مطلوب فدائي لبراءة اختراع!!
منذ حوالي خمس عشرة سنة، كنّا نشتري الأدوية الزراعية من قسم المبيعات في مديرية زراعة المحافظة، والتي كانت تأتيها دون شك عن طريق وزارة الزراعة لبيعها للمزارعين.
وكنّا حينها نطمئن لنوعها وصنفها وسعرها وصلاحيتها، ثم تخلت وزارة الزراعة عن مزارعيها دون أن نعلم سبباً واحداً لهذا التغيير، إلاّ أننا قد تغيرنا وتضررنا، واستلم القطاع الخاص المزارع من رقبته، وأصبحت شهادة الهندسة الزراعية في كثير من الأحيان تؤجر لتجار المسامير والبراغي، كما تؤجر السيارات السياحية للهواة المدعومين دون شهادات سواقة!! وبدأت تأتينا دفعات من الأدوية بعبوات معدنية وبلاستيكية وكرتونية عليها لاصقات فوق لاصقات، وعندما نبشناها وجدنا أنها منتهية المفعول، وقلنا: الحمد لله (علقوا) ولما أردنا أن نشتكي قالوا لنا: يا شاطر نحن أشطر منك ضع نظارتك واقرأ وشاهد ختم الرقابة من وزارة الزراعة: «صالحة للاستعمال»!! وسكتنا ومازلنا ساكتين، لأن هذا الختم موجود ومعناه (لا تتعب.. دعوتك فاشلة).
لم نقطع الأمل، ونحن لسنا ضد القطاع الخاص، فهم إخوتنا وأحباؤنا، ولابد أن يتنافسوا فيما بينهم وتأتينا أدوية أفضل وأرخص، ولكن الذي رأيناه أنهم جميعاً أكثر من تسع شركات قد تنافسوا علينا أيهما الأقدر على جعلنا نرش أكثر حتى لا تبقى حشرة نافعة أو ضاره على قيد الحياة، ما عدا بيوضها وأنسالها كي لا تبقى بلا رش في المواسم القادمة.
ثم تمنينا ثانية أن تصدر هذه الشركات نشرات وكتيبات لزبائنها المزارعين الأميين عن أدويتها، حتى نتثقف قليلاً.. لم نر شيئاً اللهمّ إلاّ إذا كانت هناك نشرات للذين ليس لهم أية علاقة بالزراعة بظروف مختومة ومدعومة؟ ونحن المزارعين مسالمون، وقلوبنا رقيقة، لا نحب الحرب ولا القتال إلاّ بالأدوية الحشرية والفطرية المدعومة بالأسمدة الورقية لأعداء أشجارنا وثمارنا: العناكب والفراشات وحلفائهما، وعاهدنا أنفسنا ألا نكون ثوريين بعد أن قضت الامبريالية على ثورة المزارع جيفارا، حتى لا يلحقونا به.
فلجأنا إلى حليفنا وسندنا التكتيكي: «الإرشاديات الزراعية» نستجدي، أو الأصح (نَشحَذ) منهم مصيدة للعدو الثاني بعد أبطال تكساس (سوسة الثمار)، فقالوا لنا: هذه الهرمونة تشتريها الدولة بالدولار، والدولار يا حضرة المزارع عملة صعبة ولا يجوز البعزقة فيه، لأنه يضر بالاقتصاد الوطني.
فخطرت ببالي فكرة، أن أكون مخترعاً لهذه الهرمونة التي يبيعها لنا المتحضرون بالدولار، وأحصل على براءة اختراع، وأصبح بطلاً لمزارعي هذه الأمة من المحيط إلى الخليج، لاسيما وأن المواد الأولية متوفرة عندي، وأتميز بها عن الأوربيين، وهي حاسة الشم!! وحاسة الشم عندي أقوى الحواس الست وأستطيع بواسطتها أن أشم رائحة بائع شاورما على بعد كيلو متر، فكيف إذا كانت رائحة أنثوية؟. ولا يكلفني إلا أن أجمعها بكبسولات صغيرة بحجم تحاميل خافض حرارة الأطفال، وأوزعها مجاناً أو بأسعار رخيصة رمزية على رفاقي المزارعين.
ولكني وجدت نفسي متعدياً على اختصاص علماء وفقهاء الهندسة الزراعية، وقد تخطئ هرمونتي وتصطاد «الجعل» المفيد، وأصبح مخرباً، والله أعلم كم تهمة ستلحقني أو قد تعطل هذه المصيدة المصائد التي نصبوها لنا وأكون قد وقعت من تحت الدلف إلى تحت المزراب؟!.
فهل يوجد متطوع غيري ويكون فدائياً ويخترع لنا هذه الهرمونة الأنثوية وطنياً، ويوفر علينا رشة أو اثنتين أو ثلاث بما تحتويه هذه الرشات الزائدة من ثمن أدوية وأجور رش وتلوث للبيئة وإنقاص من قيمة ثمارنا بسبب الأدوية الجهازية التي تخترق القشرة والأنسجة؟ وسنعلق له نحن المزارعين صورته على كل شجرة من أشجارنا ونهتف بحياته عند توفير كل رشة لنا.
■ السويداء - عارف عبيد