مخاتلات حكومية:موفدو سورية بلا رواتب..!
بعدما كان يكابد موفدو وزارة التعليم العالي إلى مختلف دول العالم تأخر وصول رواتبهم إلى فترة تقارب الشهر عن موعدها المحدد، بات يعاني هؤلاء من انقطاع رواتبهم- التي لا تتناسب بالأصل مع مستوى المعيشة وغلاء الأسعار في البلدان الموفودين إليها، وخاصة الموفدون الى روسيا الاتحادية، لمدة أربعة أشهر كاملة.
تنصُّ القوانين السورية على أن يقبض موفدو وزارة التعليم العالي رواتب السنة كاملة، على ثلاث دفعات، ورغم «اعتيادهم» على التأخير الروتيني لوصول هذه الرواتب، بمعدَّل شهرٍ عن موعدها الطبيعي، لم تجد وزارة التعليم العالي حرجاً في التضييق على موفديها، عبر تأخير وصول رواتبهم لمدة أربعة شهور.
هذه بداية القصة فقط، حيث صدر مؤخراً قرار يوجب على الموفدين دفع رسوم كبيرة لتصديق كل الأوراق المطلوبة من سفارات الجمهورية العربية السورية، مع العلم أن الطلاب الموفدين مطالبون بكمٍّ كبير من الأوراق والوثائق والتقارير الدورية لإرسالها إلى وزارة التعليم العالي. ما يؤكد أن الوزارة، ومعها الحكومة السورية، تتعمد تحميل الطالب الموفد أعباءً جديدة، في ظل قصورها عن تأمين حقوقه ومستحقاته: من تأخير كبير في تسليم الرواتب، وخصم مبالغ من رواتب الموفدين بشكل غير مفهوم. فرواتب موفدي جامعة دمشق إلى روسيا الاتحادية، على سبيل المثال، أقل من رواتب موفدي الوزارة وباقي الجامعات السورية إلى روسيا. فضلاً عن تأخير، أو عدم تعويض، النفقات الإضافية للطالب الموفد، والتي يحق له قانونياً تعويضها، مثل التأمين الصحي ونفقات النقل في أول سنة إيفاد.
وفي متابعةٍ لهذه القضية، جرى سؤال محاسبي الوزارة والجامعات، ليتبين أن الرواتب تحوَّل صرفها من المصرف المركزي إلى وزارة الخارجية، دون توضيح كيفية اتخاذ القرار وحيثيات تنفيذه. مع العلم أنه، وفي ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على الدولة السورية ومؤسساتها، كان يتم صرف الرواتب من البنك المركزي، ليستلمه وكلاء عن الطلاب الموفدين ويرسلونه إليهم، ما كان يحمِّل الطلاب أعباءً إضافية تتضمن تكاليف تحويل الأموال عبر المكاتب.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «الوطن» مقالاً، بتاريخ 1\4\2015، حمل عنوان «التعليم العالي تطمئن: مستحقات السوريين الموفدين إلى روسيا تصرف خلال أسبوع.. نجم لـ«الوطن»: رئاسة الحكومة اهتمت بالموضوع وعالجت التأخير الحاصل»، حيث أورد المقال، تصريحات لمعاون وزير التعليم العالي للشؤون الإدارية والمالية، عبد المنير نجم، تدعي أنه جرت معالجة التأخير الحاصل، على أن يتم صرف رواتب الموفدين إلى الخارج خلال أسبوع واحد. ووضح نجم أن سبب التأخير «مفاده أن تحويل رواتب الطلاب وصرفها (يتم) من الوفورات الموجودة في السفارة، ولكن تبين عدم وجود وفورات كافية في مختلف الدول، باستثناء مصر ورومانيا واسطنبول، وخاصة أن الوزارة كانت قد طلبت تخصيص القطع لمصلحة الموفدين في الخارج، والمعيدين في الجامعات الروسية والأخرى»، وأكد أن رئاسة مجلس الوزراء «وجَّهت للعودة بالعمل لما كان عليه سابقاً، ويمكن لوكلاء الموفدين استلام رواتبهم خلال أسبوع، وأن المبالغ موجودة ومتوافرة، ولا يوجد إشكالية في هذا السياق»..!
لكن، وبعد السؤال مجدداً في محاسبة وزارة التعليم العالي للموفدين إلى روسيا، تبين أن قوائم الأسماء والرواتب لا تزال في وزارة الخارجية، وليس لدى المحاسبة أي معلومات إضافية..!
وعليه، فإننا نضع هذه القضية برسم المسؤولين، ونطالب بحلها بشكلٍ فوري، نظراً للمعاناة التي يتحملها الطلاب الموفدون (أساتذة الجامعات السورية في المستقبل) بشكل كبير، حيث باتت القضية تمسّ طعامهم ومعيشتهم بالحد الأدنى، أو تدفعهم للعمل بشتى الوسائل، وبما لا يتناسب مع ضغط دراستهم وشهاداتهم العلمية التي يحملونها، بهدف تأمين طعامهم وشرابهم وحاجاتهم الأساسية.