مختطفات سوريات ..  مصيبة فوق الكارثة

مختطفات سوريات .. مصيبة فوق الكارثة

مرة أخرى نشهد على ما آل إليه وضع السوريين، وكيف يتم التعامل مع مآسيهم بالمزيد من الاستغلال بأبشع صوره، من قبل ذئاب البشر بلبوس «التجارة»، وهذه المرة كانت على يد عصابة للإتجار بالأشخاص، كما بالدعارة، كان ضحيتها بعض السوريات في لبنان.

«نتيجة للتحريات والرصد الدقيق تمكنت مفرزة استقصاء جبل لبنان، أثناء عملية أمنية نوعية، من كشف هوية مجموعة أشخاص يؤلفون أخطر شبكة للإتجار بالأشخاص في لبنان، وتوقيفهم في محلة جونيه، وتحرير 75 فتاة، معظمهن من الجنسية السورية، تعرضن للضرب والتعذيب النفسي والجسدي».

الفحشاء أو الفضيحة 

كما أوضحت الجهات الرسمية اللبنانية عبر بيان لها أن «عملية التوقيف تمت على مرحلتين بتاريخ 27و29/3/2016، حيث داهمت المفرزة المذكورة الملاهي الليلية والشقق التي كانت تستخدم لإيواء الفتيات وحررتهن، وبعضهن تعرضن للتشوه الجسدي نتيجة تعذيبهن، كما ألقت  القبض على عشرة رجال وثماني نساء يعملن على حراسة وإدارة هذه الشقق، فيما لا يزال اثنان من الذين يديرون هذه الشبكة متواريين عن الأنظار».

كما أشار البيان إلى أن الفتيات المحررات «أجبرن على ممارسة الفحشاء تحت تأثير التهديد بنشر صورهن عاريات، وغيرها من الأساليب”.

كما أُعلن أنه «تم تسليم الفتيات إلى عدد من الجمعيات بناء على إشارة القضاء المختص، فيما التحقيق مستمر لتوقيف باقي أفراد العصابة والمشاركين في الجريمة».

تفاصيل بانتظار التحقيقات

وقد اعترف أحد الأطباء اللبنانيين مؤخراً بأنه أجرى مئات عمليات الإجهاض لهؤلاء الفتيات خلال فترة احتجازهن، ولم يتضح حتى الآن فيما إذا كانت الفتيات المذكورات قد اختطفن من الداخل اللبناني، أم عبر الحدود، كما لم تتضح الفترة التي تم احتجازهن خلالها، ولكن من عبارة «أخطر شبكة للإتجار بالأشخاص في لبنان» الواردة بمتن البلاغ، يمكن أن نستنتج أن مثل تلك العصابة هي نتاج لعدة سنوات من النشاط الإجرامي المنظم، وما تم اكتشافه ووضع اليد عليه الآن قد يكون جرى الكثير مثله خلال سنوات مضت، وهذا ما نتوقع كشفه بنتيجة التحقيقات، وبعد إلقاء القبض على البقية المتبقية من أفراد العصابة المذكورة.

النساء أكثر اضطهاداً

وبعيداً عن التوظيفات والبازارات السياسية في الداخل اللبناني، ما يهمنا من أمر هو ذاك الواقع المأساوي الذي فرض على الشعب السوري، وخاصة النساء منه، وما يتعرضن إليه في كل يوم من أساليب الابتزاز الرخيص للحاجات المعيشية والإنسانية، وضعفهن أمام جبروت وطغيان مثل تلك العصابات التي تعمل بشكل منظم، مما يعرضهن لأقسى أنواع الاضطهاد، اعتباراً من ضغط الحاجة، مروراً بوسائل التعنيف والضرب والتعذيب، وليس انتهاءً بممارسة الفحشاء، حيث بات السوري يجتر مصائبه فوق آلام كارثته.

حوادث أخرى لن تنسى

تجدر الإشارة إلى أن ما تم اكتشافه في لبنان عبر مديرية قوى الأمن الداخلي مؤخراً، ظهر سابقاً شبيهاً به عبر ما سمي بحينها «شاحنة الموت النمساوية»، والتي كان ضحاياها سوريين بمعظمهم، كما أشارت أصابع الاتهام بحينه لوجود شبكة للإتجار بالأشخاص وبالأعضاء البشرية خلفها، كما ما زلنا نسمع حتى اليوم بمن يتاجر بالسوريين عبر رميهم بالبحار، ليلقوا مصيرهم، بمقابل بعض الدولارات في تركيا، كما شاهدنا الممارسات الداعشية الإرهابية بحق النساء من سبي وبيع بأسواق النخاسة، وغيرها الكثير من الممارسات الجرمية تجاه السوريين عموماً، الذين سدت بوجههم الآفاق داخلاً، كما تقطعت بهم السبل خارجاً، ليكونوا ضحايا سهلوا المنال بأيدي نخاسي العصر ومجرميه من الفاشيين الجدد.

نتمنى أن تكون الأخيرة

على ذلك فإن هذه الجريمة بحق السوريات، لم تكن الأولى من نوعها على أيدي مافيا الفساد الفاشي الجديد المحلي والإقليمي والدولي، ولكن ما نتمناه أن تكون الأخيرة على مستوى السوريين كلهم، عبر إغلاق الأبواب المشرعة أمام هذه الفاشية بأشكالها وعناوينها وأدواتها المختلفة، من خلال عودة السوريين لأرضهم، بعد استكمال مسيرة الحل السياسي المنشود.