إشاعة برائحة القرار. . و(الاتصالات) تقيّم نفسها
صدمة أسعار جديدة تلوح بالأفق، وكالعادة، بدت القضية على أنها تسريبات تحدث بها مصدر مجهول، وكالعادة أيضاً، نفت الجهة المعنية المعلومات لكن ليس تماماً، وهذا ما يتم غالباً قبل أي قرار حكومي من هذا النوع.
منطقياً، بعد رفع أسعار المحروقات -غير المنطقي- فإن الأسعار والخدمات سترتفع عاجلاً أم آجلاً بنسب معينة، حتى الحكومية منها، ومن هنا، انتشرت تقارير صحفية مؤخراً، مصدرها مجهول في الشركة السورية للاتصالات، يعلن بها عن نية الشركة رفع أجور خدمة الانترنت ADSL، التي يعاني أغلب مشتركيها من بطئها وتدني جودتها.
عدم اكتراث
وفقاً لبعض المشتركين الذين استطلعت «قاسيون» آراءهم، فقد يعتبر هذا التسريب من المصدر، تمهيداً للقرار القادم، لكن الشكوى هذه المرة ليست فقط على قرار وشيك برفع الأسعار، بل عن خدمة «سيئة» لم يتم حل مشاكلها جميعها، بينما تفكر الشركة برفع أجرتها،.
ويرى هؤلاء أن «أغلب نفقات الشركة والتكاليف التي تتحملها حالياً، هي لزيادة عدد البوابات وجذب مشتركين أكثر، بينما لا يتم الإنفاق على الصيانة والتجديد والتطوير وتوسيع الشبكة الداخلية»، مؤكدين أن «تحميل الزبائن عبء تكاليف الشركة السورية للاتصالات، وعدم الاكتراث بالاشتراك الذي يدفعه الزبائن دون الحصول على خدمة سوية، عبارة عن استهتار بالمشتركين والذين هم من يدفعون الاشتراكات».
توسع على حساب الجودة
وتستمر الشركة السورية للاتصالات رغم الشكاوى، ببيع بوابات الانترنت يومياً، مما زاد العبء والضغط على الشبكة الداخلية، التي أُعلن العام الماضي عن مشروع لتوسيعها لم ينته حتى اليوم، على أمل أن يلمس المشتركون فرقاً في الخدمة نحو الأفضل مع نهاية عام 2015، وهذا الذي لم يحدث البتة.
ومنذ بداية العام الجاري حتى اليوم، تم تركيب 165 ألف بوابة من أصل 350 ألف بوابة مخطط تركيبها هذا العام للقطاعين العام والخاص، وهذا يعتبر رقماً كبيراً وخاصة وإن علمنا بأن كل بوابة تحمل حوالي 8 مشتركين، أي أن حجم الضغط سيكون ناتج ضرب عدد البوابات بـ 8.
تعديل الأسعار يعني رفعها
لا ترى الشركة السورية للاتصالات أي شيء «معيب» في دراسة «تعديل» أسعارها كما يحلو لها أن تسمي العملية، مثلها مثل باقي الجهات الحكومية، فكلمة «تعديل» أخف وقعاً من «رفع» على عامة الشعب، لكن في النهاية ستكون النتيجة الحتمية هي رفع الأسعار رغم محاولة الشركة المراوغة، حيث قال مدير التسويق في الشركة السورية للاتصالات فؤاد يوسف لوسائل إعلامية إن «دراسة تعديل الأسعار في الشركة دائمة ومستمرة ولا تتوقف، للأخذ بعين الاعتبار التكاليف التشغيلية المتغيرة وطبيعة السوق، وهنا نقف على الميزانية إن كانت مقبولة أم غير مقبولة، ويتم تعديل الأسعار وفقاً لذلك» على حد قوله.
لم نقلها بعد!
اعتبر البعض التصريح الرسمي للشركة هروباً للأمام، وخاصة وأن التسريبات السابقة وضعت ارتفاع التكاليف والأجور والتشغيل، ومولدات الكهرباء وقطع التبديل وأجهزة الحزم والبوابات إضافة إلى الكابلات، كأهم أسباب دراسة رفع الأسعار، لكن صاحب التصريح فضل على ما يبدو عدم تسمية الأمور بمسمياتها مستمراً بالتبرير« أسعار المحروقات ليست مؤثرة بشكل كبير ودائم وقد لا تكون مسوغاً لرفع الأسعار، وأحياناً يكون تأثيرها هامشياً، إلا إن كان سعرها سيدخلنا في هامش الخسارة».
دراسة رفع الأسعار شاملة
يرى صاحب التصريح بأن ما قيل كله عن رفع الأسعار «غير رسمي وغير موثوق»، ما لم يتم إعلان أي شيء بخصوص رفع الأسعار من قبل الشركة بشكل رسمي، ولا يوجد أي قرار بذلك»، مضيفاً: «ليس هناك ضرورة للإعلان عن موضوع ما زال ضمن الدراسة حتى الآن» والتي تشمل وفق حديثه دراسة ليس تعديل الأسعار خدمة ADSL، بل تطال الخدمات الأخرى كلها ومنها المكالمات مما ينذر بما هو أعظم.
أليس الزبون دوماً على حق .؟
يعترض المصرح على فكرة تدني مستوى الخدمة التي يرددها الكثيرون ويعتبر أن هذا الاعتراض من قبل البعض ليس كافياً ليكون تقيماً صحيحاً فمقارنة مشترك هنا أو هناك لسرعة النت بأخرى عند مشترك آخر ليست معياراً فالشركة تقيم جودة الخدمة بمنظورها كونها تمتلك تجهيزات تكشف عن مستوى الجودة بشكل عام، والسرعة بشكل خاص، أي أن الشركة تقيّم جودة الخدمة من منظورها ولا تأخذ بعين الاعتبار حديث غالب المشتركين عن سوئها!.
لا تغرك السرعات!
ويتابع مدير التسويق للشركة العامة للاتصالات «الخدمة مبدأها تشاركية، وطبيعي أن يحدث بطء عند الضغط، فهذه القضية عالمية، والشبكة مصممة للتشاركية في الخدمة والاشتراك الشهري، للتوفير على المشترك كي لا يشترك بسرعات ثابتة أجرتها أكبر»، وتتيح التشاركية التي يتحدث عنها ، بيع البوابة الواحدة لـ 8 مشتركين، وتقسم السرعة والأجرة الشهرية عليهم.
ولو افترضنا أن زبوناً قرر الاشتراك في بوابة سرعتها 1 ميغابايت كما تروج الشركة في اعلاناتها، سيكون نصيبه من السرعة 0.125 كيلوبايت/ثانية، وهذا ما لا تعلن عنه الشركة، وإن استخدام الثمانية للخدمة في وقت واحد وخاصة بأوقات الذروة مع تشغيل مقاطع فيديو، فذلك يعني انعدام الخدمة.
لنقطع الطريق على مروجي الخصخصة
ما زالت الشركة العامة للاتصالات تقدم خدماتها للمواطنين رغم السلبيات والشكاوى كلها وتردي جودة الكثير من الخدمات وهذا ما يجب التنبه له والوقوف مطولا أمام أهمية الشركات العامة الخدمية، وأهمية تدارك عيوبها وتطويرها وتقويتها، وبذلك يتعزز دور الدولة في الحياة الاقتصادية الاجتماعية، ويقطع الطريق على الترويج للتشاركية والخصخصة تحت شعار «القطاع الخاص خدماته أفضل وأحدث».