أرقام ساخنة لنا بروشورات للنظافة.. وإجراءات ليست من ورق!؟

أرقام ساخنة لنا بروشورات للنظافة.. وإجراءات ليست من ورق!؟

هي مؤسساتنا كما عادتها، خطابها بنفسه وبطرق معالجتها لأمورنا المستعصية من أمراض وخدمات وسواها، وهي مبدئية لا تحيد عن عقلية الروتين والمصطلح، ولم تجدد الحرب حتى من طريقة اجتماعاتها الدورية، فمن النادر أن تلمح خبراً عن اجتماع طارئ لتفادي كارثة طبية أو خدمية، ومشهد مياه السيول منذ أيام وهي تجرف السيارات والبشر والمحال التجارية في ركن الدين ليس سوى لقطة في فيلم سوري طويل عن أداء هذه المؤسسات.

مجلس محافظة ريف دمشق عقد اجتماعاً ركز فيه على الجانب الصحي الذي تعاني منه معظم مناطق المحافظة، ولم يخرج إلاّ وقد اتخذ جملة من القرارات الهامة المتعلقة بهذا الشأن ذو الحساسية الخاصة، والذي يعني كل المواطنين وبالذات الأطفال الطرف الأضعف الذي يتمكن منه المرض بسهولة.

القرارات في جملتها تهدف كما نتج عن الاجتماع لرفع المستوى الصحي في مناطق المحافظة، ومن أهم هذه القرارات: تأمين الأدوية والكوادر الطبية اللازمة لمتابعة ومراقبة الأمراض الخطرة وعوارضها، وإقامة ندوات وورشات عمل تشارك فيها النقابات جميعها والمنظمات والمديريات الفنية، لتسليط الضوء على أهم الأمراض التي تنجم عن عدم الاهتمام بالنظافة وطباعة بروشورات خاصة.

هذا يعني أننا في الاتجاه المعتاد، وأن لا خروج عن طريقة التفكير والأداء، أي أننا أمام حملة (بروشورات) توعية ستهزم المرض بتحويلنا إلى بشر يقرؤون ويعملون، وستقوم الندوات بمهمة الإجهاز على المرض، وهنا يكفي أن نستذكر معاً من هم جمهور الندوات وما سيصرف عليها من مبالغ يمكن أن تشتري بها الصحة لقاحات لمرضى قرية بأكملها.

وحتى لا يقول البعض أننا نجتزئ النص ونتغافل عن القرار، الذي ينص على تأمين الأدوية والكوادر الطبية فقط.. أيضاً ومعاً سنستذكر أن المراكز الطبية حتى تاريخه وحسب (وزارة الصحة) ليس لديها لقاحات كافية، ووجه السيد الوزير بتصريح سابق إلى أن اللقاحات متوفرة في بعض المراكز الصحية وبمبلغ 3000 ليرة للقاح الواحد.

أرقام ساخنة من أجلنا!

من ضمن القرارات التي اتخذت (تكليف مديرية صحة ريف دمشق لتخصيص أرقام هاتفية ساخنة لاستقبال شكاوى المواطنين وعلى مدار الساعة وتعميمها على وسائل الإعلام)... وهذا أيضاً إنجاز جديد واختراق للمعهود، وسيتصل كل محتاج وسيرد عليه الموظف المكلف بأدب جمّ، وسيوجهه إلى أقرب مركز صحي، وبعد فترة وجيزة لن يجد من يرد عليه، هذا إن لم يكن الموظف قد رفع السماعة ونام حالماً بنهاية الكابوس، وهذا ما يعانيه المواطنون من موظفي طوارئ الكهرباء، الذين لا يردون على الهاتف أو يرفعون السماعة أو يشغلونه بالحديث مع خليلاتهم لتمضية ليلة طويلة.

مجلس متخصص

والمجلس كرر في اجتماعه ما رددته وزارة الصحة، عن أن الإشاعات وسعت من دائرة الذعر وأن (الحالات المرضية الموجودة والتي دارت حولها الإشاعات في عدد من المناطق هي ضمن الحدود المقبولة وفي تراجع مستمر نتيجة المتابعة من قبل الجهات المعنية)....واليوم تورد صحيفة محلية خبر وجود (100) حالة جديدة من اليرقان في محافظة السويداء، وأما في ريف دمشق فما يزال التكتم سيد الموقف، رغم صدور عدة أرقام تنضوي تحت سقف الحالة الطبيعية...فالمجلس حسم الأمر وبت به.. طبيعيون نحن!

حملة واسعة.. 

محافظ ريف دمشق وجه كل الجهات الخاضعة له بضرورة أخذ الاحتياطات الصحية، وتكريس نهج النظافة للوقاية من الأمراض، وخصوصاً أن الصيف قادم والحرارة إلى ارتفاع، وهذا يعني مزيداً من الأمراض... وحسب الخبر الصحفي الذي وزعه المكتب الصحفي ( تنشيط حملات النظافة في كافة المناطق بمشاركة المنظمات الشعبية والحزبية: الشبيبة – الطلائع – اتحاد الفلاحين – التربية – الاتحاد النسائي – نقابة المعلمين وغيرها لتكريس نهج النظافة للوقاية من الأمراض)...هنا يبدو الأمر أكثر جدية باللجوء إلى الشرائح الاجتماعية، ولكنها ستصطدم بجدية القائمين و تحفيز المواطنين على المشاركة؟.

تشديد

في ظل محاولات ضعاف النفوس استغلال حاجة المواطن، وإغرائه بأسعار أخفض من السوق، صار سهلاً على الأمراض أن تفاجئنا، والغلاء الذي يستفحل دفع الناس ليكونوا فريسةً سهلةً لهؤلاء، وكل هذه المعطيات مجتمعة لا بد من مواجهتها بجدية مطلقة لا أن تكون الندوات والبروشورات الأدوات البدائية سلاحنا.

وفي الآونة الأخيرة تم ضبط معمل مرتديلا فاسدة، ومحلات بيع لحوم غير صالحة للاستهلاك البشري،  وآخر ما حرر عن حالتي ضبط لحليب أطفال في مستودعات الهلال الأحمر، وهذا يعني أن جسد ضميرنا الوطني قد أنهك بفعل الجشع والاستغلال وضعف الرقابة وعدم المحاسبة.

لذلك لا بد أن تشكل فرق عمل مستنفرة دائماً لحماية الأرواح الصغيرة من العبث كما قالت جهة رسمية  (تشكيل فريق عمل من مديريات الصحة والخدمات الفنية واتحاد الفلاحين والتجارة الداخلية والسياحة والصناعة لكشف ومراقبة جميع المحال التجارية والمعامل، والمنشآت، والمطاعم التي تتعامل بالأغذية والمواد الاستهلاكية، للتأكد من سلامتها والعمل على تحليل المواد الغذائية قبل بيعها للتأكد من سلامتها)؟!

ريثما تتم كل هذ الإجراءات...المرض لا ينتظر والجشعون يسبقون القانون والحساب، وضميرهم الميت يعمل بنهم المال الفاسد القاتل؟.