عفرين والشيخ مقصود حقوق لا تهاب الرصاص
سمير علي سمير علي

عفرين والشيخ مقصود حقوق لا تهاب الرصاص

طال الحصار المفروض على منطقة عفرين وأهاليها، وقد تم تشديد هذا الحصار حتى أمسى خانقاً منذ مايزيد عن الأسبوعين، وذلك من قبل عناصر جبهة النصرة الإرهابية وأعوانها من التنظيمات الإرهابية الأخرى المتواجدة في المنطقة، حيث تم منع الأهالي من الدخول والخروج منها، كما تم منع إدخال المواد الغذائية والاحتياجات الضرورية والأساسية اليومية للمواطنين هناك، وذلك عبر قطع كل الطرق الواصلة إلى المنطقة.

 

يشار إلى أن جبهة النصرة الإرهابية وأعوانها، كانت وما زالت، تمارس عمليات الخطف والقتل والقنص تجاه أهالي منطقة عفرين المدنيين، كما تمنع الأهالي في القرى التابعة للمنطقة من الدخول إلى أراضيهم المزروعة بغالبيتها بالزيتون، عبر نشر المقاتلين والقناصين فيها، وقد ازداد هذا المنع بمرحلة القطاف وذلك للاستحواذ على المحصول، ومنع الأهالي من الاستفادة منه، علماً أن محصول الزيتون هو مصدر الرزق الوحيد للأهالي في تلك المنطقة وقراها العديدة، والبعض ممن تمكن من جني محصوله واستثمره على مستوى استخراج الزيت، لم يتمكن من بيع إنتاجه من الزيت، بسبب الحصار وقطع الطرقات، مما أصاب زيت الزيتون حالة كساد، أدت إلى تدني سعره حيث انخفض سعر عبوة الزيت 16 كغ (التنكة) ليصل إلى 11000 ل.س، ولا يوجد من يشتري.

تلك الإجراءات الإرهابية أحالت واقع الأهالي المعيشي اليومي بؤساً وحاجةً، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية، بحال توفرها، إلى مستوى خيالي، كما ارتفعت أسعار الكهرباء نظراً لارتفاع سعر المحروقات، حيث باتت قيمة الأمبير الواحد 1150 ل.س أسبوعياً، ما يعني إنفاقاً كبيراً على مستوى الحاجة الشهرية للكهرباء فقط، وقد وصل سعر أسطوانة الغاز المنزلي بين 7500 إلى 11000 ل.س، أما على مستوى الخضار فهي غائبة باستثناء تلك المتوافرة بالزراعات المكانية، مع عدم توفر المداخيل المرتبطة بالموسم والمحاصيل (الزيتون والزيت) التي لم يتم قطافها أو باتت كاسدة، ناهيك عن الأدوية وغيرها من المواد الضرورية الأخرى.

يشار أن تلك الإجراءات تزامنت مع عمليات القصف على حي الشيخ مقصود بحلب، من قبل المجموعات الإرهابية نفسها، والذي يضم بالإضافة إلى سكانه الأصليين، الآلاف من أسر النازحين، من العديد من المناطق المحيطة على اختلاف تنوعها وتلاوينها، حيث بات الحي يمثل سورية المصغرة بذاك الغنى في التنوع، والذين هربوا من أهوال الحرب وتداعياتها وتعدد مفتعليها، ولعل ذاك التنوع كان أحد أسباب الحنق على الحي وقاطنيه، وقد كان ضحية تلك العمليات من القصف العشرات من المدنيين بين قتيل وجريح.

وعلى جانب آخر، وباعتبار أن المنطقة حدودية مع تركيا، فقد قام الجانب التركي بقطع شبكات الاتصال والنت عن المنطقة وأهاليها، وذلك لغياب الشبكة المحلية عنها، بمحاولة من قبله كي يكون، هو ومناصروه من الإرهابيين، المصدر الوحيد للأخبار عن مجريات ما يتم في المنطقة، ومنعاً للأهالي من التواصل ونقل مجريات الأحداث هناك على حقيقتها، فيُكذب ويُلفق المعلومات والأخبار بما يتناسب مع أهوائه وأهدافه، كما يشير هذا الإجراء إلى مقدار التنسيق والدعم فيما بين الجانب التركي وتلك المجموعات الإرهابية، وعلى رأسها جبهة النصرة، علماً أن هذا الإجراء قد تم اتخاذه بُعيد الإعلان عن التدخل الروسي مباشرة.

الأهالي على المستوى الشعبي، تأقلموا مع واقعهم الراهن، متمسكين بحقهم في الحياة، صامدين وغير عابئين بالرصاص والقنص والقصف وبالممارسات الإرهابية، وبعيداً عن التجاذبات السياسية ومجريات الواقع الميداني، فهم مرتاحون لقصف الطيران الذي يستهدف المسلحين من الإرهابيين في المنطقة، ومؤيدون لكل الإجراءات التي تتخذ ومن شأنها فك الحصار، واستكمال فتح كل الطرقات والمعابر، وخاصة مع إجراء قطع الشريان الواصل بين إعزاز وحلب، الذي يتزود عبره الإرهابيين بمقومات استمرارهم، من الحليف التركي.