الملتقى كورقة لعباد الشمس.!
لقد أبرز الملتقى مجموعة من القضايا، قد يكون أهمها أن هنالك إجماع شعبي واسع حول إدانة السياسات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة، ودورها في انفجار الأزمة أولاً، ثم دور هذه السياسات الأساسي في تدهور الوضع الاقتصادي في ظل الحرب.
كما تثبّت أن تعلل المسؤولين الحكوميين بظروف الحرب كمانع موضوعي لإجراءات اقتصادية تحل أوضاع فقراء الشعب ولو جزئياً، هو محض تمويه من قبل الحكومة، التي تنفذ سياسات ممالئة لكبار أصحاب رؤوس الأموال، ولا تمت بأية صلة لظروف الحرب التي تتذرع الحكومة بها، وهذا مصدر التدهور الفعلي.
وظهر أن المسؤوليين الحكوميين وما يمثلونه من قوى مختلفة ضمن النظام الاقتصادي الاجتماعي، لا تستطيع إلا أن تنفذ سياسات تخدم معظم كبار رؤوس الأموال المتنفذة في ذلك النظام، وتضطر لتقاذف المسؤوليات فيما بينها لمواجهة الضغوطات الشعبية الرافضة لها، وذلك كشيء من تخفيف الضغوطات الكبيرة عليها.
وتبين أن العديد من القوى والأطراف، قادرة على أن تطرح حلولاً جدية لتخفيف التدهور الاقتصادي الكبير، إلا أن اختباء السياسات الحكومية خلف الحرب يمنع ذلك، فهناك قوى جدّية قدمت حلولاً هامة مستندة إلى مصالح غالبية الشعب السوري من عماله ومنتجي الثروة الحقيقيين. أما هروب البعض للحديث عن الحرب كقدر مهول وعليه بالتالي تأجيل كل الحلول هو أمر تضليلي، فلا شكّ أن الحل السياسي وإنهاء الحرب هو شرط موضوعي للحل الجذري، ولكن حكومة حرب حقيقية تأخذ مصلحة الفقراء بعين الاعتبار وترقى لمستوى التحديات قادرة على إيجاد حلٍّ هام للحد بشكل كبير من التدهور الاقتصادي.
إن بعض الأصوات الناشزة التي ما تزال تدافع عن اقتصاد السوق، على قلتها، تسعى لخلط الأوراق لتبرئة الإجراءات الحالية من كونها امتداداً طبيعيّاً لاقتصاد السوق الذي فجّر الأزمة ولا يزال يعمقها. كما كانت محاولات بعض القوى الاقتصادية المستفيدة موضوعياً من الأزمة، تصدير نفسها بأنها معترضة على شيء من هذه السياسات، ما هو إلا اعتراض على تفاصيل بسيطة، وقنابل دخانية لتعمي الفقراء عن ناهبيهم الحقيقيين.
ما ينبغي البناء عليه هو أن الخيار الوطني اليوم وفيما لو أراد، قادر على تعبئة القوى المُضطهَدة من هذه السياسات وزجّها في معركة شعواء ضد الفساد الكبير بدل محاولات التعامي عنه، بحجة الظروف غير المواتية، وأن مثل هذه الملتقيات تؤمن منابر هامة لتعبئة القوى الجدية فينبغي الاستمرار بها وأخذها إلى مطارحها النهائية.