خبير عقاري يحذر:  شركات صورية تهدد إعادة الإعمار عبر هيئة التطوير

خبير عقاري يحذر: شركات صورية تهدد إعادة الإعمار عبر هيئة التطوير

شكك الخبير في الاقتصادي العقاري، عمار يوسف من جدوى دراسة تعديل القانون رقم 15 لعام 2008، متهماً القائمين على هذه الدراسة بأنهم يريدون تهيئة الفرصة لـ«تقاسم الكعكة» مع بعض الشركات مع بدء عملية الإعمار على حد تعبيره.

وقال يوسف في حديث  لصحيفة «قاسيون»، إنه «مما لاشك فيه أن القانون رقم 15 لعام 2008 كان من المفترض أن يكون من أكثر القوانين العقارية أهمية، والتي صدرت في الفترة ماقبل الأزمة، والتي كان يعول عليها الكثير في مجال التطوير العقاري في سورية، إلا أن ماحدث كان مخيباً للآمال».
نصوص القانون بحسب يوسف، جاءت «في البداية بطريقة فجة غير قابلة للتطبيق، وقد تضمنت كثيراً من التعقيدات الإدارية والبيروقراطية الوظيفية، بشكل لم يحمله قانون آخر بهذا الشكل، إضافة إلى ذلك جاء القانون خارج الواقع العملي للخريطة العقارية السورية».
مضيفاً: «لم يراع القانون النواحي القانونية ولا الاجتماعية ولا الفنية، التي يحمل العقار السوري خصوصية كبيرة منها».
هيئة التطوير «هزيلة»!
صدر القانون 15 في العام 2008 وصدرت تعليماته التنفيذية بعد عام كامل من صدوره، لكن ورغم طول تلك المدة التي من المفترض أنها كانت لدراسة آلية التنفيذ بإصدار تعليمات تنفيذية للبدء بالتطبيق، إلا أن يوسف وصف تلك التعليمات المتأخرة بأنها «كانت عبارة عن أداة، لكتابة القانون من جديد بصيغة أخرى، ولم تأت بجديد».
وأردف «بعد إصدار التعليمات التنفيذية للقانون، جاء إحداث الجهة الإدارية الواردة بهذا القانون، إلا أنها كانت هزيلة وغير قادرة على تحقيق مايرغب به المشروع العقاري في هذا القانون، وبعدها جاءت محاولات كثيرة لإحياء القانون من جديد ومباشرة تطبيقه على أرض الواقع، وهنا كانت الصدمة».
الاستثمار في الصحراء!
«الصدمة» التي حدثت وفقاً ليوسف، كانت نتيجة الاختلاف الصارخ «مابين  نصوص القانون وحقيقة الواقع الفعلي»، وهنا قال يوسف إن «الإدارة المسؤولة عن تطبيقه حاولت طرح مواقع عقارية للاستثمار أمام الصحراء أو في مناطق تحتاج إلى قرون كي تدخل ضمن حالة الاستثمار العقاري المجدي اقتصادياً، الأمر الذي جعل كافة الشركات التي تم ترخيصها للعمل في هذه المشاريع التي ستقام استناداً إلى هذا القانون، تحجم عن الاستثمار والعمل بحجة عدم الجدوى الاقتصادية».
وتلك الشركات التي أحجمت عن الاستثمار، «كان عددها حوالي الـ40 شركة، ولم تقم منذ ذلك الوقت وحتى اليوم بأي عمل ضمن المشاريع التي وضعت حينها، وهي حتى الآن بانتظار تأمين مناطق للاستثمار والتطوير العقاري من قبل الهيئة الإدارية المعنية، تتيح اقتسام الكعكة فيما بينهم دون أي اعتبار للمصلحة العامة».
يوسف اتهم الشركات تلك، بأنها «واجهة صورية لتجار معينين، وتم ترخيص شركاتهم وإعدادها لممارسة الفساد  أثناء إعادة الإعمار خاصة وأن الهيئة العامة للاستثمار والتطوير العقاري، والجهات الحكومية تقوم حالياً بتعديل القانون رقم 15 بما يتوافق مع شروط هذه الشركات، ولما فيه من مصلحة لجميع الأطراف المستفيدة، وتحقيق الفائدة الأعلى من خلال استغلال الدولة والمواطنين على حد سواء»، على حد تعبيره.
ومن ضمن عمليات «الاستغلال» التي ستمارسها تلك الشركات «الصورية» بحسب تعبير يوسف «هي إجراء تحويلات خارجية بالقطع الأجنبي عبر فتح حسابات بالعملة الأجنبية، واستيراد العمالة من الخارج، ماسينعكس على أسعار العقارات ارتفاعاً وعلى المواطن في الفقر، مع العلم أن الهيئة العامة للاستثمار والتطوير العقاري والقانون15 لن يؤديا إلى أي نتيجة، فاستمرار العمل بهذا القانون عبر هذه الهيئة لن يؤدي إلى إعادة الإعمار بأي طريقة من الطرق».
حتى الآن بلغ عدد الشركات المرخصة للاستثمار ضمن القانون 15 حوال 40 شركة منها 3 من القطاع العام فقط، «غير قادرة على منافسة القطاع الخاص»، على حد تعبير يوسف، الذي تابع بقوله إنه «هناك عدة أسباب تجعل شركات القطاع العام غير قادرة على المنافسة، وأول تلك الأسباب الدعم المالي غير المحدود وسهولة الحركة بسرعة للشركات الخاصة، وخاصة إن كانت مرتبطة بالخارج».
مأساة القطاع العام
وأردف «شركات القطاع العام تعاني من الترهل الإداري والفساد المالي غير القابل للمعالجة، وفي المقابل ستكون هناك تسهيلات وميزات تمنح لشركات القطاع الخاص بحجة التشجيع على الاستثمار لجذب الاستثمارات الخارجية».
وحتى تتمكن الشركات العامة من المنافسة، لابد من «إعادة هيكلتها» وفقاً لحديث يوسف، الذي رأى أن «إعادة هيكلة تلك الشركات إدارياً أو قانونياً، أو فنياً بشكل كامل يجعلها متوافقة مع القوانين الحديثة، إضافة إلى أهمية منح ميزات للشركات العامة تفوق ميزات القطاع الخاص، مما يتيح لهذه الشركات إمكانية المنافسة».
صندوق التلاعب بالأحلام!
أما عن صندوق الارتقاء بالسكن العشوائي، فهو «من قبيل التلاعب بأحلام المواطنين القاطنين في تلك المناطق، فما معنى الارتقاء بالسكن العشوائي، هل هو إزالة تلك المناطق أم إعادة بنائها أم معالجة الوضع الاجتماعي والمعيشي والعمراني والقانوني والخدماتي لتلك المناطق؟»، يتساءل الخبير العقاري يوسف، قائلاً «اللعب بأحلام المواطنين مازال مستمراً منذ سنوات طويلة، وتطوير تلك المناطق غير قابل للتطبيق بهذه الصيغ، خاصة وأنه يجب قبل البدء بتطوير الأبنية العشوائية القديمة، العمل على وقف بناء مساكن عشوائية جديدة، التي لم تتوقف رغم صدور عدة قوانين سابقاً».
هيئة ومهام .. وامتيازات
يشار إلى أن الهيئة العامة للاستثمار والتطوير العقاري كانت قد أحدثت استناداً إلى القانون رقم 15 لعام 2008، وهي هيئة عامة ذات طابع إداري، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وترتبط بوزير الإسكان والتنمية العمرانية، ومن خدماتها ترخيص شركات التطوير العقاري وإحداث مناطق تطوير عقاري.
أما المزايا التي تقدمها للمطور العقاري فهي:
 - الإدخال المؤقت طيلة فترة إنجاز المشروع لجميع احتياجاته، من الآلات والآليات والأجهزة والتجهيزات والمعدات وسيارات العمل اللازمة لتنفيذ المشروع، مع إمكانية إجراء عمليات الاستبدال لها .
 - استيراد جميع مواد البناء وتجهيزات الأعمال اللازمة لتنفيذ المشاريع المرخصة، دون التقيد بأحكام وقف ومنع وحصر الاستيراد ونظام الاستيراد المباشر من البلد المنشأ .
 - فتح حساب بالنقد الأجنبي لدى المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية بما يتفق مع أنظمة القطع لصالح المشروع المرخص .
-  استخدام أمواله من النقد الأجنبي في تمويل المشروع المرخص أو المساهمة برأسمالها أو شراء أسهمها .
- الاقتراض لصالح المشروع المرخص من المصارف العاملة في الجمهورية العربية السورية بضمانه أمواله الخاصة.
- ناهيك عن الحوافز الضريبية المعلن عنها عبر صفحة الهيئة، للمزيد من التشجيع.

التعديل ومصلحة المواطن والبلد
وعلى اعتبار أن القانون أعلاه قيد التعديل بناءً على طلب الهيئة ولمصلحة الشركات المرخصة، نتساءل من سيمثل مصلحة المواطن والبلد في بنود التعديل المقترحة، خاصة بظل تلك الميزات الممنوحة التي تفسح المجال لاستنزاف البلد وجيوب المواطنين وتحويلها للخارج بكل أريحية ومشروعية قانوناً، وهنا نتحدث عن مئات بل وآلاف المليارات من الليرات السورية، باعتبار أن الحديث عن التطوير العقاري بات بعد أزمة خمسة أعوام، ودمار العديد من المناطق السكنية، يشمل مساحة واسعة من الجغرافيا السورية، وسيمس بالمحصلة مصلحة وجيوب معظم المواطنين ومستقبلهم.