عناصر الطلب النهائي وأثرها على النمو الاقتصادي (1)
(دراسة أنجزت في معهد التخطيط للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دمشق بإشراف الدكتور أنترانيك توماس والدكتور أديب كولو)
أصبح كل من التزايد السكاني وتراجع معدلات النمو من أهم المشاكل التي تواجه دول العالم الثالث الذي بدوره ينعكس انخفاضاً في الدخل مؤثراً على القوة الشرائية التي تخلق عوامل متغيرة تعرقل اقتصاد هذه الدول.
لم تكن سورية بعيدة عن هذه المتغيرات فعدد السكان يزداد بشكل كبير، حيث بلغ معدل النمو السكاني السنوي (2.45 %) وربما أكثر في بعض الدراسات غير الرسمية، وهذا ما سبب بدوره ضغطاً كبيراً على الاقتصاد، وأصبح الاقتصاد بحاجة إلى تأمين ما يقارب /250/ ألف فرصة عمل سنويا كنتيجة حتمية للتراكمات السابقة. وطفت كل من مشكلة البطالة والتغير في معدلات النمو وغيرها كتحديات اقتصادية لتصبح هاجساًَ في سورية ومشكلة على المستوى الاقتصادي.
أمام هذا الواقع تصبح دراسة الظواهر السلبية في أي اقتصاد هي خطوة أولية لمحاولة التصدي لقضايا ملحة وتحقيق التنمية المرجوة عبر معالجة مكامن الخلل بالطرق العلمية المتاحة.
ومن هنا فإن الهدف الأساسي للبحث يكمن في محاولة لتحديد العلاقة المتغيرة بين عناصر الطلب النهائي وحجم قوة العمل انطلاقاً من تحليل وتحديد تفصيلي لمكونات كل عنصر من عناصر الطلب النهائي المتمثلة في كل من الاستهلاك، الاستثمار، التصدير، التغير في المخزون، حيث سيتم تحديد كل عنصر من عناصر الطلب النهائي وفرزه لمعرفة:
- مساهمته النهائية في تحديد حجم النمو الكلي.
- مساهمته في مشكلة البطالة سلباً (تفاقمها) أو إيجاباً (حلها).
يتكون الناتج المحلي الإجمالي Y من العناصر التي تتمثل في الاستهلاك C والاستثمار I والتصدير X والتغير في المخزون S، ويعبر عنها في معادلة التوازن بين الموارد (Y + M) واستخداماتها (C + I + X + S) والناتج المحلي الإجمالي هو مجموع مساهمة كل من الاستهلاك والاستثمار والتصدير والتغير في المخزون مطروحاً منها الاستيراد M.
بمقارنة مساهمة كل عنصر من عناصر الطلب النهائي من الناتج المحلي لأعوام2001، 2005، 2006 والتي بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لها على التوالي: (5.12 %)، (4.5 %)، (6.75 %) يكون:
أ - مساهمة الاستهلاك: بلغت أعوام 2001، 2005، 2006 على التوالي ما قدره (1.02 %)، (11.6 %)، (5.47 %) من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ب- مساهمة الاستثمار: بلغت أعوام 2001، 2005، 2006 على التوالي ما قدره (2.44 %)، (1.96 %)، (1.79 %) من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ج- مساهمة التصدير: بلغت أعوام 2001، 2005، 2006 على التوالي ما قدره (4.68 %)، (0.5- %)، (13.49 %) من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
د- التغير في المخزون أخذ كمساهم في معدل النمو لعام 2005 فقط لأنه لم تتوفر أية بيانات عن دوره قبل عام 2004، وبلغت مساهمته (1.89 %) من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للعام نفسه، وبلغت مساهمته عام 2006 (13.92- %).
هـ- وكان للاستيراد دور كبير في تغطية الطلب المتزايد وبلغ للأعوام 2001، 2005، 2006 على التوالي ما قدره (3.02 %)، (10.43 %)، (0.08 %).
مساهمة كل عنصر من عناصر الطلب النهائي في نمو الناتج المحلي الإجمالي للفترة المدروسة
بناءً على معادلة التوازن بين الموارد (Y + M) واستخداماتها (C + I + X + S) المكونة لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، كانت مساهمة الاستهلاك في عام 2001 منخفضة. وفي عام 2005 ارتفعت، ووصلت عام 2006 إلى (5.47 %)، وهذا ما يشير إلى تزايد الطلب على الاستهلاك، وتم اللجوء إلى الاستيراد لتغطية هذا الطلب المتزايد في ظل ضعف الإنتاج الناتج أساساً عن غياب الاستثمار الفعلي في قطاعات الإنتاج.
أما الضعف في الإنتاج فيظهر واضحاً في مساهمة التغير في المخزون الذي بلغ عام 2006 معدلات سالبة (13.92- %) وهذا ما يؤكد مرة أخرى غياب العملية الإنتاجية.
أما دور التصدير كعنصر من عناصر الطلب النهائي فيصبح شبه غائب في ظل ارتفاع الاستهلاك وغياب الإنتاج (الاستثمار) الذي يؤدي بدوره لعدم خلق فرص العمل.
وبالتالي أدى كل من ارتفاع الاستيراد وانخفاض الاستثمار الفعلي إلى التأثير في معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلية، وذلك لأن الاستيراد امتص الجزء الأكبر من عملية النمو الاقتصادي، وحّد بالتالي من عمليات النشاط الاقتصادي في القطاعات الإنتاجية الفعلية.