من الذاكرة: ماهية الحل السوري

منذ كنا صغاراً، اختزنت ذاكراتنا الكثير من أخبارٍ سمعناها من الكبار الذين عاشوا مرحلة الاحتلال الفرنسي الغاشم، والانتفاضات الشعبية والثورات الوطنية في وجه تسلطه وقمعه واستغلاله.

فقد نصّب المحتل صنائعه حكاماً للدولة ومنهم على سبيل المثال الشيخ تاج الحسيني الذي عيّن رئيساً للجمهورية السورية عام 1928، ونظراً لتماديه في العمالة نزل الناس إلى الشوارع يهتفون: ((شيخ تاج يا بومة.. يا بو اللفة المبرومة 

عطيني شعرة من دقنك.. لخيّط هالبيتونه)).

وحين رفع الحاكم سعر رطل الخبز (2.5 كغ)  من سبعة وعشرين قرشاً ونصف إلى ثلاثين قرشاً، انتفض الشعب في مظاهرات عارمة تهتف: ((جوعانين جوعانين... رطل الخبز بتلاتين))، مما أجبر الحاكم على إعادة السعر إلى ما كان عليه، حينها شاع القول المأثور ((شر البلية ما يضحك)) هذا في الأمس البعيد والقريب، أما اليوم وفي أتون العنف والقتال والخراب والآلام، فيعود هذا القول إلى التداول بقوة، ولكن مع إبدال ((ما يضحك)) بـ ((ما يصرع))، وقد شرح القاموس معنى مادة ((صرع)) فقال: (صرعه يصرعه صرعاً ومصرعاً : طرحه على الأرض، وصُرع فلانٌ أصابه الصرعُ، والصرع علة عصبيةُ مزمنة تتميز بنوبات غيبوبة أو تشنجات، أو كليهما، ويصاحبها في الأدوار الأخيرة اضطراب عقلي!).

وفي واقع الأمر فإن الكارثة التي تستنزف شعبنا بلغت حدوداً فاقت كل التصورات، وهي تنذر بأفدح العواقب إن استمرت.

وبعيداً كل البعد عن تهافت التنظير والمنظرين وبالتزام حي وأمين بقضايا الشعب والوطن، يبرز بشكل أوضح فأوضح الخط السياسي لحزب الإرادة الشعبية المنطلق أصلاً من القناعة بأن الرائد لا يكذب أهله، هذا الخط الذي تقوم به صحيفة قاسيون كوسيلة موثقة بإيصاله إلى أوسع أوساط الجماهير: بأن خروج سورية من الأزمة الراهنة يأتي من ملاقاة استحقاقات المصالح العميقة للشعب السوري المتمثلة اليوم في المهمة الوطنية الثلاثية رقم (1) وهي أولاً إنهاء الكارثة الإنسانية، وأولاً إنجاز التغيير الوطني الديمقراطي الجذري والعميق والشامل، وأولاً مكافحة الإرهاب...

إن الساحة تنتظر الرواد!