من الذاكرة: هل تسمح لنا يا عم؟!

تحدث سكرتير الفرقة وهو عامل عن نضال العمال في سبيل حقوقهم المشروعة, وشرح لنا ما جرى في أمريكا أثناء قيام عمال المصانع بمظاهرة, تعرضت لرصاص غادر قتل عدداً من العمال, وما تبع ذلك من محاكمات غاشمة قضت بإعدام قادة نقابيين ظلماً وعدواناً, مما فجر بركان الغضب العمالي العارم في العديد من بلدان العالم, وقد توج نضال العمال بإعلان الأول من أيار عيداً عالمياً للطبقة العاملة.

كما تحدث السكرتير عن نضال العمال السوريين، ودور الحزب الشيوعي السوري في إنشاء النقابات وقيادة المظاهرات العمالية, وإنشائه بالتعاون مع قوى تقدمية اتحاداً نقابياً باسم «مؤتمر العمال السوريين» برئاسة الرفيق النقابي إبراهيم بكري.

ويقرع باب البيت ليدخل زائران هما عم وابن عم الرفيق أبو أديب, اللذان فوجئا بوجودنا, وبالعلم الأحمر المرفوع في صدر الغرفة, وبعد «السلام والتحيات» والجميع يعرفون بعضهم بعضاً واحداً واحداً, بادر السكرتير وبكل هدوء أعصاب وبلهجة واثقة ليقول مخاطباً «العم»: يا عم أنت معلم في صناعة النسيج.. أي أنت عامل ماهر على «النول» ونحن نحتفل بعيد العمال أي بعيدكم, فهل تسمح لنا بمتابعة الحفل بحضورك, وجاء الجواب مشجعاً «تفضلوا يا أولادي تابعوا احتفالكم».. وتابعنا وانتهى الاحتفال بتوزيع السكاكر وكل عام وأنتم بخير.

وعلى ما أذكر فإن عدد النقابات العمالية في سورية عام 1954 بلغ مئة نقابة, وارتفع إلى 305 نقابات عام 1958, وكما سمعت أن عدد العمال المنتسبين إلى النقابات عام 1950 كان 18283 عاملاً.. وقد أصبح 45749 عاملاً عام 1958.

ومع قيام الوحدة حظر نشاط النقابات السورية أسوة بما هو «سائد» في مصر.

وقد سبق للحزب أن أبدى رأيه في الأسس التي يجب أن تقوم عليها الدولة الجديدة, وذلك في وثيقة عرفت باسم «البنود الثلاثة عشر» حرصاً على توطيد استقلال الجمهورية العربية المتحدة, وإحباط مكائد الاستعمار الموجهة ضدها, وما زلت أذكر عدداً منها: ضرورة أخذ الظروف الموضوعية في كل من سورية ومصر, وأن يقوم في كل منهما برلمان وحكومة إلى جانب برلمان مركزي, وكلها تقوم بالأساليب الديمقراطية, بانتخابات عامة وحرة، وتعزيز الصداقة مع الاتحاد السوفييتي, والوقوف بحزم ضد الاستعمار الأميركي _ إجراء الإصلاح الزراعي - ضرورة العمل على صيانة الاقتصاد السوري ورفع مستوى الشعب في كل المجالات - صون الفضيلة والأخلاق.

هي بعض ذكريات تطرق سمع خاطري لتصير حروفاً نابضةً أمام عيون قرائنا الأعزاء.