من الذاكرة: الوجه الكفاحي الناصع
مازالت كلماتها ترن في أذني وهي تقول:
«وما هي إلا أيام قليلة حتى جاء والده وخطبني من أبي وتمت الموافقة وتزوجت وانتقلت إلى بيت زوجي في عامودا عام 1946، ومنذ ذلك الحين ارتبطت حياتي كلياً بحياته فصار من الصعب أن أتذكر ما مضى من عمري إلا وأتذكر ذلك الزوج الرفيق عبد الأحد عبد لكي الذي كان وراء تعرفي على الفكر والعمل السياسي... على النضال... على الحزب».
هذه الكلمات للرفيقة القديمة فكرية ميرو أم يوسف. أعادتني إلى ما سبق وسجلته في أوراقي التي ضمت الكثير من أخبار الرفاق القدامى الذين أسهموا في بناء صرح حزبنا الشيوعي السوري. وكتبوا صفحات مجيدة في سجل تاريخه الحافل بالعمل والنضال لخير الشعب والوطن.
والرفيقة أم يوسف من مواليد الدرباسية عام 1929 أما الرفيق أبو يوسف فهو من مواليد عامودا عام 1919، انتسب إلى الحزب عشية جلاء المحتل الفرنسي عن أرض الوطن عام 1946 ومن ذكرياتهما المشتركة التي روتها الرفيقة فكرية:
«في عهد ديكتاتورية حسني الزعيم اعتقلنا معاً، وفي المخفر جرى تعذيبه بهمجية قرب درج المخفر، ثم دفعوه ليهوي على الدرج إلى أسفل البناء، وهو على آخر رمق، وبعد خروجي من المخفر التجأت إلى غرفة في أحد البساتين للتواري عن أنظار عناصر الأمن، لقد كان زوجي معروفاً بصلابته حيث لم يدل لأجهزة الأمن بأية معلومة رغم اعتقاله اثنتي عشرة مرة مع ما رافقها من جولات التعذيب الوحشية.
كذلك اعتقلت معه في عهد ديكتاتورية أديب الشيشكلي وقد جرى تعذيبه أمام عيني ليدلي بما يعرف من معلومات. كنت أرى ما يجري بمرارة وألم شديد، عندها قال لهم: إن تطلقوا سراح زوجتي فسوف أخبركم بما تريدون، فقالوا: وما الذي يضمن لنا أنك ستخبرنا بما لديك؟ فقال الضامن أنني بين أيديكم، فأطلقوا سراحي، وأسرعت للاختباء في مكان آمن. ولما تأكد من نجاتي من الخطر، رفض الإدلاء بأي شيء، فعادوا لتعذيبه بكل لؤم وشراسة لدرجة أنه شارف على الموت الأكيد».
ومما قالته: ورغم كل الصعاب والمحن التي تجابه وطننا والحياة السياسية فيه أتمنى أن يستعيد الحزب وجهه الكفاحي الناصع.