ين الإقبال المنخفض والتسرب المرتفع التعليم المهني.. واقع وصعوبات
غزل الماغوط غزل الماغوط

ين الإقبال المنخفض والتسرب المرتفع التعليم المهني.. واقع وصعوبات

يعد التعليم المهني ركنا مهماً من أركان الاقتصاد الوطني، إذ يفترض أن يزود الصناعة المحلية بالخبرات المؤهلة والأيدي الشابة التي تتلاءم مع متطلبات سوق العمل، لكن افتقار التعليم المهني في سورية إلى تخطيط منهجي واستراتيجية بعيدة المدى جعلت منه في كثير من الأحيان عبئاً على الاقتصاد لا سنداً له، وذلك لأسباب شتى أبرزها: أن كثيراً من خريجي هذه المعاهد يجدون أنفسهم عاطلين عن العمل، شأنهم في ذلك شأن مختلف شرائح الشباب السوري، في حين أن الصناعة السورية في أمس الحاجة إلى خبرات محلية شابة تعيد بناء ما قوضته الحرب.

 

بين التعليم المهني والتقني

يتم التمييز بين التعليم المهني والتعليم التقني أو الفني،  فالتعليم المهني يعد جزءاً من التعليم النظامي الذي يغطي المرحلة الثانوية ويستقطب الطلاب الذين لم تساعدهم معدلاتهم على دخول الثانوية العامة، وهو يهدف إلى تزويد الطلاب بالمهارات اليدوية والخبرات المهنية في مختلف الاختصاصات الصناعية والزراعية والصحية والنسوية والتجارية وغيرها.

أما التعليم التقني أو الفني فهو نمط من التعليم العالي يشمل المعاهد التي تلي التعليم الثانوي ويمتد لمدة لا تقل عن سنتين. وبغض النظر عن تفاصيل التسمية فإن التعليم المهني عموماً يشير إلى إعداد أيدي خبيرة تؤمن حاجات سوق العمل سواء أكان ذلك في المرحلة الثانوية أو الجامعية.

صعوبات وتحديات

وتحدد دراسة أُعدت عن التعليم والتدريب المهني في سورية التحديات، التي يواجهها التعليم المهني والتقني، بمجموعة من الأمور أبرزها الخلل بين مخرجات العملية التعليمية ومتطلبات سوق العمل، بسبب انخفاض جودة التعليم وعدم القدرة على توفير الاحتياجات التدريبية، إلى جانب ضعف التمويل، وعدم قدرة المناهج على مواكبة التطور المتسارع للتكنولوجيا، وارتفاع نسب التسرب، إذ تقدر نسب التسرب بين الطلاب في التعليم الثانوي بنحو (35-45%)، وذلك لأسباب أبرزها الظروف غير المشجعة بالنسبة للطلاب، ذلك أن احتمال قبولهم في الجامعات أو المعاهد منخفض للغاية، حيث تكتفي بعض الفروع الجامعية بالأول أو الثلاثة الأوائل في كل محافظة، ما يعني أن البقية لن يجدوا سبيلاً إلى إكمال تعليمهم، ويقودهم ذلك إلى إهمال دراستهم أو التخلي عنها والتوجه مبكراً إلى سوق العمل.

في حين يفضل بعض الطلاب إعادة التقدم للشهادة الثانوية أملا في رفع معدله وزيادة فرصه في التعليم الجامعي، ولذلك فإن مطلب زيادة نسب المقبولين من طلاب الثانويات المهنية في المعاهد والجامعات من شأنه أن يشجع الطلاب على الإقبال عليها ويوفر خبرات أكثر كفاءة لمختلف القطاعات الاقتصادية.

التعليم المهني بالأرقام

رغم ظهور العديد من المعاهد الجديدة في العقد الماضي، والتي يفترض أنها جاءت لتلبي متطلبات سوق العمل، إلا أن الإحصاءات لم تسجل زيادات حقيقية في أعداد طلاب المعاهد، بل على العكس تشير الأرقام إلى انخفاض أعداد الخريجين مقارنة بالسنوات السابقة، كما لعب الوضع الأمني المضطرب دوره في انخفاض نسب الخريجين، ففي عام 2014 بلغ إجمالي عدد خريجي المعاهد المتوسطة التابعة لوزارة التعليم العالي 5012 طالباً بينهم 2353 طالباً و2659 طالبة، مقارنة بـ 10435 طالباً عام 2011.

ضرورة ومطلب وطني

ويحقق التعليم والتدريب المهني الاستثمار الأمثل للعنصر البشري، إذ يزيد من الكفاءة الإنتاجية ويسهم في تحسين مستوى الأداء ورفع جودة السلع والخدمات، والحد من الهدر ومشاكل تعطل الآلات، بسبب إسهامه في تأهيل أيدٍ خبيرة تجيد التعامل مع الآلة والمواد الأولية.

وكانت رئاسة جامعة دمشق قد لفتت العام الماضي إلى أن  36% من الوظائف تحتاج إلى أعمال فنية ودراسات تقنية، وأن 60% من الوظائف الجديدة تحتاج إلى مهارات مهنية تقنية، ما يعني أن التعليم المهني والتقني هو حاجة ملحة وضرورة اقتصادية، فلماذا لا تتخذ إجراءات حقيقية لدعم هذه المعاهد وتزويدها بالتقنيات التي تتلاءم مع متطلبات التكنولوجيا وحاجة السوق؟