الرفيق د. قدري جميل: لتتوحّد القوى في جبهة وطنية تضم المقاومين.. وتلفظ المساومين
المعركة اليوم ليست على غزة بقدر ما هي على فلسطين.. وهي ليست على فلسطين بقدر ما هي على الشرق العظيم الممتد من قزوين إلى المتوسط.. وهي ليست على الشرق العظيم بقدر ما هي معركة ستقرر مصير العالم كله والتطور العالمي كله لعقود عديدة إلى الأمام.
لقد أثبتت غزة أن العين تقاوم المخرز، وأثبتت أن العين ينبت لها ناب وظفر وقادرة على الانتصار بمواجهة المخرز.
إننا واقعيون لذلك نعمل من أجل المستحيل، المستحيل في السابق أصبح اليوم واقعاً.. المستحيل كان هزيمة الآلة العسكرية الإسرائيلية وقد أصبح واقعاً في القرن الحادي والعشرين، قرن انتصار الشعوب...
هذا المستحيل هو مستحيل بالنسبة لمسلوبي الإرادة واليائسين والمحبطين.. لكنه الحاضر الواقعي والمستقبل الواقعي بالنسبة للمقاومين...
وبهذه المناسبة نريد إرسال بعض الرسائل..
- الأولى: إلى بعض الحكام العرب الخونة الذين يتواطؤون ضد الشعب الفلسطيني وضد شعوبهم نفسها.. لقد انتقلوا إلى مواقع الخيانة الرسمية.. أيها الحكام نعرفكم دائماً أنكم كنتم في موقع الخيانة مع العدو التي كنتم تخفونها وأصبحتم تجاهرون بها.. لقد انتهى عصركم وجاء عصر شعوبكم التي ستكنسكم ولن ينفعكم حلفاؤكم الذين يعانون الهزيمة تلو الأخرى لذلك لن نخاطبكم، بل نخاطب شعوبكم ونقول لهم: لم يعد من المبالغة القول إن الدفاع عن القضية الفلسطينية وكل قضية عادلة أخرى أصبح يمر عبر إسقاط هؤلاء الحكام، وإرسالهم إلى مزبلة التاريخ.. هكذا يتم الدفاع عن غزة والضفة الغربية وعن كل قضية عادلة بالأفعال المرتبطة بالأقوال.. هكذا فقط لا غير. يجب أن نجعل من المساومة خطأ يعاقب عليه دون رحمة...
- الثانية: إلى قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة القادرة على الفعل: إن مصيرنا ومصيركم يتقرر في هذه اللحظات... يجب أن يكون صمود غزة خطاً أحمر غير مسموح تجاوزه.. نناشدكم أن توسعوا رقعة المقاومة إذا تطلب صمود غزة هذا الأمر... لا تتهيبوا، لا تحسبوها كثيراً... لقد دخلنا في مرحلة تاريخية جديدة مرحلة الهزائم المتكررة للعدو الأمريكي ـ الصهيوني والتي ستستمر حتى هزيمته التاريخية. التقطوا اللحظة التاريخية وكونوا على مستوى تطلعات جميع شعوب العالم.. احموا غزة تحميكم شعوبكم.. شعوبكم تطلب الكثير منكم، وهي تستطيع الكثير أيضاً، إذا كنتم على مستوى تطلعاتها..
- الثالثة: إلى كل القوى الوطنية الفلسطينية بغض النظر عن انتماءاتها الأيدلوجية والسياسية: توحدوا في جبهة وطنية عريضة. جبهة تضم المقاومين، وتلفظ المساومين... لا يمكن أن تقوم وحدة وطنية بين مقاوم ومساوم... لقد انتقل المساومون فعلياً إلى موقع العدو.. المقاومة أساس صالح وفعال لأوسع وحدة وطنية.. البندقية الموحدة اليوم هي التي تصنع الوحدة الوطنية، وأرض غزة اليوم أكبر مثال على ذلك...
- الرابعة: إلى قوى اليسار أينما كان.. إن الجماهير تنظر إلينا وتنتظر أفعالنا، وكي لا نخذلهم أول ما يجب فعله أن نتبرأ ونتطهر من قوى اليسار المزيف التي انتقلت إلى خندق اليمين والعدو فعلياً.. اليسار ليس كلمة تقال، بل فعل يمارس، وبقدر ما نفعل نستعيد ثقة الجماهير الواسعة التي تنتظرنا.. اليساري الحقيقي اليوم هو من يناضل ضد المشروع الأمريكي ـ الصهيوني بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. هذا هو الأساس.. لذلك يجب رص الصفوف وتجاوز كل اختلافات وجهات النظر الثانوية.
وبهذه المناسبة نحيي فنزويلا – شافيز، وبوليفيا- موراليس اللذين أثبتا أن المعركة واحدة في كل العالم، وأن نعالهما أنظف وأطهر من ذقون الكثيرين من الحكام العرب.
- الرسالة الخامسة: إلى غزة الباسلة، إنك تصنعين التاريخ اليوم، التاريخ الجديد للشعوب، نحن متأكدون أن غزة لن ترفع الراية البيضاء وستتحول إلى مقبرة للغزاة، ونعرف أنك تصمدين بلحم أبنائك، بلحم أطفالك، لأن الإرادة لا يمكن أن تقتل مهما قتلوا منا... سمعنا الأطفال والنساء يصرخون ويتألمون، ولكننا لم نسمعهم ولن نسمعهم يقولون نستسلم. إن العدو الإمبريالي ـ الصهيوني يراهن على الاستسلام، ولكن الذي سيحصل هو العكس.. لذلك وفاء للشهداء، ووفاء للصمود الأسطوري لغزة، لا مساومات.. الخيارات واضحة، والبدائل موجودة.. البديل هو المقاومة، مقاومة المشروع الأمريكي الصهيوني في كل مكان.. نعرف واجبنا، يجب أن يلعب اليسار العربي دوره في إطلاق الطاقات العربية وبأسرع ما يمكن، فإلى متى نحن منتظرون؟ إن غزة لن تعذر ولن تغفر لمن يتأخر عن نجدتها.