مافيا الآثار تنهب المواقع التاريخية.. !

تحوي سورية على حوالي 10 آلاف موقع أثري منتشر في كل المحافظات، وبعضها لا يملك أي نوع من الحماية أساسا وكان التعويل الأكبر في حمايتها يقع على عاتق المجتمع المحلي، وما زاد الطين بلة حالياً، هو الظروف الأمنية المتردية في ظل الأزمة السورية، التي جعلت مديرية الآثار والمتاحف تقف مكتوفة الأيدي أمام  مافيا الآثار التي أخذت تسرق وتنهب وتنقب في المواقع الأثرية بنوع من الأريحية.

المواقع الأثرية المتروكة وغير المنقبة، والبعيدة التي لايمكن للشرطة أو عناصر الحراسة الوصول  إليها، تعرضت ومازالت تتعرض للنهب، دون قدرة مديرية الأثار العامة على وضع احصائية دقيقة حول كمية المسروقات أو حجم التدمير والخراب.

مافيا الآثار تسرح وتمرح

«سورية تعاني من مشكلة مافيات الآثار المنتشرة في المناطق البعيدة الخارجة عن السيطرة، والذين كانوا ينقبون في المواقع الأثرية ليلاً وبالخفاء» بحسب ما قاله مدير عام الآثار، مأمون عبد الكريم لصحيفة «قاسيون»، والذي أضاف إنه «نتيجة الأوضاع الأمنية الحالية وعدم قدرة حراس الآثار الوصول إلى بعض المناطق وبعد المواقع الأثرية عن القرى، أخذت أعمال عصابات الآثار بالتوسع مع نوع من الاريحية في التنقيب».
وأضاف عبد الكريم «ليس لدينا معلومات دقيقة حالياً عن كل ماحدث للمواقع الأثرية، ونحن غير قادرين على حصرها حالياً في ظل الأزمة، فهذا يحتاج إلى زيارة المواقع المتضررة من قبل لجان مختصة تحدد حجم الأضرار بدقة، وليس بالاعتماد على الحراس أو المجتمع المحلي».
«الضرر الكبير الذي أفرزته الأزمة السورية بقطاع الآثار، كان متعلقاً بالمواقع الأثرية ففي كل محافظة سورية هناك مئات المواقع، وتصل في بعض المحافظات إلى عدة آلاف» بحسب عبد الكريم، الذي أضاف أن «لب المشكلة متعلق بوجود مواقع أثرية غير منقبة وبعيدة عن المجتمع المحلي، لا يقدر حراس الآثار الوصول إليها، وإن وصلوا سيكونون غير قادرين على حمايتها وحدهم من لصوص الآثار المسلحين».

 

فقدان تمثالين من داخل المتاحف

وتابع عبد الكريم، إن «الصعوبات التي نتعرض لها، بشقين، أولها  التعديات على حرم المواقع الأثرية بالبناء، حيث أنه من غير القانوني البناء على محيط 500 متر من المواقع الأثرية» مضيفاً أن «الشق الثاني من الصعوبات يتمثل في محاولات الاختراق لبعض المدافن».
لم تسلم المتاحف السورية من السرقة في ظل الفلتان الأمني الحاصل في بعض المحافظات، إلا أنه وبحسب (عبد الكريم) فمنذ «بداية الأزمة وحتى الآن سرقت قطعتين أثريتين، إحداهما تمثال ذهبي صغير سرق بظروف غامضة،  والتحقيقات والملاحقات جارية حول ذلك، والقطعة الثانية حجرية سرقت من متحف أفاميا في حماة بعد اقتحامه، وهي ليست بقطعة نادرة أو هامة استراتيجياً  لأنها مكررة وهناك المئات منها».

 

إخلاء جميع المتاحف

وفي ظل وجود العديد من الأقاويل حول سرقة متحف تدمر وغيره، أكد عبد الكريم، أنه «ما تم بالمختصر هو إخلاء كل المتاحف السورية من القطع الأثرية، النادرة والهامة والوحيدة والقطع غير الهامة إلا أنها غير المكررة، ووضعها  في آماكن آمنة شددت عليها الحراسة» وتابع «ليس لدينا أي مصلحة بإخفاء الحقيقة، وإن تمت سرقة قطع أثرية أخرى من المتاحف السورية غير القطعتين السابقتين، سنقوم بالإعلان عنها».
وناشد عبد الكريم المجتمع المحلي «ليقوم بحماية المواقع الأثرية» قائلاً إن «الآثار هي ملك لجميع السوريين، بغض النظر عن الانتماءات الفكرية».
وكان لحال المواقع الأثرية السورية المزري خلال هذه الأزمة، وقع كبير حتى على المستوى العالمي، حيث قالت الباحثة بمركز التراث العالمي لليونسكو،  فيرونيك دوج إنه «من البديهي  في مثل هذه الأوضاع انتشار أعمال النهب والتنقيب غير الشرعي عن الآثار وتهريبها».
وبدوره، قال الأثري الإسباني روديجو مارتن،  أنه «هناك معارك دارت في مواقع أثرية، في حين تعرضت أخرى للنهب»، ومن جهتها، شددت منظمة يوروميد ـ هريتتج، التي يمولها الاتحاد الأوروبي على «خطورة عمليات التنقيب السرية في سورية» وأكدت في تقرير لها أن «تاريخ سورية وتراثها الأثري مهدد منذ سنوات عدة، وللأسف أدت الأحداث الحالية إلى زيادة هذا الخطر بصورة كبيرة، وهناك جماعات عدة تقوم بعمليات تنقيب سرية».