دورات تطوير المناهج.. انتقادات وعبء

دورات تطوير المناهج.. انتقادات وعبء

إنه السبت السادس، الساعة الثانية عشر ظهراً، يخرج عدد كبير من المعلمين فجأة من بوابة إحدى مدارس المدينة مستعجلين، وتسمع كلمات متكررة: «أخيراً ارتحنا .. خلصنا .. ملينا»!. 

مراسل قاسيون

هؤلاء معلمون أنهوا دورة إلزامية في يوم عطلة السبت. حيث قررت وزارة التربية إقامة دورات عرفت بـ» دورات تطوير المناهج»، وهي دورات مستمرة لتطوير أداء المعلمين والمدرسين، وتستمر كل دورة لمدة ستة أسابيع، حيث تقام ليوم واحد في الأسبوع، هو يوم السبت، لمدة ثلاث ساعات؛ من التاسعة صباحا حتى الثانية عشر، ويتبعها كل معلم لمرة واحدة في العام الدراسي. 

في هذه الدورات يُفترض أن يطّلع المعلم على طرائق التدريس التي تعتمدها الوزارة، وأن يتدرب على تطبيق هذه الطرائق، وأن يتلقى ملاحظات وإرشادات تفيده في عمله الميداني وتواصله مع الطلاب. 

تبدو الفكرة جيدة وضرورية، وخاصة أن الوزارة أحدثت هيئة دائمة خاصة لمتابعة تطوير المناهج الدراسية. 

ولكن لننظر إلى ما يحصل في الواقع، بناء على ملاحظات بعض من تابع هذه الدورات:

اتجاه سلبي عند المعلمين

جاءت أوقات الدورة في يوم عطلة السبت، ولم يخصص لها بدل أجر، كما أبدى كثير من المدرسين رأيهم في المحتوى، وتبين أن هذا المحتوى غير جذاب، ويعتبره كثيرون غير مفيد، ويشعر كثيرون بإلزام مفرط لإتباع هذه الدورات. 

مجمل هذه العوامل غيبت الحافز للتفاعل مع الدورة. وأمام الظروف المعيشية الصعبة؛ لماذا لا تبحث الوزارة تقديم بدل نقدي عن الدوام خلال العطلة؟، حيث يأتي حضور المعلمين تفادياً للعقوبة المترتبة على الغياب!، مما يدل على أن الدورات لم تستطع اجتذاب اهتمام حقيقي من قبلهم. ويدل على ذلك الأذونات القانونية وغير القانونية الكثيرة التي تتخلل هذه الدورات، حيث نرى وجوهاً لمرة واحدة، أو نسمع عن أسماء فقط بلا وجوه!. 

المدربون غير مؤهلين

تم تكليف بعض المدرسين بدور المدربين، بعد خضوعهم لدورات على عجالة. كما كُلف الموجهون الاختصاصيون بالإشراف على الدورات. وهؤلاء كلهم غير مؤهلين بما فيه الكفاية لهذه المهمة لأسباب مختلفة. يذكر من هذه الأسباب بُعد الموجهين عن العمل الميداني في الصف، مما يجعلهم يطلقون أحكامهم بناءً على خبراتهم بالواقع التعليمي القديم، وظروف عملهم الوظيفي كموجهين، وبالتالي تتركز مداخلاتهم وتوجيهاتهم على البعد الأخلاقي «وهذا يثير ابتسامات ذات مغزى لدى المعلمين أحياناً». 

باختصار تغيب الموضوعية المهنية، وقد يكون من الأفضل الاستعانة باختصاصيين مؤهلين ولو من خارج الزملاء المعلمين، وأن يقتصر دور الموجه الاختصاصي على وظائف إدارية تتعلق بمهماته فحسب. 

عدم تطابق المحتوى الفعلي

 مع المحتوى المقرر

عند إجراء جلسات الدورة يبدو التباعد كبيراً بين ما هو مقرر وما يجري داخل القاعة، إذ يكتفي المدرب بعرض طريقة تحضير الدرس، ثم يقوم بإعطاء درس نموذجي، أو تكليف أحد المشاركين بذلك، ولا يتم اختبار أداء المعلمين المشاركين للتأكد من استجابتهم الصحيحة؛ بل يترك الأمر للجولات الميدانية اللاحقة. 

لا شك أن المحتوى الحقيقي المقرر لهذه الدورات صُمم ليشمل الوقت الممتد على الأسابيع الستة، لكن الواقع يثبت أن هذا التخطيط نظري وبعيد عن الواقع. 

الدورات ذات قيمة 

القيمة الحقيقية لهذه الدورات تكمن في إعطاء المعلم مؤشرات وثقافة تسمح له بالتعامل مع الصف الدراسي بشكل أفضل، ولكن التقدير النهائي لكيفية ومدى استخدام طريقة ما أو وسيلة ما تعود للمعلم وحده؛ فهو الذي يقوم بتطبيق الطرائق النظرية في الواقع الملموس، وهذا ما يغفله الفهم الضيق للعملية التعليمية.