أيها الفلاحون: الحذر.. الحذر !
يشكّل قانون العلاقات الزراعية، وخصوصاً في بعض مواده (106 - 110) هجوماً صريحاً على مصالح الفلاحين الصغار واضعي اليد، وذلك بانتزاع نسبة 60 % من الأرض منهم، وإعادتها للملاكين السابقين.
وإذا كان هذا القانون تعبيراً عن انحياز واضح من جهاز الدولة لصالح الملاكين، وهجوم على المكتسبات الاجتماعية التي حققها الفلاحون بالعرق والدم، فإنه من الطبيعي أن يلقى الرفض من جميع الفلاحين بمختلف الأساليب، وهذا ما حصل في بعض قرى محافظة الحسكة (دير غصن مثلاً) حيث طلب الملاكون - آل مرعي– من الفلاحين إعادة الأرض لهم تنفيذا للقانون، وعلى إثر هذه المطالبة تضامن الفلاحون واتفقوا على رفض ذلك، مما أدى إلى محاولة الملاكين الاعتداء على الفلاحين، وكان آخر الأمثلة على هذه التصرفات غير القانونية ما حدث قبل أسبوع، حيث حدث احتكاك بين الطرفين، تم على إثره اعتقال ثلاثة من الفلاحين وخمسة من آل مرعي تم الإفراج عنهم لاحقا.. وتدخلت قوى عشائرية، كما تدخل ملاكون آخرون على الخط لعقد صلح مؤقت وتهدئة الأمور..
وكما تقول الوقائع على الأرض، فإن مساحات واسعة من هذه الأراضي يستثمرها الفلاحون منذ مئة عام، وقد تم قوننة ذلك عام 1958، وكل ذلك بعد أن قام الفلاحون باستصلاح هذه الأراضي بالتعب والعرق والدم، فالطبيعة الجغرافية لأراضي المنطقة تتطلب استصلاحاً مضنياً لها قبل استثمارها، ومجموع المساحة المعنية في قرية دير غصن تتجاوز 1250 دونماً، ويستفيد منها ما يقارب المئتي عائلة.
وكما أسلفنا فإن هذا القانون يعد تعدياً على مصالح الفلاحين، وعند الاعتداء على مصلحة أي كان، فمن الطبيعي أن يبادر المعتدى عليه إلى الدفاع عن نفسه، ومن هنا فإننا نثمن مبادرة الإخوة الفلاحين في دير غصن عالياً، وندعو جميع الفلاحين في كل المواقع التي يعنيها القانون سيىء الصيت إلى الاقتداء بهم، والحذر من محاولات الملاكين والمتواطئين معهم في جهاز الدولة وخارجه لتمرير مشاريعهم باستعادة الأرض بأساليب التحايل المختلفة المعروفة عن الملاكين تاريخياً في منطقة الجزيرة.
إن نضال الفلاحين ووحدتهم وتضحياتهم الكبيرة، هو الذي أدى إلى حصولهم على الأرض، كما أن هذه العوامل مجتمعة هي التي أدت إلى تطبيق قوانين الإصلاح الزراعي، بكلمة أخرى، إن نضال الفلاحين هو الذي أوجد القانون المعبر عن مصالحهم. وإذا كان الملاكون اليوم يستفيدون من هيمنة قوى الفساد على مفاصل هامة من جهاز الدولة لاستصدار القوانين المعبرة عن مصالحهم، فإن القوى الوطنية مدعوّة إلى الوقوف إلى جانب الفلاحين، فكل معركة تجري في البلاد الآن هي بالمحصلة تجلٍّ للصراع بين الشرفاء من جهة، وقوى الفساد من جهة أخرى، التي تعمل كل ما بوسعها في سبيل عدم تمكن القوى الخيرة من نفخ الروح في الشارع السوري للدفاع عن حقوقه المهددة.