ما هكذا تورد الإبل يا وزارة التربية!
بعد انتظار طال أمده، أعلنت وزارة التربية استناداً لقرار مجلس الوزراء إجراء اختبار لانتقاء عدد من حملة الإجازة الجامعية والمعاهد المتوسطة للتعاقد معهم بشكلٍ مؤقت، واشترطت لمن يتقدم لهذا الاختبار أن يكون متمتعاً بالجنسية العربية السورية منذ أكثر من خمس سنوات، وكذلك من العرب الفلسطينيين المشمولين بالمرسوم رقم 260 لعام 1956 والعرب الذين لا يتمتعون بالجنسية السورية، ويرى مجلس الوزراء توظيفهم لضروراتٍ قومية.. ولكن الإعلان تجاهل أي ذكر للمواطنين الأكراد السوريين من حملة هذه الإجازات والمشمولين بأحكام المرسوم التشريعي رقم 49 لعام 2011!.
وهنا يتساءل المرء: في حال كانت الدولة تريد تحقيق المساواة بين جميع المواطنين السوريين من جهة، وأشقائهم العرب الفلسطينيين وغيرهم من جهةٍ أخرى، أفليس حرياً بها أن تحقق مبدأ المساواة بين أبناء الوطن الواحد؟ وإلى متى ستسود القوانين والإجراءات الاستثنائية التي تسيء للوحدة الوطنية؟ ألم يحن الوقت لتجاوز هذه القوانين؟!
من جهةٍ أخرى نص الإعلان المذكور على أن عدد المطلوب تعيينهم / 5600/ للفئة الأولى والثانية، ويتم توزيعهم على جميع المحافظات السورية، وكان نصيب محافظة الحسكة «من الجمل أذنه»، حيث نص الإعلان على أن تكون حصة الحسكة /38/ معيناً من الفئة الأولى و/65/ من الفئة الثانية، وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال آخر: ما المعايير التي اعتمدت في التوزيع؟ هل هي عدد سكان في كل محافظة؟ أم عدد الخريجين العاطلين عن العمل؟ أم حسب الشواغر و حاجة كل محافظة؟ الجواب: ربما حسب معايير لا يعلمها إلا الله وبعض قوى الفساد في جهاز الدولة!.
وهذا يدفعنا إلى القول إن محافظة الحسكة من أكثر المحافظات غنى بالثروات غير إنها من أكثر المحافظات فقراً وتهميشاً وتخلفاً، وتخصيصها بهذا العدد الضئيل لا يسهم في تحسين مستوى معيشة أبنائها ولا يساهم بامتصاص البطالة المتفاقمة وخاصة بين صفوف خريجي الجامعات والمعاهد المتوسطة فيها، بل يزيد من التوتر الاجتماعي والاحتقان الشعبي.
ولما كانت وزارة التربية بحاجة لمؤهلات جامعية لتغطية العجز في ملاكاتها التربوية، ولما كانت هذه المؤهلات متوفرة في المحافظة وبأعداد كبيرة، فلماذا لا يتم توظيفهم؟ ورب سائلٍ يقول: ومن أين نأتي بالاعتمادات المالية الضرورية لذلك؟ والإجابة كما يراها الاقتصاديون السوريون أن الدخل الوطني يبلغ حوالي /2700/ مليار ليرة سورية وأموال الفساد تأكل منها حوالي /900/ مليار ليرة سورية، وهذا المبلغ كافٍ لتغطية الأعتمادات الواجب تأمينها لهذا الغرض ويزيد.
إن الواجب الوطني والأزمة الوطنية العميقة التي تمر بها البلاد تقتضي إيجاد فرص عمل لجميع هذه الكوادر الفنية ولهؤلاء الشباب العاطلين عن العمل دون تمييز أو استثناء، وذلك تدعيماً للوحدة الوطنية التي هي العمود الفقري لحماية وحدة الوطن شعباً وأرضاً، وصون كرامته وكرامة أبنائه.