معابر القهر
ياسمين سراج الدين ياسمين سراج الدين

معابر القهر

بينما يحتفي العالم بحلول عامه الجديد، ورغم التطورات الجارية على صعيد الحل السياسي وانتصاره عالمياً، مازالت مدينة حلب تجر أزماتها من عام لآخر، دون أن تجد من يخفف أثقالها المتراكمة، فلليوم لا زالت تعاني المدينة من المعابر- وإن تغيرت أسماؤها - التي خنقت أنفاسها فكادت تقتل من بداخلها، وأوصدت السبل أمام من بخارجها، فدفعوا جميعاً أثماناً باهظة، ما تسببت في ذل الكثيرين، وأزهقت أرواح آخرين برصاص عابث من هنا أو هناك،

أما من أراد الانتقال من حلب إلى حلب عليه أن يمر بالسعن – حماة، ما حمل المواطنين أعباء مادية، ناهيك عن الرعب والخوف والمعاناة النفسية، حتى لقمة عيشهم لم تكن بمنأى فاشتعلت أسعار المواد الغذائية اشتعالاً فاحشاً لا يرحم، أجبرهم على تطبيق الوصفات الحكومية التقشفية، فمدينة حلب اليوم هي بحاجة قصوى لفتح معبر الحل السياسي الكفيل في إغلاق جميع معابر الذل والقهر، التي عانى منها الحلبيون على مدار الأزمة.
تشليح وإذلال
بعد إغلاق معبر بستان القصر، منذ ما يقارب العامين، والذي كان يربط قسماً من مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة الدولة مع بقية المحافظات السورية، الذي مازال التجربة الأسوأ في ذاكرة المدينة بسبب ما تعرض له المواطنون من ذل، إلا أن إغلاقه زاد معاناة المواطنين، وبدأت المطالبة بفتح معبر أو أكثر، يربط المدينة بريفها، للتخفيف مما يلاقيه الحلبيون من عذاب شديد عبر طريق خناصر- السعن، من إرهاب وتشليح وأهانه، حيث رفعت هذه المطالب عبر الصحف والرسائل والكتب الرسمية، لمختلف الأطراف من مسؤولين، وفي مقدمهم المحافظ، سواء السابق أو الحالي، لكن «لا حياة لمن تنادي.
الإصدار الأحدث
منذ ما يقارب الشهر، جرى اتفاق جزئي بين وحدات كردية من جهة، وفصائل مسلحة (جبهة النصرة وأحرار الشام) من جهة أخرى، وذلك على فتح معبر في منطقة الشيخ مقصود، الواقعة شمالي المدينة المسيطر عليه من قبل قوات كردية، الذي وإن خفف إلى حد ما من حالة العذاب، عبر الانتقال من معبر السعن، إلا أنه وباعتباره المعبر الوحيد فهو كما غيره عانى من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية، التي شكلت عذاباً قاسياً للعابرين من كلا الطرفين، فشدة الزحام باتت مشكلة حقيقية للآلاف من المواطنين، ما يضطرهم للمبيت في الجوامع أو المحال الفارغة، إلا أنه أجهض بعد أسبوع تقريباً، ليزيد من وطأة ذلك ما جرى بتاريخ 29/12، حيث تم اختطاف 5 سيارات بمن فيها من ركاب، في قرية معرستا الخان، آتية من عفرين إلى حلب، ومازالت للآن مجهولة المصير، بعد إلغاء الاتفاق .
ضرورات الحل
ما يعانيه الحلبيون، ريفاً ومدينة، يجب أن يوضع له حد من خلال العمل مع مسؤولي المدينة والجهات الأهلية، لإيجاد توافقات لفتح معابر أخرى تخفف العبء عن المدينة، مع تشديد الرقابة الأمنية لحمايتها من الإرهابيين، وليس إرهاق المواطنين أو التعرض لكرامتهم وإنسانيتهم، مع مراعاة ظروف المواطنين، ما يضمن عودتهم إلى بيوتهم، ويحول دون تشردهم حتى اليوم التالي.
اليوم نحن أمام ضرورة ملحة في تسهيل تواصل طرفي المدينة من جهة، والمدينة وريفها من جهة أخرى، ما يحل العديد من مشكلاتها دون أية عوائق،  والعمل بشكل مسؤول مع حاجات المدنيين المعيشية والمساهمة في تخفيفها، وعدم استخدامهم كدروع بشرية أو أوراق تفاوض أو ابتزاز، ما يعد جريمة حرب، والعمل لإيجاد تسويات حقيقية تمهيداً للحل السياسي مع كل من يؤمن به، حقناً للدماء لإعادة المدينة لتكون إحدى عجلات سورية نحو الطريق الجديد.