من أين يستمد تجار الأزمة شرعيتهم! 

 

 

كانت مسرحية الاستجواب، التي قام بها أعضاء مجلس الشعب، لبعض الوزراء، مادة دسمة في الشارع الحلبي، وخاصة حديث وزير الكهرباء، حيث كانت تصريحاته ووعوده تزيد واقعهم حلكة، وتنذرهم بالأسوأ كلما لاح لهم الأمل بانفراج.

فالانقطاع التام للكهرباء عن المدينة، والذي تسبب بانقطاع المياه، أجهز على رواتب الموظفين من مواطني المدينة، بينما هدد غير الموظفين منهم لضيق مصادر الرزق بسبب الحرب، حيث أن متوسط دخل الفرد بين 25000-30000 ل.س يتبخر منه 10000ل.س للأمبيرات شهرياً، بمعدل 1000 ل.س لكل أمبير، و10000ل.س للمياه، بمعدل 1,5-3 ل.س لكل ليتر ما يعادل 1500-2000 ل.س أسبوعياً، 8000 ل.س شهرياً، فلا يتبقى له شيء لأموره الحياتية، الأمر الذي زاد الأعباء عليه. 

حلول «للحلول» 

فما تم تقديمه لمشكلات المدينة من حلول كرست المشكلات الأساسية، وأشرعت الأبواب لكوارث أعمق، فضاع المواطن بين البحث عن حلول للحلول ذاتها، أمام البحث عن أساس المشكلة، في الوقت الذي ظل فيه المسؤولون، على المستوى المحلي والحكومي، مستمتعين في جعل الإرهاب شماعة لتقصيرهم، ونهب البعض منهم، من خلال شراكتهم لأصحاب المولدات، أو سوتيرات المياه. وهو ما تحول إلى يقين في أذهان الحلبيين. 

فبحسب وزير الكهرباء «لم يتم تشريع الأمبيرات في مدينة حلب» فلم تحولت إلى واقع لا مناص منه، في الوقت التي اتخذت أرقام ترخيص وتدفع رسوم إشغال. إضافة إلى أن الأسعار تم تحديدها من قبل المحافظة، فمن أين استمدت شرعيتها إذن؟؟ ولم لم يتم الضغط لإيقافها، فتذهب المبالغ التي يتم دفعها لخزينة الدولة، بدل أن يسلب المواطنون مرتين من خلال شرعنة ما هو غير قانوني، والسماح باستمرار هذه المهزلة لأربع سنوات، صبت في جيوب أصحاب المولدات وبعض مسؤولي المدينة كما يقال. 

أما البدائل فقد ضنّ بها الوزير على المدينة «فلا توجد إمكانية حالية لشراء مجموعات توليد لمدينة حلب عوضاً عن الأمبيرات» في الوقت الذي إذا حسب ما تم نهبه شهرياً من المواطنين، فإنه كفيل بشرائها وإراحة المدينة من الابتزاز الذي تتعرض له، على حد سواء من المسؤولين والإرهابيين. 

تصريحات سعادة الوزير لم تقف عند هذا الحد، حيث قدر ما تحتاجه المحطة الحرارية للإصلاح هو 200 مليار ل.س، الأمر الذي زاد من استياء الشارع واحباطه، وبشرى له بأنه سيظل في الظلام، ولا حلول على المدى القريب، وهو مناقض لما صرحه في وقت سابق، أنه سيتم تشغيلها بشكل جزئي لتأمين متطلبات المدينة.