مزارعو الساحل يصرخون فهل من مجيب..!؟

مزارعو الساحل يصرخون فهل من مجيب..!؟

ما تزال الأزمة السورية الطاحنة تسبب نزف المزيد من الدماء في هذا الوطن الجريح، وتقود السوريين إلى المجهول، ولعل أكثر الطبقات الاجتماعية التي تضررت منها هم الفلاحون على اختلاف مشاربهم..

خاصة أن الجميع يعرف أن الفلاح هو الفدائي الذي يعمل في هذه الأرض الطيبة، وفي هذه الظروف الصعبة، لكي يقدم الغذاء إلى باقي السوريين المحاصرين بالموت من كل الجهات وفي أيّ لحظة.. ومن ذلك الغلاء الفاحش، الذي يفتك بالغالبية الساحقة من السوريين.  والكل أصبح يعرف أنه لم ينج من هذه الأزمة الطاحنة، إلاّ كبار الفاسدين وتجار الأزمة والحرامية واللصوص من كل شاكلة ولون... بينما يرزح الشعب كله تحت وطأة الفقر والعوز والغلاء الفاحش الذي يجتاح كل مناحي الحياة..
مزارعو الساحل
أحد ضحايا الأزمة المستمرة..!
للإنصاف نقول: إن مزارعي الساحل لم يتأثروا في الثلاث السنوات الأولى من الأزمة، لأسباب كثيرة، فالكل يعرف أنه رغم ارتفاع أسعار المواد الزراعية أكثر من ثلاثة أضعاف، مثل: النايلون الخاص بالبيوت البلاستيكية المحمية للخضروات، وكذلك الأسمدة والبذار وشتلات البندورة والأدوية الزراعية، إلاّ أنّ أسعار الخضار والفواكه ارتفعت أيضاً ثلاثة أضعاف، خاصة في السنوات الثلاث الأولى للأزمة المستمرة، وبالتالي بقي وضع مزارعي الساحل متوازناً ومستقرا نسبياً، نتيجة استقرار الوضع الأمني من جهة، ومن جهةٍ أخرى، إمكانية تصريف الإنتاج وتسويقه، بعد خروج سهول الغاب وحوران والغوطة بغالبيتها من الإنتاج الزراعي، لكونها مناطق متوترة، وتعيش الأزمة بكل جوانبها وتفاعلاتها المادية والبشرية كخروج الأراضي الزراعية من الإنتاج، وانخراط شباب هذه المناطق مع المجموعات المسلحة من كل شاكلة ولون، بسبب البطالة والإغراءات المادية التي قدمت لهم.
«داعش» وتجار الأزمة:
وجهان لعملة واحدة..!
لكن معاناة مزارعي الساحل ازدادت مؤخراً، وانعكس ذلك بشكل كارثي على إنتاجهم الزراعي ولقمة عيشهم، بسبب تحكم تجار الأزمة وجشعهم، والقرارات الحكومية التعسفية بـ (رفع أسعار المحروقات والأسمدة)، وانعدام الاستقرار والأمن، بعد محاولات المسلحين التكفيريين اجتياح المنطقة.
وهذا الواقع الجديد دفع بالكثير من المزارعين إلى الحديث عن ممارسات تجار الأزمة، من السماسرة في سوق الهال، وأصحاب الصيدليات الزراعية، التي تؤكد أن هؤلاء الفاسدين وتنظيم «داعش» وجهان لعملة واحدة.
تراجع التصدير بنسبة 80%
لقد حدثت كارثة لمزارعي الساحل هذا العام، عندما تراجع تصدير المواد الزراعية إلى العراق إلى أكثر من 80%، وذلك بسبب سيطرة تنظيم «داعش»الإرهابي على الحدود السورية- العراقية، وقيامه بممارسات إرهابية تمثلت بمنع الكثير من المرور، وفرض مبالغ طائلة على الآخرين ممن يسمحون لهم بالمرور، مما سبب خسائر طائلة للمزارعين، إضافة إلى تلاعب كبار التجار بأسعار المواد الزراعية مثل (النايلون والبندورة والأدوية الزراعية).
قرارات حكومية مدمرة!
بعد كل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها المزارعون، جاءت قرارات الحكومة بزيادة أسعار المحروقات والأسمدة الكيماوية إلى الضعف لتزيد الطين بلة، فلا يكفي أن التجار يأكلون البيضة وقشرتها حتى جاءت قرارات الحكومة لتخرب ما تبقى من إنتاج، وتأخذ كل أمل من مستقبل المزارعين، وحتى جعلهم يصرخون فهل من مجيب..؟
التجار يتحكمون بالثروة
أما الشق الثاني من الإنتاج الزراعي وهو الثروة الحيوانية، لم يكن أحسن حالاً، فقد اشتكى مربو المواشي والدجاج من التجار، المرتبطين بالفاسدين الكبار والذين يوفرون لهم الحماية فهم يحصلون على العلف المدعوم من الدولة، عن طريق عمليات فساد فاضحة، ويتم فيها بيع كميات كبيرة من العلف لهم، عن طريق وسطاء، يقبضون أموالاً طائلة، ثم يقومون باحتكارها وبيعها لهم من جديد بأسعارٍ مضاعفة، ويضطر المربون لشرائها منهم وذلك بعد فقدانها من الأسواق..
ويتساءل المزارعون: لماذا لا يحاسب التجار، والفاسدون الكبار، لإنقاذ ما تبقى من إنتاج زراعي، ولضمان حقوق المزارعين، وتوفير الغذاء للشعب..؟