في دير الزور.. سطو مسلح.. والقادم أعظم!
بات الحديث عن تفشي الجريمة بأشكالها وأنواعها المتعددة، حديث الناس في محافظة دير الزور، وأصبح المواطن لا يأمن على نفسه وعائلته حتى وهو في بيته. لذا لم يستغرب أهالي ديرالزور «جريمة السطو المسلح» وفي وضح النهار على مكتب الشحن والحوالات لشركة القدموس، حيث اقتحم ثلاثة أشخاص ملثمين المكتب يوم الجمعة 24/1 حوالي الرابعة عصراً، وهم يحملون بندقية ومسدسات حربية، وأطلقوا ثلاث طلقات وحطموا زجاج المكتب، واستولوا على مبلغ 8.5 مليون ليرة سورية.
مكتب القدموس يلاصق مبنى مجلس المدينة ومخفرها، ولا يفصله عن القصر العدلي سوى شارع عرضه حوالي عشرة أمتار، وعلى بعد 60 متراً منه منزل لأحد المسؤولين، أمامه حراسة دائمة، ولا يبعد عن فرع الأمن الجنائي أكثر من 300 متراً. وقد علق بعض المواطنين على هذه الجريمة بقولهم: «ما حدا أحسن من حدا، الصغار يتعلمون من الكبار»، فقوى السوق والفاسدون الكبار يسرقون الشعب والدولة في وضح النهار، دون حسيب أو رقيب، فلا ضير أن يسرق المواطن! المواطن الذي ينام ليلاً ويستيقظ ليجد أن لهيب الأسعار قد استعر، ويلفح وجهه بحرارته في عز موجة البرد والصقيع، ينام ويصحو ليجد أن ضرائب جديدة قد فرضت عليه، بينما ينعم اللصوص «غير الظرفاء» بالخيرات والسيارات والإعفاءات، ويهربون الأموال التي نهبوها خارج الوطن.
إن «عرّابي» الجريمة: الفساد والبطالة والفقر، وما بين تهميش دور «الدولة» وتهميش «المواطن»، بلغت الجريمة من الخطورة حدّاً يهدد أمن المجتمع، وصارت «منظمة» و«متنوعة». فمن التزوير إلى التهريب والمخدرات، ومن شبكات الدعارة إلى خطف واغتصاب النساء، وحتى الفتيات الصغيرات. ومن السرقة إلى التشبيح العلني، ومن النصب والاحتيال إلى الرشوة ونهب المال العام، ومن سرقة الآثار (تاريخ الشعب والوطن) إلى التعدي على أراضي أملاك الدولة من الزعران، وبعض المسؤولين المخالفين للقانون. والأمثلة على كل ذلك كثيرة موجودة في ملفات الأمن الجنائي، وأصبح القتل من السهولة بمكان، وكم جريمة قتل لم يعرف مرتكبوها، وقد طال القتلُ أحدَ ضباط الشرطة الجنائية أيضاً؟!
لقد ضاع آلاف الشباب نتيجة البطالة، وضيق ذات اليد، ما بين سيطرة النمط الاستهلاكي الرأسمالي، وما بين الانغلاق على الذات، فلا «سلطة» تؤمن لهم العمل والعلم، ولا قوى تقودهم إلى طريق «الخلاص»، فمن يتحمل المسؤولية عن ذلك؟ وكل ذلك يتم «على عينك يا مسؤول»، وليس يا تاجر، لأن التاجر الكبير من شلة الحرامية.
لقد تحولت الجريمة إلى ظاهرة منظمة، وهي تعبير مباشر عما يعانيه المواطن من السياسة الاقتصادية الليبرالية، وتهميش دور الدولة، وتركها للرعاع من قوى السوق والفاسدين، ناهيك عن الأزمات المتوالية، من الكهرباء إلى الماء والخبز والغاز والمازوت، بالإضافة لما تفتقده ديرالزور للكثير من الخدمات، فقد غرقت المدينة بالوحول نتيجة زخات المطر، ويطالعنا المحافظ بالقول إن الأولوية لتجميل المدينة، لاستقبال مؤتمر الاستثمار القادم ولتعجب المستثمرين، أهكذا تكون تنمية المنطقة الشرقية؟ وفي ظل سياسة الطاقم الاقتصادي التخريبية، وما يسمى بالمشاريع السياحية؟
إننا نحمل جميع المسؤولين مسؤولية ذلك، وخاصة وزير الداخلية، ونقول للسيد المحافظ: «خير الأمور التي تعجب أصحابها وليس أغرابها».
■ ز. المشعان