من الذاكرة: خرج الأمر من يدنا!
في رحاب شهر آذار تأتلق ذكرى مناسبات عزيزة وحميمة وفي مقدمتها مناسبة عيد الأم وعيد المعلم وعيد المرأة العالمي وعيد نيروز، ومن الطبيعي أن تستعيد ذاكرة كل منا، بعضاً منها وبخاصة ونحن نعيش في ظل أوضاع بمنتهى القساوة والمرارة ويمكنني القول وأنا المتقدم في السن أن ما نمر به جاوز كل معقول ومفهوم وآن له أن ينتهي.
ومن ذكريات آذار عام 1995 وكنت حينها عضواً في المكتب التنفيذي لمجلس محافظة دمشق. وفي مساء 20 آذار علمت بخبر توقيف ثلاثة شبان وطفل من وادي المشاريع بدمر وخمسة شبان من ركن الدين بتهمة إشعال دواليب عشية عيد النيروز، وقد بادرت فوراً للاتصال بالجهات المعنية للإفراج عنهم، وفي صباح اليوم التالي انطلقت مع عدد من الرفاق من أمام بيت الحزب إلى البساتين في البارك الشرقي، وكذلك البساتين خلف مشفى تشرين العسكري، لتهنئة المشاركين بالاحتفال، والوقوف على واقع الأحوال، وقد تلقيت وعداً بإطلاق سراح الموقوفين في مساء اليوم نفسة، لكن ذلك لم يحدث، وفي الصباح عاودت الاتصال باللواء قائد شرطة المحافظة، فأخبرني أن الأمر خرج من يدهم وأصبحت قضيتهم بيد وزير الداخلية، وقد قصدت مع عدد من الزملاء بمجلس المحافظة وزارة الداخلية، وفي مكتب الوزير تقدمت بطلب خطي باسم الزملاء بضرورة الإفراج عن الموقوفين، ثم قابلت الوزير وجرى بيننا حوار جدي مطول حول الموقف من احتفالات نيروز، وهو عيد فرح وسرور، ويجدر أن توفر له كل عوامل النجاح، ثم طالبته بإطلاق سراح الشبان الموقوفين فاستجاب للطلب، وانطلقت من الوزارة باتجاه فرع الأمن الجنائي حيث تم الإفراج عنهم، وقد أوصلت بسيارة المحافظة الموقوفين من وادي المشاريع إلى بيوتهم، بينما انطلق الموقوفون من حي ركن الدين إلى حيهم مباشرة.
ومن ذكريات آذار في العام نفسه وفاة أحد قادة الحزب الشيوعي العراقي الرفيق زكي خيري في السويد، وقد ارتأى الرفاق أن يدفن في دمشق، وبالفعل وصلت الطائرة السورية القادمة من السويد مساء يوم الأحد إلى مطار دمشق، وكنا مع قيادة الحزب في استقبال جثمان الفقيد تصحبه زوجته الرفيقة سعاد خيري، ونقل الجثمان إلى مشفى المجتهد، وفي صباح يوم الاثنين 27 آذار و وري الثرى في مقبرة الدحداح، وقد كنت قد طلبت بتكليف من الرفاق من محافظة دمشق تخصيص قبرٍ ليدفن فيه الفقيد، وتم ذلك بحضور كثيف ومشاركة قيادات حزبية عديدة، وقد أُلقيت كلمتان واحدة باسم الحزب الشيوعي العراقي والثانية ألقتها الرفيقة سعاد خيري.