فتح النار من كل الجبهات على السياسات الحكومية

فتح النار من كل الجبهات على السياسات الحكومية

عقد الاتحاد العام لنقابات العمال بتاريخ 25 أيار/2015 الملتقى الاقتصادي العمالي الأول تحت عنوان: (الواقع الاقتصادي وتعزيز مقومات الصمود). وتوزعت أعمال الملتقى على ثلاث جلسات رئيسية، في كل منها ثلاثة عناوين قدمها أكاديميون اقتصاديون، وممثلو النقابات، وممثلو غرف التجارة والصناعة، واختتمت بجلسة حوارية مفتوحة، وكلمة ختام لرئيس الاتحاد.

 

يوم الجدل والعمل الطويل، كان حاراً بوجود ممثلي الحكومة، وبالطرح المرتفع للنقابات وللمحاضرين والمداخلين. جاء الملتقى محاولة لملاقاة مستوى حرارة اللحظة، التي يعيشها اقتصاد البلاد، بعد وصول الأزمة إلى مستويات شديدة التعقيد، ما يضع مهمات اقتصادية كبرى أمام السوريين المعنيين كلهم.
جلسة ساخنة.. تحولات خطيرة ومصائب على العمال
الجلسة الأولى التي بدأت عند العاشرة والنصف صباحاً تقريباً، وتحت عنوان (الاقتصاد الوطني والحرب على سورية)، وأدار الجلسة الأولى الدكتور حسن حجازي، وقُسمت إلى ثلاثة محاور، الأول بعنوان: (تأثيرات الحرب والعقوبات على مسيرة الاقتصاد الوطني)، حيث أكد فيه الدكتور غسان إبراهيم على دور العقوبات في إخضاع الدولة وإمكانية أن تكون فرصة للاعتماد على الذات. أما المحور الثاني فقد جاء بعنوان: (السياسات الاقتصادية في زمن الحرب) قدمه الدكتور منير الحمش، والذي استعرض فيه عملياً جوانب من الاقتصاد السياسي للأزمة، وتحولات ما قبلها، وآثار ذلك، منطلقاً من دور السياسات الليبرالية التي أدت إلى انطلاق حراك شعبي، رفع شعارات محقة في البداية، ثم تحول إلى حالة العسكرة التي أوصلتنا إلى هنا، نتيجة عوامل متعددة أبرزها: التدخل الخارجي على حد وصفه، تلا ذلك المحور المعنون بـ (الطبقة العاملة وتأثيرات الحرب) استعرض فيه السيد عمر حورية عضو المكتب التنفيذي في الاتحاد العام لنقابات العمال، الإجحاف الكبير الذي تتعرض له الطبقة العاملة، نتيجة السياسات الحكومية المطبقة، والمترافقة مع الدمار الذي سببته الحرب للإنتاج الوطني.
كان المحور الأول عملياً الأشد سخونة وسبب ذلك الجدل الكبير والاشتباك على الصعد كلها مع المسؤولين الحكوميين، الذين اضطروا للدفاع عمّا ينفذونه من سياسات، مبررّين ما يجري كلّها بظروف الحرب، وهو ما أدى إلى تصاعد حدة الانتقادات من معظم الحاضرين والمشاركين، للمسؤولين الحكوميين الحاضرين والذين تميزت معظم ردودهم بالانفعال، وغادر معظمهم بعد الجلسة الأولى.
تهرّب التجار لم يمر في الجلسة الثانية
جاءت الجلسة الثانية بمحاورها الثلاث أقل صخباً من الأولى، وحملت عنوان (الوضع المعيشي للمواطن وتحديات الأزمة) وتحدث عن محورها الأول المعنون بـ (التدخل الإيجابي للدولة في مواجهة تداعيات الأزمة) الدكتور قحطان السيوفي، حيث قدم العديد من الإجراءات البديلة في المجالات المالية والنقدية، بعد انطلاقه من نقده للأداء الحكومي بشكل عام آخذاً بعين الاعتبار ظروف الحرب، وتوقف عند إجراءات المركزي وأخطائها، وضرورة العمل على الابتعاد عن معظمها، وتحديداً إجراءات ضخ الدولار.
وتحت عنوان (نحو اقتصاد وطني أكثر منعة ومقاومة) سعى رئيس اتحاد غرف التجارة السورية، الأستاذ غسان القلاع، إلى رسم صورة للاقتصاد الوطني القائم على الإنتاج الزراعي والصناعي، متناغماً مع القطاع التجاري، بانياً المشهد على ضرورة الوقوف عند أحوال الناس، منتقداً التقلب في السياسات الحكومية، ومحاولاً وضع التجار بموقع الضحية مع باقي الفئات، وهو ما ووجه بانتقاد حاد من جريدة قاسيون، التي أوضحت الدور السلبي لزيادة وزن التجارة في الاقتصاد، وتحولها للربح الاحتكاري، ما يعني زيادة بؤس عموم السوريين، واستفادتها على حساب تراجع الإنتاج الصناعي والزراعي، وبالتالي تناقضها مع بنية أي اقتصاد وطني. وفي المحور الثالث طرح الأستاذ بسام جبلاوي مجموعة من المقولات حول (تعزيز دور الطبقة العاملة في مسيرة الصمود).
هدوء في الثالثة وختام بتوعّد السياسات!
في الجلسة الثالثة، كان ما بقي من الحضور على موعد مع عنوان هام هو (الاقتصاد الوطني انطلاقة جديدة) شهد محورها الأول، تحت عنوان (التعافي الاقتصادي..واقع وتحديات «الصنعة نموذجاً») حديثاً هاماً للأستاذ فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، استعرض بشكل رئيسي فيها ما لمسه على أرض الواقع من معوقات حكومية لتعافي القطاع الصناعي، وتحديداً في منطقة الشيخ نجار في حلب كنموذج، بالإضافة إلى تعليقات هامة، حول دور السياسات التي سبقت الأزمة لجهة العلاقات الاقتصادية السلبية مع تركيا، كما شدد على دور العمال البطولي في تشغيل المعامل في ظروف أمنية ولوجستية بالغة الخطورة.
أما المحور الثاني والذي تحدث فيه الدكتور رسلان خضور عن (إعادة الإعمار «التعبئة الوطنية») فقد ركز حول الموراد المالية لإعادة الإعمار غاب أهمها وهي أموال الفاسدين، كما ختم الجلسة الدكتور شادي بيطار والذي توقف عند تناقضات السياسات النقدية التي يطبقها المركزي، وذلك في محوره المعنون (السياسات المالية والنقدية-آفاق وحلول)، والتي رأى أنها كان ينبغي أن تكون في أولى الجلسات، نظراً لدورها المفتاحي في قراءة الوضع الحالي.
خُتم اللقاء بكلمة موجزة لرئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، الأستاذ جمال القادري، والذي بعث برسالات واضحة، حول دور النقابات الذي لن يسكت عن كل ما يطبق من سياسات سلبية على حد تعبيره.
قبل الختام كان الملتقى قد خلص إلى جملة من المقترحات والتوصيات، تعهد القائمون على الملتقى بصياغتها وطرحها على المسؤولين، الذين وبكل تأكيد باتوا يستشعرون درجة التردي الاقتصادي، الذي أوصلتنا إليه سياساتهم، والتي انعكست في الملتقى بفتح النار على تلك السياسات من كل الجبهات.