دفء حمص وحماة مواطن موعود.. وباب فساد مشرع

دفء حمص وحماة مواطن موعود.. وباب فساد مشرع

عاد فصل الشتاء وعادت معه مخاوف المواطنين حول القدرة على تأمين وسائل التدفئة، وسط عدة مصاعب تحيط بهم، منها صعوبة تأمين سعر كمية مازوت التدفئة التي من المفترض أن تقدمها الحكومة على دفعتين الواحدة منها 200 ليتر، إضافة إلى الشكوك بمدى قدرة الحكومة على تأمين الدفعتين ضمن فصل الشتاء الحالي، بعد أن عجزت عن ذلك العام الماضي.

حازم عوض

في دمشق وريفها، وبعيداً عن الخلل الذي قد يحصل هنا أو هناك بآلية توزيع المادة على المواطنين، إلا أن الحكومة وعدت بتأمين 200 ليتر كدفعة أولى من مازوت التدفئة، والعملية تتم من خلال قيام الأسرة بتسجيل طلب الحصول على المادة في المراكز المعلن عنها، ليترسل شركة محروقات بعد مدة قد تطول أو تقصر، الكمية المطلوبة.

مخصصات لم تراعِ الحاجة..

 ورغم ذلك..!

الحال كان مختلفاً تماماً في حمص، وحماة، من حيث الكمية والآلية، فالوضع كان «مزرياً» بالنسبة للكثير من العائلات، التي أكد أحد معيليها في حمص لـ»قاسيون» وجود «عشوائية وعدم تنظيم، وخفض للمخصصات، عند التوزيع، ولأسباب مجهولة».

 محافظة حمص من المحافظات الباردة جداً فصل الشتاء، لكن تلك البرودة لم تكن ضمن حسبان شركة محروقات التي قدمت 200 ليتر للأسرة في دمشق وريفها، ففي تلك المحافظة الباردة، أكد مواطنون لـ»قاسيون» أن شركة محروقات لم توزع سوى 100 ليتر كدفعة أولى لبعض العائلات، علماً أن هذه الكمية لا تكفي لعشرين يوماً في أيام البرد، مع كل التقنين في استخدام المدفأة.

وأضاف «في ريف حمص، الوضع سيئ جداً، فالعائلة هناك قد تحتاج في الشتاء إلى ما يقارب الـ800 ليتر، مع تقنين الاستخدام طيلة فصل الشتاء، والاعتماد على وسيلة أخرى في التدفئة».

تناقض بالتصريحات وحقيقة غائبة

وعدا عن الكميات القليلة، كان هناك «بطء شديد» في تلبية طلبات المواطنين في تلك المحافظة، حيث أشارت بعض التقارير المنشورة في صحيفة البعث الرسمية، إلى أن نسبة توزيع مازوت التدفئة حتى تاريخ 2015-10-26، وهو تاريخ نشر التقرير على الصحيفة، بلغت 5.8% فقط، ما جعل الشكوك تزداد لدى المواطنين حول قدرة «سادكوب» من تأمين الدفعة الأولى كاملة في فصل الشتاء الحالي.

مدير فرع محروقات حمص،  أحمد زيني، نفى تلك المعلومة التي وردت في التقرير وعلى لسانه،  قائلاً خلال حديث إذاعي «قسمنا العمل بين مدينة وريف، حيث تم بالمدينة تعبة لـ 88792 عائلة أي أكثر من 70% من حجم الطلبات، وبالعموم تم تنفيذ 60-65 % من حجم الطلبات».

بين الطلبات والبيانات

 باب فساد مشرع

ورغم نفي زيني للنسبة المعلن عنها في التقرير، وتأكيده على نسب تصل إلى 70% من حجم الطلبات، إلا أن المفاجئ في القضية، هو عدم وجود طلبات أصلاً من قبل المواطنين، أي أن احتساب هذه النسب من قبل محروقات حمص، قد تدور حوله بعض الشكوك.

زيني أوضح أن آلية توزيع المازوت في حمص تختلف عن بقية المحافظات، بحيث يتم تكليف لجان المحروقات الفرعية لتوزيع المادة على الأحياء، «إذ يتم إرسال صهريج لكل حي، يقوم بتعبئة 100 ليتر لكل عائلة، وتأخذ لجان الأحياء بيانات من حصل على المادة، وتزودنا بنسخة عنها، ويتم يومياً تلبية حوالي 15 طلباً».

كلمة «طلب» هنا لم تكن دقيقة، فعملية التوزيع تتم من خلال جولات للصهاريج على الأحياء، وتعبئة المادة لمن يطلب وفقاً لما يحمله الصهريج من كميات.

هذا الأسلوب في التوزيع، قد يفتح «باب الفساد على مصراعيه» وفقاً لأحد السكان، مؤكداً أن المادة تصل «لجهات أخرى منها تجارية، إضافة إلى السوق السوداء»، وعدا عن ذلك، يعيق هذا الأسلوب معرفة حاجة المحافظة من المادة مسبقاً، عبر تسجيل المحتاجين للحصول على المادة قبل التوزيع.

الأولى والثانية قد لا تصل إلى 400

وبالرغم من ذلك، أكد زيني أنه «سيتم الانتهاء من توزيع الدفعة الأولى من المادة في نهاية شهر تشرين الثاني، لتبدأ الدفعة الثانية مع بداية شهر كانون الأول»، لكن حتى الدفعة الثانية، وإن فعلاً تم توزيعها، فقد لا تصل إلى 200 ليتر، حيث قال زيني إن «سبب الاكتفاء بتوزيع 100 ليتر لكل عائلة، هو أن الكمية الموجودة تكفي فقط  لهذه الكمية، ونأمل في الدفعة الثانية توزيع 150-200 ليتر».

وتبلغ مخصصات حمص من المازوت 30 صهريج يومياً، في حين تقدر الحاجة بضعف ذلك، علماً أن هذه الصهاريج تخدم حاجة باقي الفعاليات والقطاع العام إضافة للتدفئة، بحسب مصادر في فرع محروقات هناك.

تفاوت بكميات

 الدفعة الأولى في حماة!

في حماة، كانت المعاناة أكبر بكثير من حمص، حيث حصلت بعض الأسر على 30 ليتر أو 50 ليتر مازوت فقط كدفعة أولى، لأسباب مجهولة، قد تتعلق بآلية التوزيع «غير المدروسة» بحسب بعض المواطنين، الذين أكدوا بأن آلية التوزيع تتم من خلال «تسليم لجان الأحياء والمخاتير، الكميات للتوزيع، وفقاً لما يضعونه من أسماء»!.

مدير فرع محروقات حماة معتز خرمة، اعترف في تصريحات إذاعية، توزيع 30 و50 لتير من المازوت لبعض الأسر كدفعة أولى، متهماً بذلك «اللجان الفرعية» التي قال إنها  «تلقت كتباً بتوزيع 100 ليتر لكل عائلة، إلا أن بعض اللجان قامت بتوزيع كميات أقل».

خرمة رغم الاتهام، إلا أنه برر فعلة تلك اللجان، قائلاً إنهم «عملوا على توزيع الكمية المخصصة على كل العائلات في البداية، ما أدى لتخفيض الكمية الموزعة».

عجز بمخصصات المواطن

لم يكن هذا التبرير مقنعاً بالنسبة لبعض السكان، الذين اتهموا هذه اللجان بالمتاجرة بالمخصصات، كون شركة «محروقات» بعيدة عن مراقبة التوزيع.

الكمية التي تحصل عليها محافظة حماة، غير كافية لتأمين 400 ليتر على دفعتين من مادة مازوت التدفئة، فالمحافظة بحاجة إلى «مليون ونصف ليتر يوميا، لتوزيع 400 ليتر لكل عائلة لزوم فصل الشتاء، لكن لا يتم تلبية سوى 50% من الحاجة» وفقاً لخرمة.

خرمة أكد أنه تم تخصيص فقط 18 مليون ليتر من المازوت لمحافظة حماة ، مضيفاً أن «عملية توزيع المازوت بدأت منذ الشهر الماضي، حيث تم تخصيص المحافظة بـ6 مليون ليتر شهر 10 الماضي، وزادت إلى 8 مليون ليتر شهر 11 الجاري».

واستناداً إلى تصريحاته، فقد حصلت المحافظة على 14 مليون ليتر خلال شهرين، وبقي فقط 4 مليون ليتر مما تم تخصيصه للدفعة الأولى البالغة 18 مليون ليتر، أي أنه من شبه المستحيل تأمين حاجات جميع الأسر وفق المخصصات المعلن عنها بـ200 ليتر كدفعة ثانية، إن بقيت هذه المخصصات على حالها!، وسيكون هناك عجز بتأمين الـ100 ليتر التي تقوم الشركة بتوزيعها حالياً كدفعة أولى.

التوزيع بطيء 

والدفعة الثانية تنتظر توجيهاً

حتى محافظة حماة، كانت تعاني من بطء التوزيع، وباعتراف مدير فرع محروقات هناك لكن بأسلوب غير مباشر، حيث أكد أنه تم «توزيع حوالي 42 % من مجمل الطلبات في محافظة حماة» وذلك حتى نهاية شهر تشرين الأول، متوقعاً انتهاء توزيع الدفعة الأولى نهاية كانون الأول القادم.

شركة محروقات حماة ذاتها، لا تعلم مصير وكمية الدفعة الثانية من مازوت التدفئة، حيث أكد خرمة أن «كمية الدفعة الثانية ستحدد بتوجيه الإدارة العامة».

غياب بيانات أم خلل بآليات التوزيع

أمام هذا الواقع يتساءل المواطن عن حقيقة وجود بيانات لدى لجان المحروقات في تلك المحافظات!، تعتمدها من أجل تحديد كميات الحاجة الفعلية للأسر أولاً، وثانياً من أجل اعتماد آلية توزيع واضحة، تمكن المواطن من حصوله على الكمية المخصص بها، دون شكوك وارتياب بوجود الفساد!، وأخيراً ما هي الآليات التي تعتمدها سادكوب في تحديد وتوزيع مخصصات المحافظات؟، حيث وكل عام يحصد المواطن نتيجة الخلل بالآليات المعتمدة!، ويضيع عليه جزء من مخصصاته، غير الكافية لاحتياجاته أصلاً، فيضطر للجوء إلى السوق السوداء، التي تتوفر به المادة، ولكن كيف ومن أين تأتي الكميات الموجودة بتلك السوق؟ رغم الكلام عن عدم كفاية المخصصات الواردة إلى المحافظات، ورغم الحديث عن الرقابة في التوزيع، فهذا تساؤل مشروع برسم الجهات «المعنية»!.