ثانوية دير العصافير المختلطة إدارة مستبدة ترعب الطلاب
برسم السيد وزير التربية
إن الأمم مهما فسدت يمكن إصلاحها إذا نجا من سيطرة الفاسدين فيها القضاء والتعليم، ففي المنشآت التعليمية يتم تخريج أجيال المستقبل التي يقع على عاتقها بناء المجتمع السليم، ومن المفروض أن تكون هذه الأجيال على درجة ثقافية وعلمية وصحية ونفسية سوية تمكنها من حمل هذه المهمة وتنفيذها، فإذا حدث خلل في إحدى هذه النواحي فقد يكون لها منعكس سلبي يشكل خطراً كبيراً على تماسك المجتمع وأمنه وتقدمه.
كانت ثانوية دير العصافير المختلطة، التي تم افتتاحها منذ أكثر من ثمان سنوات، وحتى ما قبل عامين، منارة للعلم لأهلها وللقرى المجاورة لها، وحققت نسباً جيدة بالنجاح في الشهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي، وهناك أكثر من عشر بنات تخرجن من الجامعة بمعدلات جيدة بفضلها، ومنهن من أتممن دراسات عليا باختصاصات مختلفة، أما في العام الماضي فقد كانت نسبة النجاح فيها أدنى نسبة في ريف دمشق، وتسرب منها هرباً من الوضع السيئ طلاب الحادي عشر العلمي، إما إلى مدارس أخرى، من سمحت له ظروفه الاجتماعية والاقتصادية، ومنهم من اضطر لترك التعلُّم نهائياً، وهذا ما أدى إلى انعدام شعبة البكالوريا العلمي فيها لهذه السنة، فلا أحد من الطلاب يجرؤ على التسجيل في الثانوية والدوام فيها، والخوف الأكبر على البنات المتبقيات في هذه الثانوية التي تسير في طريقها إلى الانقراض، لأنه لو تم إبطال مرحلة التعليم الثانوي فيها، فسوق تتوقف البنات عن متابعة طلب العلم نهائياً، لأنه لا يجوز للبنات مغادرة القرية للتعلم... فما الذي حدث؟ ومن المسؤول عن ذلك؟!
نَمَت إلينا بعض الأخبار المتفرقة عن إدارة الثانوية، وللوقوف على صحة ما سمعناه كانت لنا لقاءات مع بعض الطلاب والأهالي الذين أكدوا أن السبب الرئيس لكل هذه المشاكل هو الأسلوب غير الصحيح الذي تمارسه إدارة الثانوية، ففي بداية العام الدراسي الماضي تم إنهاء تكليف المدير (حنا دلول) وإعادته إلى التدريس، وتم تعيين المدرس محمود محمد الحاج مديراً للثانوية بكتاب تكليف مؤقت، ونظراً لمعرفة أهالي بلدة دير العصافير بحقيقة أخلاقه وتصرفاته، فقد اعترضوا لدى مدير تربية ريف دمشق على تعيينه مديراً للثانوية، وقد طمأنهم مدير تربية ريف دمشق أن تكليفه بالإدارة مؤقت، وأطلعهم على قرار التكليف «المؤقت».
إدارة جديدة... وانهيار مفاجئ
منذ تولي المذكور إدارة الثانوية اعتبرها سلطة مطلقة له، وأخذ على عاتقه أن «يربي القرود والسعادين بطلابها»، وبأسلوبٍ قاسٍ لا يردعه بكاء طالب، ولا يحنن قلبه أو يخفف قسوته نزيف الدماء من أيدي الطلاب ووجوههم ورقابهم وأرجلهم، وقد اعترض عنده الكثير من الأهالي على هذه التصرفات مع أبنائهم، فكاد يطردهم من مكتبه قائلاً: «ما حدا يناقشني، أنا ما حدا بيحاسبني، اللي ماعجبو هديك مديرية التربية» وقد صرح أمام الكثيرين منهم أنه باقٍ في المدرسة رغماً عنهم، وهو مدعوم ومحمي من رئيس غرفة تجارة ريف دمشق ومن مسؤول رفيع في قيادة فرع ريف دمشق لحزب البعث.
نماذج من مخالفاته الإدارية والتربوية
إن ما يهم أهالي بلدة دير العصافير وأول مطلب لهم، بغض النظر عن مخالفاته الإدارية والقانونية، هو الحفاظ على أبنائهم وحمايتهم من الأذى الذين يتعرضون له، بسبب «اتِّباع المدير المكلف لأسلوب الضرب غير الواعي وعديم الإحساس، وبدون سبب، فهو يضرب الطلاب بالمسطرة أو العصا على ظاهر اليد حتى تنزف منها الدماء، أو يضربهم على الرقبة أسفل الحنك، وهذه منطقة الأوردة القاتلة وقد تكون الضربة خطيرة على حياة من يتعرض لها». وهذا تصرف شهده كثير من المدرسين والمدرسات الذين بدورهم يشكون من استخدامه أسلوب العنف اللفظي والشتائم والألفاظ غير اللائقة مع المدرسين والطلاب على حد سواء. وبسبب هذا الأسلوب تحدث دائماً مشاجرات عنيفة بينه وبين أهالي الطلاب.
العقوبات الجماعية وضرب الشعبة بأكملها، أو حتى طلاب المدرسة كقطيع غنم، هي هوايته المفضلة، ويغتنم أية فرصة سانحة مهما كانت التهمة تافهة لتنفيذ ذلك، فحدث مرة أن فتح الطلاب تدفق المازوت للمدفأة (نقطة سريعة) نظراً لشعورهم بالبرد ذات صباح ماطر، فكان عقابهم الويل والثبور والضرب المؤذي لكل طلاب الشعبة.
وحدثنا الأهالي أن «المدرسة قد قامت العام الماضي بتنفيذ معرض فني وأجبر الطلاب على إحضار أصص النباتات لتزيين المدرسة ولما لم يكن في القرية نباتات زينة وورد صالونات قام بضرب طلاب المدرسة كافة حتى أحضروا ما طلب منهم شراءً، ولسوء حظ الطلاب فُقِدَت إحدى الأصص، أو ادعى هو ذلك، فعاقب طلاب شعبتي الصف الثامن حيث دخل هائجاً وضرب طلاب الشعبتين بالكامل حتى شفى غليله الحاقد».
هذه المخالفات وغيرها وردت في كتاب العقوبة الموجَّه من مديرية التربية في ريف دمشق برقم 1758/2 إلى العامل المدرس محمود محمد الحاج والدته يسرى اختصاص فلسفة، المكلف بإدارة ثانوية دير العصافير المختلطة، الذي جاء فيه:
إشارة إلى الكتاب الوزاري رقم 3660/43 سجل (4/32) تاريخ 8/10/2009 المعطوف على التقرير رقم 79/ن.ف تاريخ 24/8/2009. والمطالعة رقم 388/ر.د تاريخ 25/8/2009.
رأينا فرض عقوبة الحسم بحقك بنسبة 5% لمدة ستة أشهر للأسباب الآتية:
1ـ استخدامك أسلوب الضرب رغم كثرة البلاغات الوزارية الناظمة لمنع الضرب.
2ـ استخدامك العنف اللفظي والألفاظ غير اللائقة مع الطلاب.
3ـ السماح للمدرسة المساعدة راغدة دندن بالغياب عن المدرسة دون إجازة أصولية لمدة ثمانية عشر يوماً.
4ـ السماح للآنسة هبة شيخ سليمان بالدوام عوضاً عن المدرسة المساعدة راغدة دندن دون تكليف من مديرية التربية.
5ـ السماح للسيد أحمد لولو بالدخول وحضور دروس عند المكلف مصطفى لولو دون أية موافقة من مديرية التربية.
6ـ عدم رفع طلب استصدار قرار للمكلف عمار العلي وقيامه بالدوام باسم المكلف مصطفى لولو.
7ـ قبول طالبات مستمعات في المدرسة.
8ـ عدم القدرة على قيادة المدرسة بأسلوب تربوي.
وتم توقيع العقوبة من رئيس دائرة الرقابة الداخلية، ومدير تربية ريف دمشق.
مفعول عكسي سيء لقرار العقوبة
استمرت هذه الممارسات حتى بعد قرار العقوبة بسبب استقوائه بمن ذكرهم، واطمئنانه إلى أن أحداً لا يستطيع محاسبته أو إزاحته من منصبه، كما صرح مرات عديدة، بل زادت شراسته وحدة تصرفه تجاه الطلاب، فقام بضرب الطالب (محمد علي الحمد) من الصف السابع وكسر له يده، وهناك صور شعاعية وتقارير طبية تثبت ذلك، وبسبب دعم بعض المتنفذين له هدد أهل الطالب بنقله من المدرسة أو طرده إذا تقدموا بشكوى.
ونتيجة استمرار هذه الممارسات جاء كتاب مديرية التربية في ريف دمشق رقم 3793/5 تاريخ 19/10/2009 الذي فيه: «إلى المدرس محمود محمد الحاج ع.ط ثا/دير العصافير المختلطة:
إشارة إلى كتاب دائرة الرقابة الداخلية رقم /1753/11/2 تاريخ 15/10/2009
رأينا إنهاء تكليفك بمهمة إدارة الثانوية.
للإطلاع ومراجعة دائرة التعليم الثانوي بشأن تثبيتك».
وقد وقع على قرار إنهاء التكليف رئيسة دائرة التعليم الثانوي، ومدير تربية ريف دمشق، طالبين من إدارة الثانوية موافاتهم بالانفكاك. ولكن المذكور مازال على رأس عمله حتى الآن، ومازال مستقوياً بأصحاب النفوذ ويمارس أسلوبه المتسلط دون رادع أو محاسبة.
هذا غيض من فيض مما ذكره لنا أهالي الطلاب في دير العصافير، وأكدوا أن ما ذكروه هو جزء صغير من المخالفات التي يملكون الشهود والوثائق لإثباتها، وينتظرون تنفيذ الإجراءات الرسمية اللازمة.
المطلوب إجراء حاسم
إن تربية الأجيال بهذا الأسلوب سوف ينعكس على المجتمع، فهذا لا يولد إلا الحقد والاضطراب النفسي والشعور بالكراهية تجاه العلم والقائمين عليه، وسيدفع بعض الأفراد للتصرف بما يضر بالمجتمع وأمنه واستقراره وتماسكه.
فإلى متى ستبقى ظاهرة الاستقواء بالمدعومين؟ وهل يرضى أصحاب المناصب أن يتصرف أصدقاؤهم ومعارفهم بهذا الأسلوب؟! يجب إحقاق القانون وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، لحماية أولادنا وأجيالنا القادمة من الخلل والتشوهات النفسية والاجتماعية، ولنبني الإنسان القادر على احترام كرامة الوطن والمواطنين.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.