مهتمون.. «لا سمح الله»!
تزدان شوارع حي المهاجرين كما معظم الأحياء السكنية في دمشق بالحفر والتشققات الإسفلتية، ناهيك عن تآكل أغطية الـ«ريغارات» مما تسبب ويتسبب بجريان أنهار من المياه المالحة بمجرد أي ضغط بسيط على شبكة الصرف الصحي المتآكلة بدورها، ويزيد في الطين بلاً تحت أقدام القاطنين والعابرين على حدٍّ سواء، ويحاصر البيوت بروائح آسنة في بعض الأحيان، مما يدفع بسكانها إلى إغلاق شبابيكهم درءاً لمخاطر الهذيان الذي قد ينتج ـ بشكل مفاجئ للبعض ـ من التعرض الطويل للهواء المحمّل برائحة المجارير.
يحمل حي المهاجرين في طيات تاريخه العديد من الأحداث المهمة، إلا أنه يفتقر لاهتمام المسؤولين وزياراتهم ـ باستثناء إمبراطور ألمانيا غليوم الثاني (كتّر خيرو) الذي زاره في العهد العثماني ـ ولو أن أحد المسؤولين يقوم اليوم بزيارة الحيّ (لا سمح الله) فلربما قد يكلّف أحداً ما، في مكتب ما، من مؤسسة مسؤولة ما، بإعادة النظر في شؤون هذا الحيّ وغيره، عساه بذلك يرحم أو يسمح لرحمة الله بأن تصيب الحيّ فتتحسن حال الطرق فيه، لاسيما أن هذه الطرق تشتهر بضيقها (وضيق حال المجبرين على ارتيادها).
لقد أصبح حي المهاجرين وغيره (الشيخ خالد ـ حي الأكراد ـ دمر البلد ...) عنواناً يتهرب منه سائقو سيارات الأجرة (رغم جشعهم الشهير)، على اعتباره يهدد أمن سياراتهم وسلامة إطاراتها و(دوزانها)، مما يدفعنا إلى التساؤل عن تاريخية سوء واقع المواصلات في هذه الأحياء والذي غالباً ما يخضع لرؤى (شوفورية) الميكروباصات ومعلمي (السوزوكيات)، ونحن رغم تعاطفنا مع آليات هؤلاء (الشوفورية والمعلمين) إلا أننا بحاجة إلى حلٍّ منصف لنا ولهم. وربما تتحقق أمانينا بمجرد حضور مسؤول ما لجنازة أحد ما شبيه (لا سمح الله مرة تانية) في واحد من هذه الأحياء التي تعدُّ المقابر من أبرز معالمها، لكن لسان الواقع يؤكّد بأنه حتى الموت في هذه الأيام لم يعد يساوي بين الناس، مما قد يحجب عنا زيارة هذا المسؤول!..
وعليه نسأل: إلى متى ستبقى الأحياء الآهلة بأبناء الطبقة الوسطى (سريعي التناقص) والفقيرة، بعيدة عن متناول الاهتمام الحكومي؟!.. أم أن هذه الأحياء لا تمتلئ صخباً إلا في فترات الانتخابات (بمختلف ألوانها وأشكالها)! ومتى سترأف محافظة دمشق بحال هذه الأحياء وسكانها؟!.. أم أن انشغال المشغولين باقتطاف الأوسمة والإشادات لجهودهم (المهدورة) في احتفالية دمشق سيسهل عليهم تأجيل استحقاقات الفقراء وأحيائهم؟!..