اسماعيل حسني العبد الله اسماعيل حسني العبد الله

نداء استغاثة.. لمن نوجهه؟

لسادة رئيس الاتحاد العام للفلاحين، وزير الزراعة، وزير الري:

كونكم المعنيين بمعاناة آلاف العائلات التي تعيش على الآبار الكائنة في منطقة الاستقرار الخامسة «البادية» ومشكلتهم مطروحة أمامكم منذ عدة أعوام. هذه الآبار التي حفرت بتشجيع من الدولة عندما احتجنا للمؤازرة أيام الثمانينات حين لم يتبق لدينا من القمح ما يكفي سوى لتشغيل أفران دمشق أياماً معدودة. وبعد أن منَّ الله علينا بالعطاء الجزيل، ضربنا بهذه الآبار وبأفضالها وبالقائمين عليها عرض الحائط! وبذرائع كانت مرة؛ هذه بادية.. وأخرى؛ هذه مراع.. وثالثة؛ فلنحافظ على الثروة المائية.. ورابعة.. وخامسة.. وهكذا..! في كل عام تتكرر المأساة، فتارة تمنع هذه العائلات من الزراعة وأخرى يسمح لهم بها، ولكن بعد فوات الأوان...الخ.

لديكم حتماً معلومات كافية عن عدد العائلات المقتاتة على هذه الآبار والتي لا مورد لهم سواها. أتعلمون أيها السادة أين أغلب هذه العائلات الآن؟ إن كنتم تعلمون فتلك مصيبة وإن كنتم لا تعلمون فالمصيبة أعظم. إنهم الآن إما في لبنان ويعملون في أعمال لا تليق بالمواطن السوري، ومعروفة لدى الجميع، وعانوا الأمرين عند أحداث لبنان الداخلية الأخيرة؛ وإما أنهم نزحوا إلى دمشق وريفها ودرعا ليقطنوا في مخيمات شبيهة بمخيمات الغجر، فأصبحوا يعرفون اليوم بـ«غجر المنطقة الشرقية».

هجر أولادهم المدارس وتحولوا إلى أميين عاطلين عن العمل منقادين وراء (.....)؟!

تعرفون ما الذي ينتجه الجوع والبطالة، بالله عليكم هل يرضي هذا ضمائركم؟!

كم من لجنة شكلتموها لحل معاناة هذه الفئة؟ كم توجيهاً من القيادة السياسية صدر بضرورة معالجة وضعهم؟ ألم يصرّح أعضاء القيادة القطرية عند زيارتهم للمحافظات في السنة الماضية بأن معاناة هذه الشريحة وحل مشاكلهم قد اتخذت بها القرارات اللازمة ولا داعي للبحث بها؟ ألم تنشر جرائدنا منذ ما يقارب الثلاثة أشهر بأن مجلس الوزراء اتخذ قراراً بترخيص الآبار غير المرخصة واستبشر أهلها خيراً؟ ألم يوجه السيد الرئيس، ويُلحّ، أثناء زيارته لمحافظة الحسكة بضرورة الإسراع بحل معاناة هذه الشريحة وجعلها موضع اهتمام؟

لم ينفذ شيء مما قيل، ظننا بكم أنكم تقولون وتفعلون، ولا تكتفون بالقول وحده!

أَإلى هذا الحد يستهان بشريحة معطاءة من المجتمع تعدادها عشرات الآلاف من اليد المنتجة والتي تحولت إلى ما أسلفناه؟!

بالله عليكم، هل عمّرنا البادية أم دمرناها؟ هل بنينا المدارس لنعلم أبناءنا، ثم ليهون علينا خلوها بعد أن هجروها (الأبناء)؟ هل غايتكم المحافظة على الثروة المائية؟ كان الأولى والأجدر بكم المحافظة على الثروة البشرية أولاً، ومن ثم المحافظة على الثروة المائية!

الثروة البشرية في هذه المنطقة عانت الأمرين، ومازالت تستغيث، ولا حياة ولا أذن صاغية لمغيث! توهمونهم بأنكم استجبتم لهم وأعطيتموهم كيس طحين لكل عائلة مع قنينة زيت تكفيهم لمدة خمسة أيام، بالله عليكم هل هذا هو الحل؟!

هؤلاء هم أبناء البلد وعماد فئة منتجة ومعطاءة عند الشدائد، أليست «اليد المنتجة هي اليد العليا في دولة البعث» أيها السادة المعنيون؟!

الحديث ذو شجون، وعانت سورية ما عانته هذا العام من موسم جفاف وشح في الموارد الزراعية، وتصرّف غير مقبول بالمخزون الاستراتيجي الذي ما كان له أن يصدّر، وأنتم أدرى بظواهر الأمور وبواطنها.

والآن أوشك موسم 2009 على الحلول، فهل تلتفتون بجدية وموضوعية لمعالجة مشاكل هذه الشريحة، أم ستستمرون بتجاهلها وجعل وضعها المزري يزداد سوءاً على سوء؟!

كلّ مسؤول يلقي بالمسؤولية على آخر، ونقول إن الكل مسؤول ومعني بالأمر ولا معذرة لأحد أمام الله والتاريخ إزاء ما تعانيه هذه الشريحة.

الكلام كثير في هذا المجال ووضع الأهالي لم يعد يحتمل فقد وصلت أمورهم لأكثر من كارثية، فأغيثوهم وأنجدوهم وأنصفوهم، لأنكم، إن نسيتم، من أوقعهم في ما بات يسمى «ورطة البادية».

ما البدائل لديكم وما الحلول، هل ستتركون الوضع على ما هو عليه؟!

آخر تعديل على الجمعة, 02 كانون1/ديسمبر 2016 18:05