حكمت سباهي حكمت سباهي

لماذا عدّوني فاسداً؟؟

تتابع «قاسيون» تقليب صفحات ملف العمال الشرفاء المصروفين من الخدمة، وتعرض في هذا العدد قضية العامل سامر سليمان البدوي الذي كان يعمل في مديرية مالية حلب، ومورست ضده أساليب غير إنسانية من اضطهاد وظلم أثناء معارضته لسلوك الفاسدين، إلى أن وجد نفسه مصروفاً من الخدمة بذريعة واهية وهي اتهامه بالغياب المستمر عن الدوام..

يقول سامر سليمان البدوي:

«تم تعييني في مديرية مالية اللاذقية عام 1999 بموجب مسابقة عامة لحاملي الإجازة بالاقتصاد والتجارة لتعيينهم بصفة مراقبي دخل في وزارة المالية، وقد كنت الأول في نتيجة المسابقة على جميع المتقدمين.

وبعد أن اتبعت دورة خاصة بمراقبي الدخل، عملت لفترة في اللاذقية، ثم تقدمت بطلب لنقلي إلى مديرية مالية حلب لأسباب عائلية (مرض أختي المقيمة بحلب بالسرطان والتي توفيت مؤخراً). وقد تدخل أناس خيرون لأكثر من مرة لدى د. أحمد زهير شامية مدير مالية حلب حتى قام بإعطائي الموافقة على النقل، وصدر قرار نقلي في 28/4/2003 وباشرت عملي في قسم الشؤون الإدارية لمدة شهر واحد فقط.

ثم ما لبث مدير مالية حلب أن فرزني إلى مديرية مال جبل سمعان مع توصية شديدة باضطهادي، حيث بدأ مسلسل الإرهاب يمارس ضدي من أعوان مدير مالية حلب. بداية لم أكلف بأي عمل في مديرية جبل سمعان، وتم رصد جميع تحركاتي وإعلام المدير عنها، ولو كانت شراء علبة سجائر، وأصبحت أعد غائباً عن عملي بمجرد مغادرتي لباب مكتبي، ثم تبدأ الأسئلة والتحقيقات، علماً بأنني جامعي، وقرار فرزي إلى جبل سمعان يخالف القانون لأنه لا يوجد ما يسمى بالفرز في قانون العاملين، بل هي تسمية غير قانونية لإبعادي عن عملي دون وجه قانوني، كما أن عدم تكليفي بأي عمل هو هدر للأموال العامة وفق قانون العقوبات الاقتصادية، ولكن أين الرقيب أو الحسيب؟ فعندما كنت أطلب من مدير مال جبل سمعان السيد أحمد زين الدين تكليفي بعمل محدد يكتفي بالإجابة «أنت موظف جديد»، وعندما شغر منصب رئيس شعبة الرواتب والأجور نتيجة تقرير تفتيش بحق السيد جاسم سلامة، تم تحديد مركز عملي بقرار آخر مخالف للقانون في منطقة السفيرة خوفاً من تكليفي بهذا العمل كوني الجامعي الوحيد في الشعبة، وتم ذلك استناداً لكتاب مدير مالية حلب بتاريخ 7/6/2004، وعندما سألت عن السبب كانت الإجابة: «سنعيدك إلى مالية حلب»، وعندها أصبحت أشعر بأنني كرة يلعب بها مدير مالية ويقذفها كيفما شاء تحت شعار المصلحة العامة.. وفي النهاية تم تنفيذ الوعد، ونُقلت مرة أخرى من السفيرة إلى مديرية مالية حلب، وباشرت العمل في دائرة واردات ونفقات الموازنة، وقام رئيس الدائرة راكان الشيخ نايف بمعاملتي معاملة سيئة جداً، وكأنني عدوه اللدود حيث أصبح يوجه لي الإنذارات دون سبب، ويعدّني غائباً عن عملي بمجرد خروجي من مكتبي لمدة عشر دقائق، بينما يقوم بالتستر على الموظفين الغائبين فعلاً، ويقوم بالتوقيع بدلاً عنهم على دفتر الدوام.

كنت أشعر بالظلم كل يوم خلال عملي بمالية حلب من كثرة الإنذارات الموجهة إلي بحجة غيابي وعن اعتباري إجازة بلا أجر وخصمها من راتبي الشهري. وبعد هذه الإنذارات تمت إحالتي للرقابة الداخلية للتحقيق معي بالغياب المزعوم، وقال لي المراقب الداخلي إبراهيم خلف بلغة التهديد «عليك العودة لمالية اللاذقية»..

في أحد أيام شهر رمضان سألت رئيس دائرتي راكان الشيخ نايف: لماذا تعاملني بهذه الطريقة القاسية، فأجابني: (لو بيدي لوضعتك على رأسي، فأنت إنسان جيد، ولكن الأمر من فوق.. من مدير مالية حلب وجبل سمعان)!! فتصوروا أنه حتى إجازاتي الإدارية كانت ترفض، وكذلك التقارير الطبية في حال مرضي، لقد حرموني من أبسط حقوقي في القانون وعندما بلغ عدد أيام إجازاتي بلا أجر 30 يوماً قاموا بمراسلة وزارة المالية بتاريخ 12/1/2005 لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقي، واعتباري بحكم المستقيل بعد التحقيق معي. ومن الطريف أن القانون أعطى العامل حق الحصول على إجازة بلا أجر لمدة 4 سنوات وكانوا يعدون غيابي هو إجازة بلا أجر، ولكن اختلط عليهم الأمر بين الغياب غير المشروع والإجازة بلا أجر وأرادوا حرماني من الإجازة بلا أجر لاعتباري بحكم المستقيل وملاحقتي جزائياً بجرم ترك العمل، وعندما لم يفلحوا تقدمت بطلب رسمي لنقلي خارج ملاك وزارة المالية هرباً من الظلم الذي مارسه مدير مالية حلب وأعوانه ضدي، إلا أن الجواب جاء بعدم الموافقة.

شعر مدير مالية حلب أن جهوده للتخلص مني باءت بالفشل، فقام بالطلب من رئيس دائرتي بوضع علامة صفر في تقييمي الدوري من أجل الترفيع رغم أنني لم أهمل في عملي، ولم أرتش، ولم أسرق، ولم يشتك علي أحد، وكان عملي مصدر رزقي الوحيد، حيث تجاوز عمري 38 سنة ولم أتمكن من الزواج بسبب ضيق الحال وبقائي ساكناً بالإيجار، وكل ذلك لم يشفع لي لممارسة أبشع الضغوط اللاإنسانية بحقي من مدير المالية حيث أهدر كرامتي ودس اسمي بين من يفترض أن يكونوا فاسدين، وقام بصرفي من الخدمة.

وأتوجه بالسؤال للدكتور شامية (أستاذ الجامعة) والسيد أحمد زين الدين، هل شفيا غلهما؟ وهل ارتاح ضميراهما بعد أن قاما بتدمير حياتي ومستقبلي وقطعا مورد رزقي الوحيد!؟

وأقول لهم: إن الله شديد العقاب وسيحاسبهم يوماً على ما اقترفت أيديهم الملوثة من جرائم بحقي وحق زملائي الأبرياء بفعلتهم سواء بالدنيا أم الآخرة».

ومن الجدير ذكره أن «قاسيون» حاولت الاتصال بالدكتور أحمد زهير شامية لمعرفة رأيه بالموضوع إلا أنه وصف هؤلاء العمال الأبرياء بالكسالى، ورفض إعطاء تفاصيل إضافية عنهم بحجة أن الذاكرة قد تخونه بعد مضي فترة على موضوع صرفهم من الخدمة، كما اقترح سؤال وزير المالية عن الموضوع!؟ مضيفاً أن رؤساء الدوائر والأقسام هم من اقترحوا الأسماء، والبعض الآخر من الوزارة، وأن مدير المالية الحالي (معاونه السابق) على علم بكل التفاصيل.

وفي الختام فإنه لابد من وضع دوائر الدولة ولابد من محاكمة جلاديهم الذين يعبثون بأمن الوطن الاقتصادي والاجتماعي، لأن مصلحة الوطن والمواطن تقتضي ذلك.

لقد ثبت «لقاسيون» اهتمام السيد رئيس الجمهورية بقضايا هؤلاء العمال وتوجيهه لرئيس اتحاد العمال بمتابعة قضيتهم ولا نعلم سبباً للإبطاء.. ولم نشهد سوى تحرك أمين فرع الحزب بحلب الرفيق عبد القادر المصري الذي طلب بموجب كتاب رسمي تم رفعه للقيادة القطرية إعادة العاملين الشرفاء إلى عملهم، وهذا موقف يستحق الاحترام والتقدير، ويدل على مناقبية ووفاء وإخلاص لقضايا العمال.

فهل سيتحرك مجلس الشعب والجبهة الوطنية التقدمية لحل هذه المشكلة أخذاً بتوجيهات رئاسة الجمهورية، أم ستبقى اللامبالاة وضعف المسؤولية هي السائدة؟

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 19:08