شركات النقل الخاصة تعمل بلا عقود السائقون: «أجورنا بدل شحادة»!..
فسخ عقود حوالي 4 شركات نقل داخلي خاصة في دمشق، يشير بالتأكيد إلى وجود مخالفات «جسيمة» لما تنص عليه العقود المبرمة مع الشركة العامة للنقل الداخلي، لكن استمرار عمل هذه الشركات رغم فسخ عقودها يشير إلى ماهو أكبر من ذلك، كعدم قدرة الحكومة على استجرار شركات جديدة للاستثمار بدلاً من القديمة لأسباب عديدة، أهمها من وجهة نظر بعض الشكاوى، هو «نفوذ» بعض المستثمرين وعلاقاتهم «الوطيدة» مع الحكومة، وأصحاب القرار.
من المؤكد، أن عمل هذه الشركات دون وجود عقود ناظمة بينها وبين الجهات العامة، قد يدفعها لممارسة المخالفات بشكل علني وأكبر، لعدم خضوعها لشروط جزائية بعد فسخ عقدها نتيجة مخالفاتها، وأهمها التلاعب بالتسعيرة، والإعلان عن عدد باصات غير موجود على الخطوط المخدمة، وغيرها من مخالفات تخص السائقين قبل الركاب، كعدم إبرام عقود معهم وتعرضهم للطرد التعسفي، وعدم إدخالهم في التأمينات الاجتماعية.
سبب الحشر: 250 ل.س فقط!
«أبو. م» الذي يعمل سائق باص نقل داخلي على خط «جسر الرئيس صناعة»، التابع لشركة تجارية خاصة، قال إنه «هناك 20 باصاً تابعاً للشركة يخدم هذا الخط»، مشيراً إلى أنه «يتقاضى أجره الشهري بناءً على عدد الساعات التي يعمل بها يومياً، والتي تقدر بـ 12 ساعة يومية»، وليس بناءً على عدد التذاكر التي يتم بيعها يومياً كما تقوم بعض الشركات الأخرى، لكن الشركة ذاتها، تمنحه مكافأة في حال بيعه أكثر من 6 دفاتر يومياً، وتقدر قيمتها بـ 250 ليرة سورية، ما يدفعه إلى حشر المواطنين بالعشرات فوق طاقة الباص ليحصل على المكافأة.
مخصصات مازوت
أكثر من عدد الباصات
لفت السائق أيضاً إلى أنه «تم تخصيص لكل باص ما يقارب 120 ليتر مازوت تكفي لمدة يومين، وأنه غير قادر على التحكم بما يزيد منها، لأن الشركة وضعت أقفال على خزانات الوقود في كل باص»، لكن هذه القضية تشير فعلاً إلى أن الشركة تستفيد من مخصصات المازوت للباصات الأخرى التي لا تعمل، فهي بحسب تقارير «أعلنت عن عدد معين من الباصات، بينما تسير بعضاً منها»، وهذه المخالفة كانت من إحدى الأمور التي أودت بعقود بعض الشركات، بحسب تصريحات حكومية سابقة، فكيف سيكون الحال بعد فسخ العقود؟ وخاصة في ظل شكاوى عن عدم وجود عدد كافٍ من الباصات لتخديم الخطوط.
بصمنا على ورقة بيضاء..
وراتبنا «بدل شحادة»
ورغم اعتبارها من الأوراق غير القانونية، والتي تعود على صاحبها بالضرر الجسيم، قال «أبو.ع» البالغ من العمر 50 عاماً، والذي يعمل على خط ركن الدين بوابة الميدان «بصمت على ورقة بيضاء عندما تقدمت بأوراقي للشركة، فلا يوجد بيني وبين الشركة أي عقد رسمي، وبهذا الإجراء تحفظ الشركة حقوقها، بينما السائق ليس له حق عندها، ولكن له الله».
ووصف «م» الذي يعمل سائقاً على أحد خطوط شركة نقل خاصة، الأجر الذي يتقاضاه شهرياً بأنه «بدل شحادة، ولكن الشركة تعطي مكافآت للسائقين، في حال بيع 4 دفاتر فما فوق خلال اليوم، والتي تزيد بدورها أجرة ساعة العمل من 90 ليرة سورية إلى 110 ليرات سورية»، لافتاً إلى أنه «يشتري دفتر التذاكر من الشركة بمبلغ 4000 ليرة سورية، وهو يضم 1000 كرت، ويبيعه بنفس المبلغ»، قائلاً لا يوجد لي أي نسبة من بيع التذاكر كما يعتقد البعض، فأنا المسؤول عن أي راكب يصعد دون أن يقطع كرت، أو يدفع لي مبلغ أقل من التسعيرة المحددة. وهذا ليس الحال في كل الشركات.
وبدوره قال سامر وهو سائق أيضاً «لا أتقاضى الأجر الذي تم الاتفاق عليه مع الشركة، فأنا اتفقت معهم على مبلغ 110 ليرات للساعة، ولكن يعطونني 90 ليرة سورية، وذلك بحجة عدم وجود عمل كافٍ».
مراقب خط!
وأوضح نصار، مراقب خط يعمل لدى إحدى شركات النقل الداخلي، أن «لدى الشركة 140 باصاً داخل الخدمة موزعة كالتالي، خط مساكن برزة 60 باص، وخط السومرية 60 باصاً، و20 باصاً على خط ركن الدين، وهي كافية لتقديم الخدمة اللازمة للركاب»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد عدد محدد من الركاب حتى يتم تسيير الباص).
حديث نصار يشير فعلاً إن كان مصدر معلوماته مما تروج له الشركة، إلى وجود تلاعب بالعدد المصرح بالباصات العاملة، وخاصة وأنه لا توجد باصات كافية لتخديم الخطوط، حتى بات المواطنون الذين ينتظرون قرابة الساعة للركوب، ويعرفون أشكال السائقين تبعاً للأوقات التي يخرجون بها للعمل.
تسعيرة مخالفة دون بطاقات
وأضاف نصار أن «تسعيرة الركوب تم رفعها بناء على رفع سعر ليتر المازوت إلى 125 ليرة سورية) يعتبر نصار أن التسعيرة مقبولة، وهذا ما خالفه به أغلب المواطنين الذين يجدون بوسيلة مثل النقل الداخلي التي يحشر بها حوالي 100 شخص، إضافة إلى بطئها وقلة عددها، لا تستحق حتى الـ25 ليرة سورية، كون الشركة تربح الكثير نتيجة اتساع الباصات لهذه الأعداد من الركاب.
قال أحد الركاب «التسعيرة المعلن عنها في الباص مخالفة أساساً لأنه عبارة عن ورقة مطبوعة على حاسب، وليست صادرة من وزارة النقل أو المرور أو المحافظة)
الشركة العامة: لا تعليق!
وفي القضية التي أثارتها إحدى الإذاعات في دمشق، وبعد التنسيق مع الشركة العامة للنقل الداخلي، كي تفسر على الهواء مباشرة ما طبيعة العقود المفسوخة وكيف تعمل الشركات حالياً دون عقود، وما هو حجم خسارة الشركة مما نصت عليه العقود من حجم أموال يجب أن تعود للشركة، اعتذر مدير عام الشركة في وقت متأخر عن التعليق..
المخالفون يربحون.. والنقل العام يخسر!
بينما الجهات المعنية تسعى لتجديد عقود الشركات المستثمرة، بذريعة إيقاف خسائر النقل العام من الإيرادات التي يفترض أن يحصل عليها من مستثمري خطوط النقل الداخلي. تكمل الشركات المستثمرة المخالفة عملها بلا عقود، وبلا عائد يذكر للمال العام.
ينبغي الإشارة إلى أن تقديرات قاسيون الأولية، لأرباح الشركات المستثمرة والعاملة في النقل الداخلي في دمشق، أشارت إلى إيرادات تزيد عن 2 مليار ل.س سنوياً، تستطيع شركة النقل العامة أن تحصلها إذا ما قامت بتشغيل باصات الشركات المخالفة، التي تملأ مرائبها بحسب تصريح رئيس فرع مرور دمشق العميد حسين جمعة.