الحسكة.. « إغاثة للبيع» ؟!

الحسكة.. « إغاثة للبيع» ؟!

بدأت لجنة الإغاثة الرسمية في محافظة الحسكة، بتنفيذ مجموعة خطوات رقابية على آلية توزيع المساعدات الأممية المخصصة لمحافظة الحسكة، في محاولة لوضع حد للفوضى التي تشوب توزيع المساعدات على الأسر المحتاجة من النازحين، في أول اعتراف رسمي بأن الفساد وصل حتى إلى مواد الإغاثة المخصصة للفقراء.

وتعتبر لجنة الإغاثة الحكومية في الحسكة، هي المسؤولة عن استلام المساعدات المقدمة من منظمات الأمم المتحدة (برنامج الغذاء العالمي واليونيسيف) وتوزيعها للمحتاجين عبر جمعيات محلية، مثل الهلال الأحمر  وجمعية البر والجمعية الأرمنية، من خلال عدة خطوات تبدأ بتسجيل الأسر الوافدة إلى المحافظة سواء من ريفها أو من محافظات أخرى في قوائم يتم على أساسها تسليم المساعدات.

وترافق عملية التسجيل ومن ثم التسليم، الكثير من السلبيات التي تبدأ بطوابير المحتاجين الطويلة أمام مقار الجمعيات، ولا تنتهي بالمحسوبيات وتجاوز الدور وفساد بعض الموظفين المسؤولين عن توزيع المواد الإغاثية، ناهيك عن الآلية المثيرة للريبة في تحديد الأسر الوافدة أو المحتاجة، لاسيما أنها تعتمد بشكل أساسي على خانة القيد في البطاقة العائلية فقط.

خطوة إيجابية

أعلنت لجنة الإغاثة الأسبوع الماضي، عن تشكيل عدة لجان رقابية مهمتها التدقيق في أسماء الأسر الوافدة إلى المحافظة من المحافظات الأخرى والمهجرة ضمن المحافظة، والمسجلة بجداول إحصائية لدى الجمعيات المسؤولة عن توزيع المواد الإغاثية، للتأكد من عدم تكرارها، وضمان استحقاقها للمساعدات.

كما قررت اللجنة المرتبطة بمكتب محافظ الحسكة، إجراء إعادة تقييم للعاملين في تسجيل أسماء الأسر بعد أن اعترفت لأول مرة بورود شكاوى حول آلية التسجيل وطريقة التعامل مع المواطنين، وهي أمور رصدتها «قاسيون» خلال متابعة طويلة لملف توزيع المساعدات الإغاثية في الحسكة.

ويأمل سكان المحافظة الشاسعة، أن تساهم تلك الخطوات في إعادة الأمور إلى نصابها، من خلال العمل بشكل جدي يتلائم مع ظروف المحافظة التي تعيش في حالة حصار يفصلها عن مناطق الداخل السوري، ويسهم في تحقيق العدالة بتوزيع السلال الغذائية وغيرها من المواد الإغاثية لمن هم بحاجة فعلية لها.

وتسهم مثل تلك الخطوات لو وجدت سبيلها إلى التطبيق، في تعزيز صورة مؤسسات الدولة، لاسيما وأنها تفقد الثقة من المواطن يوماً بعد آخر، ولا تجد حتى بعض الخطوات الإيجابية التي تنفذها صدى بين الناس، كما جرى قبل أيام عندما تم صرف 31 مليون ليرة كتعويضات لممتلكات 190 أسرة متضررة من جراء الأزمة السورية.

صور من الواقع

رصدت «قاسيون» خلال جولة على مراكز التوزيع في مدينة القامشلي، عدة صور سلبية تشوب عملية التوزيع، من بينها الازدحام الكبير أمام مقار الجمعيات، بحيث تقف الأسر المحتاجة منذ الصباح الباكر في مشهد بات مألوفاً لساكني المناطق القريبة من تلك الجمعيات.

ويمكن بكل بساطة، الاستعانة ببعض موظفي التوزيع لتجاوز الدور أو حتى إيصال السلة الغذائية إلى مقر إقامة المستحق لها، من خلال دفع تعريفة تختلف من مقر لآخر وتتراوح بين 500 وألف ليرة.

كما يمكن ملاحظة كمية لا بأس بها من المواد الغذائية الخاصة بالإغاثة وغير المخصصة للبيع، في الأسواق وبأسعار معقولة تقل عن سعرها الحقيقي، في مؤشر واضح على أن هناك ممن يستلمون تلك المواد يبيعونها لأنهم ليسوا بحاجة لها.

ويقول موظف مسؤول عن توزيع المواد الإغاثية في أحد المراكز متحدثاً لـ «قاسيون»، إن بعض الأسر النازحة تبيع العدس غير المجروش لأنها لا تعرف أن تطبخه، لتشتري مكانه عدساً مجروشاً اعتادت عليه في مناطق الريف، لكنه لايملك تبريراً لباقي المواد الإغاثية التي تباع علناً في الأسواق وبينها الطحين والرز والمعلبات وغيرها.

وعلق مسؤول في برنامج الغذاء العالمي مشترطاً عدم ذكر اسمه، «بالنسبة للمنظمات الأممية التي تقدم مواد إغاثية إلى البلاد، ولا يسمح لها بالتدخل في عملية التسجيل والتدقيق والتوزيع، فإنها راضية طالما أن نسبة كبيرة من السلال الغذائية تصل للمحتاجين، مقابل نسبة أقل ربما غير محتاجة».