كيف سيكون الواقع المعيشي للمواطن السوري في 2015؟!

كيف سيكون الواقع المعيشي للمواطن السوري في العام 2015 عند نهاية الخطة الخمسية 11؟! وهل ستساهم هذه الخطة في تحسينه؟! وهل ستسلم الخطة الحادية عشرة للتي تليها واقعاً اجتماعياً واقتصادياً أسوأ مما استلمته هي؟! وهل ستستطيع النهوض بالواقع الاقتصادي والاجتماعي؟! أم أنها ستكون أكثر إهمالا وأقل اكتراثاً في إنجاز مهامها، خصوصاً إذا ما علمنا أن الخطة القادمة تجاهلت الفقر والفساد كتحديين كبيرين تواجههما سورية واقتصادها.. هذه كلها أسئلة باتت تدور في عقول المهتمين والاقتصاديين والمترقبين إعداد وتجهيز الخطة الخمسية القادمة.

التحديات السبعة
قررت الخطة الخمسية الحادية عشرة تجاهل تخفيض مستويات الفقر في سورية، وذلك بحذفها من قائمة التحديات السبعة التي تواجه الاقتصاد والمجتمع السوري، والذي كان من المفترض أن تضعه الخطة القادمة كأحد التحديات الكبرى التي تواجه عملية إعدادها، كما قررت هذه الخطة تجاهل الفساد الذي احتلت به سورية المرتبة 126 من أصل 180 دولة، والمرتبة 12 عربياً، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية السنوي لعام 2009، على الرغم من معرفتنا العميقة أن تقارير المنظمة لا تتعدى كونها جائزة ترضية تقدم لبعض الحكومات للتفاخر بها كأحد «إنجازاتها»، ولا تعد تقييماً فعلياً لحقيقة الفساد الذي تعاني منه هذه البلدان، وخصوصاً في العالم الثالث والوطن العربي، الذي يعج بملفات الفساد الكبرى، فكيف يمكن لخطة خمسية تنظم حياة الاقتصاد السوري وتحدد مساره لخمس سنوات قادمة أن تتجاهل قضية الفساد ومعضلة الفقر اللتين ستتحولان إلى كارثة حقيقية تعصف بالاقتصاد السوري، وتعيق حركته وتطوره إذا لم يتم التصدي لهما والوقوف في وجه زحفهما وارتفاعهما؟!!
هذه هي أهم التحديات التي وضعتها الخطة الخمسية الحادية عشرة نصب عينيها، حسب ما ذكره السيد تيسير الرداوي رئيس هيئة تخطيط الدولة السابق، في ندوة الثلاثاء الاقتصادي في 5/1/2010:
-الطلب المتنامي على فرص العمل في ظل قصور سوق العمل عن استيعاب فائض البطالة.
ـ نقص الموارد المائية وضعف كفاءة استخدامها.
ـ الطلب المتزايد على الطاقة.
ـ والتفاوت التنموي بين المحافظات السورية.
ـ عدم كفاءة وفاعلية النظام التعليمي وعدم توافقه مع متطلبات سوق العمل.
ـ ضعف القطاع العام.
ـ الضعف الإداري والمؤسساتي في سورية.
 
طموحات الخطة العاشرة
الخطة الخمسية العاشرة، وعلى الرغم من إقرارها تحسين المستوى المعيشي للمواطن السوري إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك، رغم المديح الذي كاله واضعوها عند الإعداد لهذه الخطة، وفي سياق تنفيذها، والسؤال الذي لا بد من طرحه، كيف فشلت الخطة الحالية في تحقيق أولى مهامها، وهي تحسين الواقع المعيشي للمواطن السوري، على الرغم من كونها أبرز التحديات التي نصت عليها الخطة السابقة؟!
تقليص الحد الأدنى للفقر من 11% إلى 7،12%.
تخفيض البطالة من 12% إلى 8%، والتي نصت عليها الخطة الخمسية العاشرة، لكن الحكومة أعادت احتساب معدل البطالة في 2006، أوصلته حسابياً إلى نقطة الانطلاق في الخطة وأصبح 8،1%.
تحقيق معدل نمو يقدر بـ 7%.
تأمين 1،25 مليون فرصة عمل.
 لكن الإحصاءات تقول..
لكن رياح الإحصاءات والتقارير المحلية والعالمية جرت بعكس ما تشتهي السفن الحكومية، والتي أشارت إلى تراجعات مخيفة في مجالات الفقر والبطالة والنمو، جعلت الواقع الاقتصادي والمعيشي للمواطن السوري في العام 2010 أسوأ مما كان عليه في العام 2005 عند الإعداد للخطة العاشرة، ومن أهم هذه الإخفاقات:
ارتفع مؤشر الفقر العام في سورية خلال سنوات الخطة الخمسية العاشرة، حيث كشف التقرير الحكومي الذي تناول نتائج السنوات الأربع الأولى من عمر الخطة الخمسية العاشرة في منتصف شهر كانون الأول 2009، ارتفاع معدل الفقر الأدنى إلى  12% من السكان، وارتفاع هذه النسبة في العام 2008 نتيجة ارتفاع الأسعار عموماً، وخاصة أسعار المواد الغذائية، والعقارات، والمشتقات النفطية، وهذا يعني أن مؤشر الحد الأعلى للفقر ارتفع أيضاً، أي أن 7،12% التي أقرتها الخطة العاشرة قد ذهبت أدراج الرياح، وفشل الفريق الاقتصادي في تحقيقها، بل إن هذه الإجراءات الانفتاحية والخطط الحكومية قد أعادت عجلة الفقر إلى الوراء، ليذهب بذلك مؤشره بعيداً إلى ما قبل العام 2005.
كما أن البطالة ارتفعت هي أيضاً بما لا يدع مجالاً للشك، حيث بلغ معدلها حسب أخر الإحصاءات الرسمية 10.9% في العام 2008، ووصل في الربع الأول من العام 2009 إلى نحو 11.5%، أي أن معدل البطالة تجاوز رسمياً أرقام الخطة الخمسية العاشرة بـ 3،5%، لكن الأهم من هذا كله هو أن العديد من الإحصاءات غير الرسمية تشير إلى تحليق أرقام البطالة ووصولها حاجز 20%، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن فشل الخطة الخمسية العاشرة في تحقيق 1،250 مليون فرصة عمل خلال خمس سنوات، يؤكد بشكل قاطع ارتفاع حجم البطالة في سورية، لأن الخطة ألزمت الحكومة بخلق 250 ألف فرصة عمل سنوياً، وفي هذا السياق، نشير إلى التقرير الحكومي الذي ذكر في سياق تفاخره، وتعداد انجازات الحكومة التي أصدرته في الشهر التاسع من العام 2009، أن الاقتصاد السوري «حقق ما يزيد على 297 ألف فرصة عمل مستقرة ودائمة بين 2005 و 2007»، أي أن الحكومة السورية تحقق سنوياً 100 ألف فرصة عمل، وهذا يعني أن الخطة في حدها الأعلى لن تحقق سوى 500 ألف فرصة عمل حتى نهايتها، أي أن تقصيرها وصل إلى 150% مقارنة بما هدفت إليه، لأنها عجزت عن استيعاب الداخلين الجدد فقط إلى سوق العمل لوحدهم، أي أن معدل البطالة الآن قد تجاوز حاجز 12% التي كان عليها في العام 2005، ووصل بحده الأدنى إلى 15%، رغم ثقتنا الكبيرة بأن الارتفاع أكثر من ذلك بكثير، حيث أن سوق العمل تستقبل سنوياً من 300 – 350 ألف طالب عمل، أي أن الخطة الخمسية العاشرة حتى لو قامت بتنفذ ما قامت بإعداده، فإنها ستؤدى بالنتيجة إلى زيادة معدلات البطالة في سورية، والذي سيؤدي بدوره إلى رفع حجم الفقر بالتوازي مع ارتفاعه.
أما حول قضية النمو، فإن الأرقام الرسمية التي أعلنها رئيس الوزراء محمد ناجي عطري في نهاية العام 2009 تشير إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في سورية وصل بين أعوام 2005 ـ 2009 إلى 5.4 بالمائة، بينما أكد تقرير حكومي أخر صدر في شهر تشرين الأول من العام ذاته أن معدل النمو هو 4،5%، لكن التقرير أشار إلى النمو السلبي في الناتج الزراعي، مقابل القطاعات الأخرى الصناعات التحويلية قطاع المصارف والمال وقطاع العقارات. وهذا يعني بكل الأحوال أن قيمة النمو ومردوده الاجتماعي والاقتصادي الفعلي لا ينعكس إيجاباً على معيشة المواطن إذا لم يتحقق في قطاعات الاقتصاد الحقيقي ومن أهمها الزراعة، من خلال نمو القطاع المالي والعقاري، أي أن الخطة فشلت أيضا في تحقيق معدل النمو الذي وضعته خلال الخطة الحالية.