحديداً الجزيرة العليا، هي بالإجمال أراضٍ خصبةٌ، فلماذا يعمل مجلس بلديتنا الموقر على حرمان هذه المدينة الجميلة من الأشجار، لا بل لقد غض النظر عن الشتلات المزروعة على طول حزام المدينة، والتي لم يبق لها من أثر، فقد جفت. أجل، فلماذا هذا الإهمال بحق السماء!

ضروب أخرى من معاناة الحديقة

 ثمة «دورة مياه» وحيدة في هذه الحديقة، مخلوعة الأبواب منذ أكثر من عشر سنوات «ويقال أنها أُصلحت لأشهر حين بات يتردد عليها أحد المسؤولين ليمارس الرياضة» لتعود وتخلع بعده، ولتكثر أسراب الذباب التي تحطّ على القذارات الموجودة، مرسلة طنينها، على امتداد الوقت، لتكون مصدراً لروائح مقرفة باستمرار، ناهيك عن الصنابير التي تبقى مفتوحة، ربما لأشهر أحيانا، وكان الأجدى الاستفادة منها في سقاية الأشجار، كما أن المقاعد المخصّصة للزوار قليلة، وموضوعة منذ عقود، لم يتمّ وضع أخرى جديدة إلى جانبها، ناهيك عن عدم توافر سلال القمامة بالشكل الكافي، حيث يضطرّ بعضهم لرمي مخلفاتهم من النفايات أرضاً، كذلك فإنّ الحديقة أحوج إلى مصابيح الإنارة، لئلا تتحوّل بعض زواياها إلى مراتع للعابثين والمسيئين، الذين قد يُدّعى إغلاق الحديقة، ليلاً، بسببهم، مع إنها الرئة المهمّة واليتيمة، لأسر بسطاء المدينة وزوارها، في منطقة ارتفعت فيها درجات الحرارة إلى أعلى رقم قياسي في تاريخها في العام الحالي2007، بل ولا أماكن فيها مخصصة للأطفال، بعكس ما هو حال حديقة أخرى في حي راقٍ في المدينة نفسها، التي لا نعلم كيف طارت أشجار نخيلها المعروفة، والتي كانت في الكثير من الأماكن العامة والساحات الحكومية، وزرعت على مداخلها، كما هو واقع بعض الأشجار الموجودة أمام باب مطعم سيزر بالاس!

 كما إن مجلس المدينة أبقى على أشجار الزينة القديمة، ولم يقم باستقدام  غراس وشجيرات جديدة، مع أن بعضاً منها ويسمى الدفلى يستقطب الذباب، ولا يوضع في الحدائق عادة!

وإذا كانت مدينة القامشلي، قد  وضع حجر أساسها  حوالي عام 1918م، وكان المساح الايطالي خرلمبو قد وضع مخطط المدينة، بما فيها مخطط الحديقة، فبهذا تعد من أقدم معالم المدينة.

الحلول

إن الحلّ الوحيد هو إنشاء ودعم المنظمات البيئية الأهلية التي تساهم في التشجير، والاهتمام بذلك، وأن يتمّ بصدق، التزام وتعاون عمال مجلس مدينة القامشلي تجاه الأشجار والغراس التابعة للقطاع العام، وتتمكن هذه المنظمات من إيصال الشكاوي للمجلس لنقاشها وحلها فوراً، وحسب الإمكانات، وعدم إخفاء الأمور السيئة عنها.

لتكون بذلك مدينة القامشلي حديقة سورية الأولى.

بل إننا ندعو إلى تأسيس لجنة صغيرة تكون صديقة لهذه الحديقة فهل يٍمكن أن يتمّ ذلك؟

وللعلم فإن أبناء هذه المدينة لايزالون يعانون من مشاكل في الصرف الصحي العام، وتزفيت الشوارع،وووو!

 إنها دمعة خضراء نضعها أمام رئيس وأعضاء مجلس المدينة، شاكرين لهم أية خطوة جدية يقومون بها، لخدمة المدينة.