طلاب السنة التحضيرية في الكليات الطبية: موظفو التسجيل يتواطؤون مع «الوساطات»
رغم بدء العام الدراسي الجامعي، وضرورة التحاق طلاب الكليات الطبية تحديداً بقاعات المحاضرات، إلا أن «قلة منافذ التسجيل بالنسبة لعدد الطلاب» وفقاً للشكاوى التي تلقتها (قاسيون)، شكلت عائقاً لدى الكثير من الطلاب، يمنعهم من استكمال أوراق التسجيل في السنة التحضيرية، التي بدأ تطبيقها للمرة الأولى في هذا العام.
قرار وزارة التعليم العالي، بتطبيق سنة تحضيرية للكليات الطبية، (الطب البشري – طب الأسنان – الصيدلة)، ما زال موضع أخذ ورد بين الطلاب، حيث يرى بعضهم أنه قرار لا يخلو من الإيجابيات، رغم سلبيته بالنسبة لطلاب آخرين، حرموا حق التسجيل في الكليات الطبية في السنوات السابقة، بسبب عدم ملائمة معدلهم في الثانوية العامة، لارتفاع نتائج المفاضلة بشكل كبير..
طلاب: حضور لافت للوساطة أثناء التسجيل
رنا إحدى الطالبات اللاتي بدأن بحضور محاضرات السنة التحضيرية، رغم عدم استكمالها أوراق التسجيل، تقول: «وجدت صعوبة في التسجيل، وحتى الآن لم أتمكن من التسجيل واستكمال الأوراق، فهناك تلاعب بالعملية من قبل موظفي التسجيل تحديداً».
وتابعت رنا: «بعض الطلاب كانوا يأتون إلى مركز التسجيل منذ الساعة الخامسة صباحاً للحصول على دور، علماً أن التسجيل يبدأ حوالي الساعة 8.30».
ونوهت رنا إلى أن «المنهاج المقرر ضخم جداً، وأعتقد أنه يضم مواد لا تناسب الكليات الثلاثة معاً، إضافة إلى أننا نجد صعوبة في الدراسة كوننا مستجدين على نظام الجامعة، بالمقابل أرى أن لهذا القرار إيجابيات، من حيث منح فرصة للطلاب لتحسين أنفسهم، بهدف الوصول إلى ما يطمحون إليه».
ومن جهته، أكد الطالب حسام على المعاناة التي تعرض لها، حتى تمكن من التسجيل بسبب الضغط، وعدم الإعلان عن فتح باب التسجيل مباشرة، فضلاً عن الحضور الواضح للوساطة في التسجيل، بحيث نجد رتلاً للشباب وآخر للفتيات، يتنصفهما رتلاً للوساطة، ناهيك عن قلة عدد المنافذ مقارنة بعدد الطلاب.
بدورها، اشتكت إحدى الطالبات، القادمات من محافظة القامشلي، بقولها «بعد عناء الدراسة والحصول على معدل مرتفع يخولني دخول كلية الطب بجدارة، تفاجأت أثناء التسجيل بالسنة التحضيرية، وعدم علم الموظف فيما إذا كنت قادرة على إيقاف تسجيلي، كي لا أخسر حقي بالتسجيل لاحقاً، لأن الظروف تمنعني من الالتحاق والالتزام بالدوام حالياً، ليكون جوابه بمثابة صدمة دمرت كل دافع لدي لإكمال دراستي، حيث قال: أنه لم تأت أية تعليمات بخصوص إيقاف التسجيل، ولا أستطيع أن آخذ طلبك».
وأجمع الطلاب على خوفهم من غموض مصيرهم، بالنسبة لطبيعة الأسئلة في الامتحان النهائي الموحد للسنة التحضيرية، وطبيعة المفاضلة والمعدل المطلوب والمحدد كأساس فرز الطلاب بين الكليات الثلاث.
طيفور: إيقاف التسجيل متاح.. لكن آلية الفرز ما تزال قيد الدراسة
وبصدد معرفة تفاصيل، ومحاولة الحصول على إجابات واضحة، التقت (قاسيون) معاون وزير التعليم العالي لشؤون الطلاب الدكتور رياض طيفور الذي أكد: أن آلية إيقاف التسجيل مسموحة وفق القواعد العامة التي تسمح للطالب بإيقاف تسجيله، لكن عملياً قد يفرز الطالب بنهاية السنة التحضيرية حتى لو كان أوقف تسجيله، إلا أن الموضوع مازال بهذا الخصوص قيد الدراسة.
وأوضح طيفور «يفرز الطلاب نهاية السنة بين الكليات الثلاث بنهاية السنة، وندرس عدد الطلاب الذين تقدموا بطلب إيقاف تسجيل، بحيث لا يؤثر على فرز الطلاب بالنهاية، وبالتالي القاعدة العامة تقول: أن الطالب الذي أوقف تسجيله سيتم فرزه على أساس معدل الثانوية، لكن هذا الموضوع ما زال قيد الدراسة، إذ هناك احتمالان إما أن يفرزوا نهاية عام التسجيل، أو يتم إعطائهم فرصة ثانية في العام القادم، مع التأكيد على السماح بإيقاف التسجيل، بعد التسجيل بالسنة التحضيرية، وفق القواعد العامة».
وحول طلاب السنة الثانية الراغبين بتغيير كليتهم، قال طيفور: إن «تغيير القيد بين الكليات متاح للطلاب، بحيث يعتبر الطالب مستجداً في الكلية التي غير قيده إليها، وبالتالي يجب عليه أن يدخل السنة التحضيرية»، لافتاً إلى أن الرسوب لمرتين في عام دراسي واحد، يجعل الطالب مستنفذاً وهو مطبق في الجامعات عادة وفي السنة التحضيرية كذلك».
أما عن فرز الطلاب وأساسه في نهاية السنة التحضيرية، أوضح طيفور: «توجد مفاضلة في نهاية السنة، بحيث يضع الطالب عدة رغبات تتضمن مثلا: الطب البشري في عدة محافظات، ثم طب أسنان وما إلى هنالك، ويتم فرز الطلاب إلى الكليات في المحافظات، بحسب العلامات وتسلسل الرغبات، أما في بداية السنة التحضيرية فيتم التسجيل في الجامعة بحسب مصدر الشهادة الثانوية، فالطلاب الذين حصلوا على الشهادة الثانوية في دمشق وريفها والسويداء ودرعا والقنيطرة يسجلون في جامعة دمشق، لكن هناك حالات خاصة بحيث سمحنا لطلاب الشهادة الثانوية من حماه وطرطوس بالانتقال إلى جامعات حلب أو اللاذقية أو دمشق، إضافة للحالات الخاصة التي تتضمن أن يكون الشخص انتقل لمكان مغاير لمكان حصوله على الشهادة الثانوية بسبب الظروف، فمن الممكن السماح له بالانتقال للكلية في منطقة سكنه الجديد».
وأكد طيفور: أن الاستفادة من السنة التحضيرية، محصور بالطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية لعام 2014-2015.
يشار إلى أن وزارة التعليم العالي أصدرت القرار رقم 284 تاريخ 15/6/2015 المتضمن تحديد الطاقة الاستيعابية للسنة التحضيرية لكليات (الطب، طب الاسنان، الصيدلة) في الجامعات الحكومية للعام الدراسي 2015 -2016 ، بـ / 8513/ طالباً وطالبة، علماً أن الحد المطلوب الحصول عليه في الثانوية العامة الفرع العلمي للتسجيل بالسنة التحضيرية لكليات الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة هو 2267.
مبررات القرار!
وحسب وزارة التعليم العالي، فإن أهم المبررات التي دعتها لاعتماد السنة التحضيرية، تكمن في ازدياد الطلب على التعليم العالي، والحاجة الماسة إلى تحديث سياسة القبول، بما يتوافق والمعايير العالمية، بالإضافة إلى أن الشهادة الثانوية لم تعد معيارية، بسبب تغيير آلية منحها عبر دورتين امتحانيتين في العام الواحد، الأمر الذي لا يعكس الوضع العلمي الحقيقي للطالب، خاصة في شريحة العلامات المرتفعة، التي كان فيها الطالب يفقد رغبته على أجزاء من العلامة.
وتبرر الوزارة، بأنه لم تعد اليوم الغاية من التعليم مجرد الحصول على شهادة جامعية، وإنما متطلبات التنمية ومتطلبات سوق العمل وشروطه الحالية، تفرض توافقاً بين المدخلات التعليمية ومخرجاتها، بحيث تكون ذات جودة ونوعية تواكب المتطلبات الراهنة.
ومن المبررات الأخرى، كثرة مصادر الشهادات العابرة، (غير السورية)، والتي تخضع في منحها لمعايير مختلفة.
يشار إلى أن مجلس التعليم العالي، كان قد أقر نهاية العام الماضي، اعتماد سنة تحضيرية للقبول الجامعي في الكليات الطبية، بدءاً من العام الدراسي 2015-2016، كمعيار يضاف إلى معدل شهادة الثانوية العامة، وبلغ عدد الطلاب المسجلين في الكليات الطبية بالجامعات السورية للعام الدراسي الحالي نحو 9500 طالب وطالبة، ووجود إشارات استفهام على معدلات البعض منهم، نتيجة ظروف الفوضى التي طالت بعض المراكز الامتحانية في مختلف المحافظات، ولم تتخذ وزارة التربية بشأنها أية إجراءات!.
أخيراً
رغم المبررات والمسوغات، والإجراءات، لم تزل التساؤلات مشروعة من قبل الطلبة، حيال مستقبلهم التعليمي، بظل الغموض البيّن بالإجراءات المتخذة حتى الآن، خاصة أنهم أمام مفاضلة جديدة بنهاية السنة التحضيرية، ولا زالت بعض الأمور معلقة لدى الوزارة، وهي قيد البحث، بانتظار ما يقرر بشأنها، حسب تصريح السيد معاون الوزير.
ما يثير الجدية بمشروعية السؤال: إن لم تكن الدراسات مكتملة من جميع جوانبها، بشأن قرار السنة التحضيرية للكليات العلمية، وسبل ووسائل حسن تطبيقه وتنفيذه، فلماذا تم اتخاذه وتطبيقه على عجل؟ خاصة وأن طموح ومصير ومستقبل طلبة السنة الأولى بهذه الكليات، بات معلقاً بهكذا قرار!