في الذكرى السنوية الثانية لرحيله: سهيل قوطرش.. الشيوعي الجميل
أولئك الذين يتحدّون الموت وينتصرون عليه قلائل، أولئك الذين يتركون في حياتنا أثراً لا يُمحى، نعرفهم فلا نستطيع إلا أن نعشقهم رغماً عنا.. لأنهم يعشقون الحياة.. يشاركون بصنعها ولأنهم جميلون يوقظون الجمال الكامن فينا، ولأن عشقهم مزمن، تصبح نبضات قلوبهم توقيتنا، ولا يستطيع حتى الموت محوهم من الذاكرة أو انتزاعهم من أعماقنا .
أولئك الذين لا يعيشون على هامش الحياة، بل ينهمكون بصنعها، يؤمنون بعدالة قضيتهم ويخلصون لها، ينتصرون على الموت عندما يزرعون فكرهم في عقولنا فنحمل هذا الوعي بداخلنا ويصبح جزءا منا. وكما أن البحّار يستوطن فيه البحر، فكذلك هو الشيوعي عندما يكون جميلاً، يستوطن فكره فينا وينضج وعيه بداخلنا .
قد يولد المرء جميلاً ولكنه لا يولد شيوعياً.. وحتى نكون شيوعيين يجب أن نفهم ونتعلم، أن نكون أقوياء من الداخل، أن نؤمن بالإنسان القادر المتمكن فعلاً، فللشيوعي دور وظيفي، وإلا ما جدوى وجودنا؟
هكذا علمنا الشيوعي الجميل من خلال تفاصيل حياته الزاخرة، علمنا أن الشيوعي من يقرأ الواقع جيداً ليستطيع إعادة صياغته وتشكيله، وإذا لم يفعل سيمتصه الواقع ويتمكن منه الموت، وأن الشيوعية ممارسة ذات معنى، وأنها فعل يومي، من خلالها نتحسس البطل داخل الإنسان العادي ليتمكن من اكتشاف التناقضات الحقيقية التي تسيّر حياته. وعندها يدرك إمكانية تحويل الواقع لصالحه، وأننا عندما نمسك بحزم بقضايا الناس التفصيلية وحاجاتهم الفردية نستطيع الارتفاع بسقف مطالبهم إلى مستوى السياسة، وبالتالي نساهم في تحويل وتكوين وعيهم الاجتماعي ومن ثم الارتفاع بسقف الشيوعي ليكون شيوعيا حقيقياً، وليس مجرد كاتب (استدعايات). وعندها سيصبح لنا نموذجنا الخاص مهما كانت الظروف صعبة فالقليل الذي نعيش عليه لايهمنا أمام الكثير الذي نعيش لأجله .
الشيوعي الجميل سهيل قوطرش علمتنا الكثير وانتصرت على الموت الذي لم يتعب ولم يستسلم، فتحايل علينا بلعبة الفراق الصعبة، ولكنه لن يستطيع انتزاعك منا، لأنك كامن في أعماقنا.