من يوميات مواطن في ريف دمشق
إنها ليست حكاية من نسج الخيال بل هي حكاية واقعية تصور جانباً من جوانب الحياة الاجتماعية من الناحية الخدمية للشعب السوري في عهد الإصلاح الموعود. حيث خرج إحد مواطني كفر بطنا لدفع رسوم الهاتف المترتبة عليه علماً أن خطوط الهاتف كانت مقطوعة في الغوطة الشرقية بشكل عام طول الفترة الماضية لأسباب أمنية لكن الرسوم صدرت ومثل العادة المواطن عليه التنفيذ والله المعين. ومن المعروف بأن رسوم الهاتف لمنطقة كفر بطنا تدفع في مقسم الهاتف الآلي الموجودة ببلدة زملكا. فاتجه المواطن المسكين إلى بلدة زملكا وكالمعتاد احتاج إلى ضعف الوقت المطلوب للوصول إلى زملكا بسبب تواجد الحواجز الأمنية والتفتيش الذي انهكه طوال الطريق وكأنه إرهابي هارب من العدالة والقانون.
وصل الى الهدف المنشود وهو مقسم زملكا للهاتف واتجه فوراً إلى إحدى النوافذ وبقي ينتظر الدور حوالي العشر دقائق بأنه لا يعرف فالدفع في النافذة المقابلة عند الموظف الأخر، غير أن المواطن تفاجأ من غرابة الموقف فلا يوجد أي مواطن يقف على الدور وينتظر حتى يدفع الفاتورة، غير أن الموظف المسؤول لم يكن موجوداً في المكان المخصص لعمله بل هو في الغرفة المقابلة يرتشف الشاي مع أحد أصدقائه ويتكلمان في حديث مشترك فانتظر المواطن قليلاً حتى انتهى الموظف وسأله ما هي حاجتك مني أيها المواطن؟ ولماذا أنت تقف هنا حتى الآن؟ فأجاب المواطن بأنه يود دفع الفاتورة؟ وهنا رد الموظف بصوت عال: دفع الفاتورة ليس عندي لقد تم تعديل الأمر وأصبح مكان دفع الفواتير بأحد مقاسم المدينة وليس هنا، اذهب إلى مقسم المدينة وأقضي حاجتك هناك. أو ليس الأمر غريباً إذا كان مكان دفع فواتير الهاتف قد أصبح في المدينة ولم يعد بمقسم زملكا لماذا لم يخبر الموظف الأول المواطن بهذا الموضوع وجعله ينتظر كل هذا الوقت حتى انتهى زميله من شرب الشاي أم أن وقت المواطن أصبح أمراً مباحاً هذه الأيام؟ وما حاجة مقسم زملكا بالموظف الثاني (المحاسب) إذا كان دفع الفواتير قد اصبح بالمدينة الآن أو أن عمله هو احتساء الشاي والحديث مع الموظفين والزملاء الآخرين؟ والسؤال الهام: لماذا على المواطنين في الغوطة والريف الذهاب إلى المدنية ودفع الفاتورة هناك علماً أن عمل معظم أهالي الريف داخل قراهم أم أن ذلك لأسباب أمنية أيضاً؟ عموماً تابع المواطن المغلوب على أمره الموضوع واتجه نحو المدينة لتحقيق هدفه الصعب المنشود وكم كانت الرحلة عسيرة بسبب وعورة الطرقات والازدحام الفظيع خصوصاً عند جسر الكباس الذي يحلم معظم المواطنين بالانتهاء منه بعد عمل سبع سنوات. وعند الوصول إلى أحد مقاسم المدينة استقبلت الموظفة المواطن بطريقة زجرية وقالت له: ماذا تريد فطلب منها رسم الفاتورة فأجابت بأن المبلغ المطلوب هو 800 ليرة سورية هنا صعق المواطن صحيح أن المبلغ بسيط لكن خطوط الهاتف كانت مقطوعة في قرية كفر بطنا طوال الفترة المنصرمة ولأسباب أمنية فكيف وصلت الفاتورة إلى هذا الحد فأجابت الموظفة بأنها مجرد موظفة ولا علاقة لها بالمبلغ الموجود فطلب المواطن فاتورة تفصيلية عن المبلغ كما كانت تعطى عادة وليس كرت فاتورة فقالت الموظفة أنا لا أستطيع أن أعطي لك فاتورة تفصيلة ولا أي شيء آخر فالمطلوب مني هو استلام المبلغ فقط لا غير أنت أدفع وأمش هنا دفع المواطن الفاتورة كونه تأكد أنه الطرف الأضعف في الموضوع وأن الإصلاح هو زعم باطل، لا وجود له في جميع القطاعات والمؤسسات على الأقل حتى الآن.