صحفيون: توجيهات حكومية تعقّد العمل الصحفي وتقيّده
انتقد عدد من الصحفيين التعاميم الحكومية المتعلقة بالعمل الصحفي في البلاد، معتبرين إياها «تقييداً لحرية الإعلام والمعلومة»، فيما أشار بعض الصحفيين إلى أن مثل هذه التوجيهات والقرارات تقف في وجه المصلحة العامة، نظراً للبيروقراطية التي تضفيها على طريقة التعامل المفروضة مع المهنة، في ظل غياب التمثيل الاتحادي والنقابي «الحقيقي» للصحفيين.
تعميم حكومي جديد وملتبس
وكان رئيس مجلس الوزراء، أكد في تعميمه الصادر بتاريخ 21 تشرين الأول الماضي، ضرورة العمل على الالتزام بعدم إعطاء موعد أو تأشيرة دخول أو خروج لأي صحفي عامل على الأراضي السورية دون موافقة وزارة الإعلام، مشيراً إلى أهمية التنسيق مع مديرية الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام.
ورغم صدور التعميم بشكل مقتضب ودون أي توضيحات أو إضافات، إلا أنه أثار الكثير من الضجة بين أوساط الصحفيين..
تساؤل مشروع
قالت سالي، تعمل في إحدى الإذاعات المحلية بدمشق، حول التعميم: «ليس واضحاً من التعميم الهدف الحقيقي منه، إذ أنه نص فقط على إضافة المزيد من الموافقات المفروض الحصول عليها قبل إجراء أي لقاء أو موعد من جهة رسمية».
وأضافت متسائلة «هل مثل هذا التعميم، يعني أن من يعملون بمهنة الصحافة، بالمجمل، غير قادرين على المغادرة والسفر خارج البلاد، دون إعلام وموافقة، لمجرد أنهم صحفي,ن؟؟؟».
الفساد متكاتف لتكبيل الصحافة
ومن جهته، قال هاني، مراسل لإحدى الصحف المحلية، «أصبحت الصحافة (المكبلة والمقيدة والمراقبة)، سمة من سمات الصحافة العربية، وخاصة بعد الأزمات التي شهدتها المنطقة، حيث باتت الوسائل الإعلامية تشكل فزاعة للفاسدين في تلك الحكومات، ما دفع هؤلاء لممارسة سلطتهم في وزاراتهم، لمنع الصحفيين من الحصول على المعلومات، وتكاتفت جهودهم في الحكومات لإصدار القرارات التي تمنع الصحفيين من تأدية دورهم على أكمل وجه، بحجة الحرص على سمعة الأوطان وتلافياً لوقوع المعلومات بأيدي مغرضين!».
وأضاف هاني: «هناك حالة من الانفصام بوجود هؤلاء الفاسدين، إذ كيف يصدر رئيس الحكومة قراراً يتعلق بعمل الصحفيين، وهناك وزارة واتحاد صحفيين ومجلس وطني للإعلام مختص بهم، ما يعتبر إعلاناً صريحاً أن كل تلك الجهات مجرد بيادق بيد رئيس الحكومة، وكيف يمكن إلزام جميع الصحفيين بتلك القرارات، ومعظمهم لا ينتمون لاتحاد الصحفيين بسبب شروطه التعجيزية والصعبة، ولا يحصلون على تأمينات اجتماعية ولا رعاية وضمان صحيين، حيث كان الأجدى النظر إلى وضعهم وتمكين الاعتراف بهم، قبل أي قرار أو توجيه، وبالنهاية هم غير معنيين به كونهم غير معترف بهم بالأساس؟».
خصخصة في القطاع
العام وتأميم للصحفيين
أما حازم، صحفي تحقيقات، قال «من ينظر إلى قرار رئيس الحكومة الأخير ويقارنه بقانون الإعلام الجديد، يرى أنه إما أن رئيس الحكومة لم يطلع على القانون قبل إصدار تعميمه، أو أن قانون الإعلام مجرد حبر على ورق، فكيف ينص قانون الإعلام على أحقية الصحفي باستخدام أي معلومة حصل عليها، بغض النظر عن طريقة حصوله عليها، بالطريقة التي يراها مناسبة، وينص القرار الأخير على ضرورة الحصول على موافقة وزارة الإعلام قبل الحصول على أي معلومة؟».
ويتابع حازم: «من يرى هذا العدد من القنوات والإذاعات الرسمية التابعة للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إضافة لبعض الصحف المطبوعة الرسمية، يعتقد أن سورية تعيش أفضل حالاتها إعلامياً، الواقع، وبعكس خطوات الحكومة في كل المجالات بخصخصة القطاع العام، تتجه الحكومة في الإعلام إلى تعميم القطاع الخاص وتأميم صحفييه، لتضع يدها في كل وسيلة إعلامية تبعاً لتلك القرارات والتوجيهات المتتالية، التي لم يكن تعميم رئيس الحكومة أولها ولا آخرها، إذ اذ أوصت جهات إعلامية رسمية بانتهاج أسلوب معين في نشر نوعية معينة من الاخبار خاصة المتعلقة بسياسات المصرف المركزي والوضع الاقتصادي وبعض المصطلحات السياسية من باب الحرص على المصلحة الوطنية من وجهة نظره، إضافة لشكاوى المواطنين، التي وضع شروطاً لنقلها عبر الصحافة الخاصة، بحيث اشترط التأكد من صحة الشكوى عبر التقصي، وهو ما يتعذر على الصحفي في أغلب الأحيان، وخاصة بعد تمكين عمل المكاتب الصحفية في الهيئات الحكومية لعكس الوقائع».
رسالة
الصحفيين متمسكين بدورهم وواجبهم باعتبارهم ممثلي السلطة الرابعة، وأدوات فاعلة من أجل تمكين هذه السلطة لتقوم بدورها وواجبها على أتم وجه، وبشكل مستقل عن أي سلطة أخرى، وخاصة على مستوى الإضاءة على مكامن الخلل، ومواقع الفساد، على الرغم من كل العقبات والصعوبات التي يواجهونها، الموضوعية منها والمفتعلة، وقد بات لديهم الخبرة والقدرة على المناورة على أي عائق، وخاصة إذا كان مفتعلاً.