هموم غير عادية، لمواطن عادي جداً

أن تكون جالساً في البيت، في الدائرة، في العمل، أو تسير في الشارع ملتفتاً نحو اليمين واليسار، أن تكون نائماً أو مستلقياً بين هموم كثيرة تلاحقك، القلق والخوف على الحاضر والمستقبل يساورك، وأسئلة تطرح وتطلب الإجابة: لماذا الغلاء والارتفاع الجنوني للأسعار؟ لماذا ضعف القوة الشرائية والتدني المستمر لمستوى معيشة المواطنين؟ لماذا البطالة ونقص فرص العمل وهجرة العقول والأيدي العاملة، والنوم في الخيام؟! وهل ضاقت بهم أرض الوطن؟!

لماذا انتشار السرقات والأوبئة والأمراض الاجتماعية؟ لماذا لم تحل مشكلة المجردين من الجنسية في محافظة الحسكة نتيجة إحصاء عام 1962 الجائر بعد أربعة عقود ونيف؟! من يخلق الاحتقان وبؤر التوتر الاجتماعي؟ من يزرع في النفوس اليأس والقنوط؟

يتهموننا، نحن الشيوعيين، أننا في جريدتنا لا ننظر إلا إلى الجزء الفارغ من الكأس، ونبالغ كثيراً عندما نتكلم عن الفساد والعيوب والأخطاء، ويدّعون أن الدولة لا تتوانى عن خدمة المواطنين، واقتصادنا قوي ومتين، وهناك نمو اقتصادي وقطاع عام رائد، وزيادات متتالية في الرواتب والأجور، والغلاء ظاهرة عالمية، ورفع سعر المازوت كان نتيجة تهريب هذه المادة إلى الدول المجاورة، ووضعنا المعيشي جيد، ويوهموننا أننا نعيش في المريخ أو كوكب آخر.

إن من واجب الدولة تقديم الخدمات الضرورية لمواطنيها، من تعليم وسكن وطبابة وغيرها، وهي ليست منّة أو هبة من أحد، وأي اقتصاد لا يكون قوياً، وأي نمو اقتصادي لا يكون حقيقياً، إذا لم يساهم في تحسين مستوى معيشة المواطنين، أما القطاع العام فتجري خصخصته تحت يافطة تأجيره أو استثماره، أو إيقافه عن العمل بحجة أنه خاسر، ويقوم الفريق الاقتصادي بطرح بعض المنشآت العامة ومباني إدارات الدولة ومؤسساتها للاستثمارات الخاصة، وأية زيادة في الرواتب والأجور تسبقها أو تتبعها زيادات في أسعار السلع والمواد الاستهلاكية، ما يفقدها قيمتها ويتآكلها سلفاً، أما بالنسبة لتهريب المازوت فهل يملك المهربون جيشاً أقوى من أجهزة الدولة؟ وهل يستطيعون إذا رفعوا أسعار المازوت ثلاثة أضعاف أخرى أن يمنعوا التهريب؟ المهربون «مدعومون» ولا يخشون الشرطة أو الجمارك!!

ثم من يدافعون عن الوطن؟ أليسوا العمال والفلاحين؟ ألا يجب ملاقاتهم وتلبية مطالبهم الاقتصادية والاجتماعية والديمقراطية، والدفاع عنها؟ فهي قضية وطنية بامتياز.

نحن نرى الفارغ من الكأس لأن الفاسدين والمفسدين وقوى النهب قد «شفطوا» كل ما في الكأس، ولم يبق فيه سوى الوهم والسراب كما دنسوا الأرض وعاثوا فيها فساداً. وإن الحل الوحيد، الناجع بالتأكيد هو بترحيل الفريق الاقتصادي وسياساته الاقتصادية الليبرالية، وفضح رموز الفساد ومراكزه وتعريتهم، وإحالتهم إلى محكمة الشعوب العادلة، لتأخذ حقها منهم بالقوة، لأنه حق مستلب بالقوة..

■ عبد الحليم قجو

آخر تعديل على الجمعة, 02 كانون1/ديسمبر 2016 17:02