محمد خير بك محمد خير بك

مأساة منتجي الحمضيات في الساحل السوري

منذ عقود، ووزارة الزراعة والجهات الفاعلة في الدولة تشجّع المزارعين في محافظتي اللاذقية وطرطوس على التوسّع في زراعة الحمضيات بأنواعها المختلفة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة وتصدير الفائض منها، رافق ذلك توسّع كبير في المشاتل العامة والخاصة لتأمين الغراس المتنوعة، حتى أمست غالبية السهول الساحلية الدافئة مركزاً لإنتاج هذه الزراعة الخيّرة، وقد أصبحت سورية تحتل المركز العشرين على مستوى العالم من حيث الإنتاج، ومن البديهي أن الزيادة في المساحات المزروعة يرافقها زيادة في كمية الإنتاج، حتى بات متجاوزاً لحاجات استهلاك السوق السورية بأضعاف.

وقد جرى هذا الأمر، دون التفكير الجدّي في تسويق وتصريف الإنتاج داخلياً وخارجياً، بشكل علمي ومبرمج على ما يبدو، فقد بات المنتج يعاني من فجوة كبيرة، بين التكاليف والجهد المبذول من جهة، وبين المردود من جهة أخرى، بسبب ارتفاع التكاليف من الأسمدة بأنواعها إلى الأدوية الزراعية إلى اليد العاملة إلى العبوات، إلى المحروقات وأجور النقل.

ونظراً لتخوف الفلاحين من تكرار معاناتهم ومآسيهم، استناداً لتجاربهم المريرة في السنوات الماضية، من كساد وعدم القدرة على تصريف الإنتاج، وتحكم التجار والسماسرة، فقد لجأوا هذا العام إلى القطاف قبل نضوج المحصول، عسى يغطوا بذلك جزءاً من تكاليفهم.

تقدَّمَ إلى «قاسيون» مجموعة من المزارعين، يمثلون عشرات آلاف الأسر من العاملين في زراعة الحمضيات في المنطقة الساحلية، لمناشدة الجهات المختصة، بإيجاد حلّ عادل لهذه المعضلة والصعوبات المستمرة، مقترحين الأمور التالية:

بناء معمل أو أكثر للعصائر في المنطقة الساحلية، يستوعب ثلث الإنتاج على الأقل، ليتم تصنيع المادة وتحويلها إلى عصير طبيعي وأشربة، بالمواصفات المنافسة القابلة للترويج والتسويق داخلياً وخارجياً.

تفعيل دور مؤسسة الخزن والتسويق لاستقبال المواسم من الإنتاج بأسعار تشجيعية فعلاً للمنتج، تتناسب مع الجهد والتكاليف، وليصار إلى فرزها وتوضيبها وتصدير الفائض منها إلى الأسواق الخارجية.

تخفيض تكاليف الإنتاج، من خلال منح المزارعين العبوات الفارغة مجّاناً على سبيل المثال، ودعمهم بكل مراحل العملية الإنتاجية.

وقف استيراد الحمضيات، حيث ترد دائماً في ذروة إنتاج موسم الحمضيات لدينا، فيحصد التجار والوسطاء الربح دون عناء، والخاسر الأكبر هو المزارع. 

 

تطلب «قاسيون» إيلاء هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام، حفاظاً على هذه الزراعة الاستراتيجية، وإنصافاً لأولئك المنتجين وأسرهم من هذه المعاناة الكبيرة والمستمرة.