مشكلة العنوسة تهدد المجتمع السوري

تزداد ظاهرة العنوسة بين الرجال والنساء بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعصف بالبلاد، وتزداد نسبتها دون توقف مهددة بمشكلة اجتماعية خطيرة.

وتبين الإحصاءات ارتفاع سن الزواج في سورية، فمتوسط عمر العزوبية عند الذكور بلغ /30/ وعند الإناث /26/، وأن نسبة العانسات من الإناث أكثر منها عند الرجال. والنساء طبعاً هن أكثر تأثراً بالمجتمع وبضغوطاته بحكم العادات والتقاليد، فكلما زاد عمر الفتاة قلت فرصة زواجها، وأصبحت مضطرة للتنازل عن الكثير من مواصفات فتى أحلامها، ناهيك عما تتعرض له من إحباطات ومجاملات تدعو لها بالزواج فتصاب بخيبة أمل تزداد يوماً بعد يوم، وقد يصل الأمر بهن إلى العزلة أو مصادقة من هنّ من عمرهن فقط والابتعاد عن المجتمع والهروب من نظرات الفضوليين، أو من ضغط الأهل للموافقة على أي عريس مهما كان عمره أو وضعه الاجتماعي.

واليوم يلجأ بعض الأهالي الذين كانوا حتى فترة قريبة ضد الزواج المبكر، لتزويج بناتهم في سن مبكرة حرصاً عليهن من العنوسة، على أساس أن أي زواج أفضل بمائة مرة من كلمة عانس، متناسين مدى أهلية الفتاة لتكون زوجة أو أنها وصلت إلى مستوى الوعي والنضج لتختار شريك الحياة ولتربي أطفالها تربية صالحة أم لا، وبذلك يقتلون أجمل مراحل عمر الفتاة ويحرمونها من التعليم الذي هو سندها الحقيقي الوحيد.

أما الشاب، فمشكلته ليست أسهل، إذ يتعرض لضغوطات اقتصادية واجتماعية وأزمات مالية مستمرة وهو في مقتبل العمر، فيعزف عن فكرة الزواج أو يؤخرها أو يقرر الهجرة، تحت ضغط الواقع الاقتصادي الذي يعاني منه المجتمع السوري، مشكلاً السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة العنوسة.

يقول فادي، وهو شاب في الـ/36/ من عمره: «الشاب السوري منذ يفاعته يبدأ بتلقي الصدمات الواحدة تلو الأخرى ابتداءً من صعوبة متابعة الدراسة، ثم الخدمة العسكرية، فالبحث عن وظيفة دون أمل، فالبطالة وارتفاع ثمن السكن إن كان يفكر بشراء أو حتى استئجار منزل هذا الأمر الذي أصبح لدى الشباب حلماً صعب التحقيق.. فيغرق في الضغوط المادية والاقتصادية، ويمر العمر، ويصل إلى مرحلة يصبح فيها خيار الزواج صعباً ومعقداً، وأحياناً تجبره الظروف على خيار سيئ»..

إن نسبة الفقر التي تصل في سورية إلى /60%/ وأكثر، وأزمة السكن، وغلاء في الأسعار والبطالة لأكثر من مليون شخص من إجمالي قوة العمل السوري... كل هذه الضغوط تجعل الشاب في حالة أزمة مالية ونفسية دائمة، يحاول الهروب منها دون أمل، وكأنه عالق وسط البحر لا يجد سفينة تنقذه ولا يستطيع العودة.

كل ما سبق يشكل السبب الأساسي للعنوسة، ناهيك عن الشروط القاسية التي يفرضها بعض الأهالي على الشباب المتقدمين للزواج، إذ قد يطالبون بأغلى المهور وأفضل الشقق السكنية عدا عن شرط حفل الزواج في أرقى الصالات أو الفنادق.

ويترتب على العنوسة آثار سلبية، إذ تزيد من تفسخ المجتمع، وتؤدي لارتفاع معدلات العلاقات غير الشرعية، والدعارة، والإجهاض... إضافة إلى ارتفاع نسبة الزواج العرفي الذي قد يعتبره الشباب وهو في حالة ضعف أنه أقل تكلفة من جميع النواحي.. فإلى متى يتحمل المجتمع آثار هذه الظاهرة؟ وهل سيبقى المسؤولون الاجتماعيون والاقتصاديون غارقين في العسل بينما المجتمع يوشك على الانهيار؟؟

يبقى المفتاح لحل هذه المشكلات هو خطة اجتماعية- اقتصادية تعيد التوازن والاستقرار إلى المجتمع، وتتيح للشباب إمكانية التعلم والعمل والسكن... والزواج.