تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
التعليم على «ايقاع الحرب» اليونيسيف: مليوني طفل سوري خارج التعليم

التعليم على «ايقاع الحرب» اليونيسيف: مليوني طفل سوري خارج التعليم

وجه طفل يحمل حقيبة ولافتة كبيرة كتب عليها من حقي أن أتعلم. فلأطفال سورية حقوق كثيرة يجب علينا أن نؤمنها لهم، وأولها الحياة والتعلم. الحرب الدائرة منذ خمس سنوات حرمت - وبحسب منظمة اليونسف-  أكثر من مليوني طفل سوري من التعليم في سورية.

تنتظر وحيدة.غ انتهاء عطلة العيد، كي ترسل أبناءها إلى المدرسة. تقول وحيدة المقيمة بحي الزهراء في حمص: السنة الماضية استهدفت عدد من مدارس حمص بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة. وأنا فقدت ابن أخي الذي استشهد في أحد التفجيرات. لذلك امتنعت عن إرسال أبنائي إلى المدرسة. وقمت بتدريسهم في المنزل، لكن هذا الأمر لم يعد ينفع هذا العام.

لا تغادر بثينة منزلها قبل أن تطالع أخر الأخبار الميدانية عن وضع مدينة دمشق. تقول بثينة: لدي ثلاثة أطفال جميعهم في مرحلة التعليم الأساسي، العام الماضي سقط عدد من القذائف على مختلف أحياء مدينة دمشق. وسقطت إحداها في باحة مدرسة ابني الذي جرح نتيجة سقوط زجاج صفه الدراسي، امتنعت عن إرساله إلى المدرسة لمدة أسبوع، ولكن بعد ذلك عاودت إرسالهم مرة ثانية. فالحياة لن تتوقف لكني بت أتعامل مع تهديدات الجماعات المسلحة بقصف أحياء دمشق بجدية أكبر من قبل. 

لا مدارس... لا دراسة

الآلاف من المدارس في مختلف مراحل التعليم خرجت عن الخدمة، في ظل الحرب الدائرة وعددها بحسب وزارة التربية نحو 3600. مؤكدة أنه يوجد 18 ألف مدرسة جاهزة تماماً لاستقبال الطلاب. ومبينة أنه تم ترميم 600 مدرسة منها، إضافة إلى أن نحو 1000 أخرى خرجت من الخدمة كونها مراكز إيواء للمهجرين. 

تصل حلا برفقة عمها إلى كراجات مدينة دمشق قادمة من الرقة، بعد افتتاح المدارس بأسبوع، حلا بلغت عامها الحادي عشر، ولم تدخل صف مدرسي منذ عامين، حيث أغلق عناصر ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) المدارس الحكومية في مدينة الرقة واقتصر التدريس على مادة القرآن الكريم وعلوم الرياضيات البسيطة. يقول عم حلا أنا مدرس في مدينة الرقة  خرجت منها منذ العام الأول من دخول داعش، بعد أن انعدمت العملية التعليمة. واليوم استقبل ابنة شقيقي التي يرغب ذووها بأن تكمل تعليمها. تقول حلا: قام والدي ووالدتي بتدريسي منهاج الصف الثالث وكذلك الرابع على أمل أن تعود مدارسنا كما كانت من قبل. لكن هذا الأمر لم يتحقق، لذلك أرسلوني مع عمي الذي ادعى أمام عناصر داعش أنه والدي وإلا لم أتمكن من الخروج.

تسجل غادة أبناءها الخمسة في إحدى مدارس ضواحي مدينة دمشق. تقول غادة: نحن كنا محاصرين في إحدى قرى الغوطة. ومنذ أربع سنوات لم يدخل أبنائي مدرسة حقيقية، حيث كان يعمل عدد من المتطوعين على تدريسهم مبادئ بسيطة في اللغة العربية والرياضيات. ولكن هذا الأمر لم يكن ينتظم بسبب الأوضاع الأمنية واليوم سيدخلون جميعاً صفوف نظامية. 

عملت المجموعات المسلحة على تغيير مناهج التدريس السوري وتوزيع مناهج دراسية خاصة بها، لكن هذا الأمر لم ينجح. فيما سعت بعض الجماعات إلى استبدال المناهج الدراسية بدراسة مادة القرآن الكريم فقط. مما أدى إلى خروج عدد كبير من الطلاب من المدارس والتحاقهم بأعمال عديدة أو التحاقهم بالقتال.

لا مانع 

يتأبط أحمد أضابير أبنائه الثلاثة، ويدور بين مدارس البلدة الجديدة كي يجد مقاعد خالية لهم. يقول أحمد: أنا مهجر منذ ثلاث سنوات ولم أعرف الاستقرار بعد، وفي كل سنة علينا أن ننتقل، لذلك أجهز الأوراق الثبوتية الخاصة بأبنائي، لكن علي في البداية أن أحضر ورقة لا مانع من المدرسة التي من المفروض أن تستقبلهم. 

تقول مديرة إحدى المدارس الابتدائية (حلقة أولى) فضلت عدم ذكر اسمها: نحن في مدارس المزة نعاني من ضغط شديد من حيث عدد التلاميذ. حيث قمنا هذا العام بافتتاح ست شعب لبعض الصفوف، وخاصة الصفين الأول والسادس الابتدائي. وتتابع المديرة: نحن ملزمون حسب تعليمات وزارة التربية بقبول الطلاب كافة حتى الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية. لكن علينا أولاً إجراء سبر معلومات كي نقيم مستوى الطلاب ونضعهم ضمن الصف الذي يناسبهم. لكن في الحقيقة نحن نعاني من تقبل للأهالي لوضع أبنائهم في صفوف أصغر من أعمارهن. لذلك نشهد إقبالاً على الصفوف العليا كالصف الخامس والسادس. حيث يصل عدد الطلاب ال42 طالب في الشعبة الواحدة. كما أننا بتنا نشهد تسجيل أطفال لا يجيدون الكتابة أو القراءة وقد تجاوزت أعمارهم العشر سنوات. وتتابع المديرة إن هذا الأمر سيؤدي إلى تراجع الطلاب ..   

ونتيجة ارتفاع أعداد هؤلاء الطلاب، أفضل إحداث مدارس مسائية تضمهم ويكون لهم مناهج خاصة كي يتمكنوا من اللحاق بمن هم بمثل سنهم. وهذا أمر سهل التنفيذ ويعطي نتائج أسرع وأفضل بالنسبة للطلاب.

حقي أن أتعلم

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تقرير صدر قبل أيام  من أن أكثر من 13 مليون طفل في الشرق الأوسط يشكلون نحو 40 بالمائة من أطفال المنطقة، لا يرتادون المدارس بسبب الصراعات المتأججة في أوطانهم. وتناول تقرير اليونيسيف، الذي يحمل عنوان «التعليم في خط النار» تأثير العنف على تلاميذ المدارس في تسع مناطق من بينها سورية والعراق واليمن وليبيا حيث يترعرع جيل بأكمله خارج النظام التعليمي. وقالت المنظمة في التقرير إن «أكثر من 13 مليون طفل لا يرتادون المدارس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نتيجة الصراعات في المنطقة». وأوضحت أن «عدد الأطفال في سن الدراسة يبلغ 34 مليوناً، منهم 13,4 مليونا لا يرتادون المدرسة ما يمثل نسبة 40 بالمائة».

فيما تبذل وزارة التربية السورية جهداً كبيراً في تأمين مستلزمات العملية التدريسية من الكتاب المدرسي، و الكادر التدريسي، إلا أنها لم تضع خطة تعليمية – تربوية متكاملة تناسب ظروف الأزمة، مما انعكس على مستوى مخرجات العملية التربوية التعليمية. 

لكن عدداً من الموظفين يقومون بإجراءات تعجيزية حيث تلقت قاسيون عدداً من الشكاوى، في تململ مدراء بعض المدارس من عدم حمل الأهالي للأوراق النظامية أو جلاءات مدرسية كي تثبت دخول الأطفال المدارس علماً أن وزارة التربية أصدرت قراراً بتجاهل هذه الأوراق وتسجيل الأطفال في الصفوف التي يجب أن يلتحقوا بها. 

تعمل عدد من المنظمات الأهلية والإنسانية السورية على تشجيع الطلاب السوريين للعودة إلى المدارس، وذلك بدعمهم من خلال إقامة أنشطة كتوزيع حقائب مدرسية، ودورات تقوية ودعم للطلاب السوريين.

خالد العلي متطوع في إحدى المنظمات الأهلية. يقول: أنا طالب أدب عربي سنة ثانية. حظيت بتعليم جيد جداً. وأنا حزين جداً على المصير الذي وصل إليه طلاب سورية سواء في الداخل السوري أو في الخارج.