ياسر عيسى ياسر عيسى

كيف لا يفسد الجبن..؟!

بما أن خصائص السلع تعكس عادةً خصائص القائمين على إنتاجها، لا يبدو غريباً على مادة الجبن في شركة ألبان دمشق أن تفسد وتتعفًّن، أما ما يبدو غريباً بالفعل فهو أن السلع الفاسدة تخرج عن إمكانية الاستخدام البشري غذائياً، في حين لم يخرج القائم على إنتاجها عن إمكانية الاستخدام الإداري اقتصادياً، وهنا تكمن مفارقة كبيرة ومؤسفة ينبغي حلّها!

أمّا المفارقة الثانية التي لا تقل خطورة فهي أن الوظائف الخمس للعملية الإدارية تتمثل في التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة واتخاذ القرارات بما يهدف إلى تنمية العنصرين البشري والإنتاجي وأن أي خلل أو غياب، وإن كان لوظيفة واحدة من هذه الوظائف، يؤدي إلى فشل العملية الإدارية برمَّتها، فما بالك إذاً بإدارة ما تزال قائمة على رأس عملها بعد أن مارست عكس هذه الوظائف الإدارية تماماً، لتصل بدورها إلى عكس الأهداف الإدارية أيضاً.

والمفارقة الثالثة هي أن المدير العام الحالي لشركة الألبان كان أخذ فرصتين سابقتين لترجمة نظريته الفذّة في الإدارة في كل من شركتي الكونسروة وكاميليا، واستطاع حينها أن يحصل بجدارة على قرار إدانة من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، مما يستدعي التساؤل عن سبب إعطائه الفرصة لتكرار النظرية ذاتها في شركة الألبان، أم أنَّ هناك من يخاف أن يكون لهذا الشخص صفة (غاليلو) معاصر نحتاج إلى الكثير من الوقت قبل أن ندرك قيمة أفكاره؟!

من جهتنا لا نشارككم الخوف من (غاليلو) معاصر يختبئ في شخصيته، وإنما من إقطاعي معاصر امتهن كرامة عمال الشركة وقوانين عملهم مسخِّراً عرقهم في سبيل خدمته الشخصية والمنزلية، وهذا ما لا يقبل به أحد على الإطلاق على ما أعتقد.

نتوجه بالشكر لنقابة الغذائية في اتحاد عمال دمشق وللأقلام الصحفية التي فضحت هذه الممارسات على الملأ ليمارس كل من النقابات والإعلام الدور الوطني الإصلاحي المنوط بهما في الإشارة إلى مكامن الخلل وتعرية التعديات على عمالنا واقتصادنا بمنتهى الإحساس بالمسؤولية، وهذا ما نأمله أيضاً من الجهات المعنية بالمحاسبة.

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 19:51